الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ إِذْ أَوْحَيْنَآ إِلَىٰ أُمِّكَ مَا يُوحَىٰ } * { أَنِ ٱقْذِفِيهِ فِي ٱلتَّابُوتِ فَٱقْذِفِيهِ فِي ٱلْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ ٱلْيَمُّ بِٱلسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِّي وَعَدُوٌّ لَّهُ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِّنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَىٰ عَيْنِيۤ } * { إِذْ تَمْشِيۤ أُخْتُكَ فَتَقُولُ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَىٰ مَن يَكْفُلُهُ فَرَجَعْنَاكَ إِلَىٰ أُمِّكَ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُها وَلاَ تَحْزَنَ وَقَتَلْتَ نَفْساً فَنَجَّيْنَاكَ مِنَ ٱلْغَمِّ وَفَتَنَّاكَ فُتُوناً فَلَبِثْتَ سِنِينَ فِيۤ أَهْلِ مَدْيَنَ ثُمَّ جِئْتَ عَلَىٰ قَدَرٍ يٰمُوسَىٰ } * { وَٱصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي } * { ٱذْهَبْ أَنتَ وَأَخُوكَ بِآيَاتِي وَلاَ تَنِيَا فِي ذِكْرِي } * { ٱذْهَبَآ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَىٰ } * { فَقُولاَ لَهُ قَوْلاً لَّيِّناً لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَىٰ } * { قَالاَ رَبَّنَآ إِنَّنَا نَخَافُ أَن يَفْرُطَ عَلَيْنَآ أَوْ أَن يَطْغَىٰ } * { قَالَ لاَ تَخَافَآ إِنَّنِي مَعَكُمَآ أَسْمَعُ وَأَرَىٰ } * { فَأْتِيَاهُ فَقُولاۤ إِنَّا رَسُولاَ رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ وَلاَ تُعَذِّبْهُمْ قَدْ جِئْنَاكَ بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكَ وَٱلسَّلاَمُ عَلَىٰ مَنِ ٱتَّبَعَ ٱلْهُدَىٰ } * { إِنَّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنَآ أَنَّ ٱلْعَذَابَ عَلَىٰ مَن كَذَّبَ وَتَوَلَّىٰ } * { قَالَ فَمَن رَّبُّكُمَا يٰمُوسَىٰ } * { قَالَ رَبُّنَا ٱلَّذِيۤ أَعْطَىٰ كُلَّ شَيءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَىٰ } * { قَالَ فَمَا بَالُ ٱلْقُرُونِ ٱلأُولَىٰ }

وقت { إِذْ أَوْحَيْنَآ } وألهمنا { إِلَىٰ } قلب { أُمِّكَ مَا يُوحَىٰ } [طه: 38] وما يُلهم عند نزول البلاء لنجاة الأحياء وخلاصهم عن ورطة الهلاك، وذلك حين إحاطة شَرَطة فرعون المأمورين بقتل أبناء بني إسرائيل على بيت أمك؛ ليقتلوك ظلماً، فاضطربت أمك، وآيست من حياتك.

فألهمناها حينئذٍ: { أَنِ ٱقْذِفِيهِ } واطرحيه { فِي ٱلتَّابُوتِ } المصنوع من الخشب فاتَّخَذتْ تابوتاً ووضعتْك فيها، ثم ألهمناها ثانياً إذا وضعت فيه، توكلي على خالقه وحافظه وفوضي أمره إليه { فَٱقْذِفِيهِ فِي ٱلْيَمِّ } يعني: النيل، ولا تخافي من غرفة { فَلْيُلْقِهِ ٱلْيَمُّ بِٱلسَّاحِلِ } ألبتة؛ إذ من عادة الماء إلقاءُ ما فيه إلى جانبه، فإذا قرب من الساحل ورآه الناس { يَأْخُذْهُ } ويأمره بأخذه { عَدُوٌّ لِّي } يعني: فرعون المفرط بدعوى الإلهية لنفسه { وَعَدُوٌّ لَّهُ } يعني: الوليد، أو هو من أبناء بني إسرائيل، وهو عدوُ لهم بل هو سبب عداوة جميعهم في الحقيقة.

{ وَ } بعدما أمر عدوك بأخذك والتقاطك من البحر { أَلْقَيْتُ } من كمال قدرتي ووفور حولي وقوتي في نفس فرعون وزوجته آسية - رضي الله عنها - وأهل بيته { عَلَيْكَ } أي: على حفظِك وحضانتِك يا موسى { مَحَبَّةً } في قلوبهم مع شدة عداوتهم معك، وكانت تلك المحبة صادرةُ { مِّنِّي } فظاهرهم حفظاً لك وإظهاراً لكمال قدرتي بأن أربيك في يد عدوك؛ لتكون سبباً لهلاكه { وَ } إنما القيتُ في قلوبهم المحبة مني { لِتُصْنَعَ } ولتربى أنت وإن كنت بيدَي العدو ظاهراً { عَلَىٰ عَيْنِيۤ } [طه: 39] أي: أعيان أوصافي وأسمائي؛ إذ الكل مظاهر ذاتي وأوصافي وأسمائي.

ومع إلقاء كمال المحبة والمودة مني في قلوبهم لحفظك وحضانتك، راعيتُ جانب أمك { إِذْ تَمْشِيۤ أُخْتُكَ } مريم حين طلبوا لك مرضعةً بعدما أخروجك من البحر { فَتَقُولُ } لهم على سبيل الوساطة والدلالة: { هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَىٰ مَن يَكْفُلُهُ } ويرضعه مع أنهم أحضروا كثيراً من مرضعات البلد عندك لم تممص انت ثديهن؛ إذ حرمنا عليك المراضع إنجازاً لما وعدنا على أمك، فقبلوا منها قولها، فطلبوا أمك، فأرضعتك فاستطابوا وأجروها لإرضاعك.

وبالجملة: { فَرَجَعْنَاكَ إِلَىٰ أُمِّكَ } امتناناً لك بأن تحفظ أمك، ولأمّك أيضاً { كَيْ تَقَرَّ } وتنوّر { عَيْنُها } بمشاهتدك بعدما ذهب نور عينها بفمارقتك.

{ وَ } بالجملة: { لاَ تَحْزَنَ } يا موسى في حالٍ من الأحوال، فأنا رقيبك من جميع ما يضرك ويؤذيك، ومعينك وناصرك على جميع ما أمرتك { وَ } اذكر أيضاً امتناناً عليك وتذكر أيضاً وقت إذ { قَتَلْتَ نَفْساً } أي: شخصاً من آل فرعون، فهمُّوا بقتلك قصاصاً، وخفتَ منهم ومن العقوبة الأخروية أيضاً؛ لأنك قتلت نفساً بلا رخصةٍ شرعيةٍ، وتحزنتَ لشناعة فعلك وخوف عدوك حزناً شديداً { فَنَجَّيْنَاكَ مِنَ ٱلْغَمِّ } وأزلنا حزنك الأخرويَ بقبول توبتك ورجوعك عن فعلك نادماً مخلصاً، والدنيويَ بإخراجك عن يارهم وإبعادك عنهم.

السابقالتالي
2 3