الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ وَأَنَا ٱخْتَرْتُكَ فَٱسْتَمِعْ لِمَا يُوحَىۤ } * { إِنَّنِيۤ أَنَا ٱللَّهُ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاۤ أَنَاْ فَٱعْبُدْنِي وَأَقِمِ ٱلصَّلاَةَ لِذِكْرِيۤ } * { إِنَّ ٱلسَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَىٰ } * { فَلاَ يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَن لاَّ يُؤْمِنُ بِهَا وَٱتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَىٰ } * { وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يٰمُوسَىٰ } * { قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَىٰ غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَىٰ } * { قَالَ أَلْقِهَا يٰمُوسَىٰ } * { فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَىٰ } * { قَالَ خُذْهَا وَلاَ تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا ٱلأُولَىٰ } * { وَٱضْمُمْ يَدَكَ إِلَىٰ جَنَاحِكَ تَخْرُجْ بَيْضَآءَ مِنْ غَيْرِ سُوۤءٍ آيَةً أُخْرَىٰ } * { لِنُرِيَكَ مِنْ آيَاتِنَا ٱلْكُبْرَىٰ } * { ٱذْهَبْ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَىٰ } * { قَالَ رَبِّ ٱشْرَحْ لِي صَدْرِي } * { وَيَسِّرْ لِيۤ أَمْرِي } * { وَٱحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي } * { يَفْقَهُواْ قَوْلِي } * { وَٱجْعَل لِّي وَزِيراً مِّنْ أَهْلِي } * { هَارُونَ أَخِي } * { ٱشْدُدْ بِهِ أَزْرِي } * { وَأَشْرِكْهُ فِيۤ أَمْرِي } * { كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيراً } * { وَنَذْكُرَكَ كَثِيراً } * { إِنَّكَ كُنتَ بِنَا بَصِيراً } * { قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يٰمُوسَىٰ } * { وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ مَرَّةً أُخْرَىٰ }

{ وَ } بعد وصولك إلى مقام الكشف والشهود { أَنَا ٱخْتَرْتُكَ } أي: اصطفيتك من المكاشفين من أرباب الولاية للتكميل والرسالة على الناس النسين التوجه إلى بحر الحقيقة، فعليك التوجه إلى الإهداء والتجنب عن الميل إلى الهوى { فَٱسْتَمِعْ } أي: اقتصر في تكميلك ورسالتك { لِمَا يُوحَىۤ } [طه: 13] إليك من مقام عظيم جودنا، ولا تلتفت إلى الأهواء الفاسدة، حتى لا تضف أنت، ولا تضلهم عن السبيل، فبلّغ إلى الناس نيابة عني: { إِنَّنِيۤ أَنَا ٱللَّهُ } الواحد الأحد المحيط بجميع مراتب الأسماء { لاۤ إِلَـٰهَ } أي: لا جامع لجميع المراتب { إِلاۤ أَنَاْ } الجامعُ لجميعها، المستحق للإطاعة والانقياد { فَٱعْبُدْنِي } أنت حق عبادتي؛ أي: أحسن الأدب معي، وتخلَّق بأخلاقي { وَأَقِمِ ٱلصَّلاَةَ } أي: دوام الميل بجميع الأعضاء والجوارح { لِذِكْرِيۤ } [طه: 14] أي: توجه نحوي بجميع أعضائك وجوارحك لتذكرَني بها وتشكرَني بجميعها، حتى أنكشف لك من كلٍ منها بحيث كنتُ سمعك وبصرك وبدنك ورجلك، إلى غير ذلك من جوارحك حتى قامت قيامتُك الكبرى، وقمتَ بين يدي المولى، وتمكنتَ في جنة المأوى، عند سدرة المنتهى، التي يرتقي وينتهي إليها عروجك في الصعود والارتقاء.

ثم قال سبحانه تعليماً لعباده، وحثاً لهم على طلب الانكشاف التام: { إِنَّ ٱلسَّاعَةَ } أي: ساعة الانكشاف التام على الذي لم يبق معه الطلب كانكشافك يا موسى { آتِيَةٌ } حاصلةً لكل أحدٍ من الناس دائماً في كل آنٍ، لكن { أَكَادُ أُخْفِيهَا } أي: أُخفي ظهورها لهم { لِتُجْزَىٰ } أي: لتتمكن { كُلُّ نَفْسٍ } بمرتبةٍ من المراتب الإلهية { بِمَا تَسْعَىٰ } [طه: 15] أي: بسبب ما تجتهد فيه، وتكتسب من امتثال الأوامر، واجتناب النواهي الجارية على ألسنة الرسل؛ يبطل سر التكليف والتشريع.

وإذا كان الأمر كذلك { فَلاَ يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا } أي: فلا يصرفك عن الأم بالانكشاف التام إعراضُ { مَن لاَّ يُؤْمِنُ بِهَا } تقليداً، حتى يطلبها تحقيقاً، بل أنكرها وأعرضَ عنها { وَٱتَّبَعَ هَوَاهُ } المضلةُ في تيه الغفلة والحرمان { فَتَرْدَىٰ } [طه: 16] فتهلك بداء الجهل والخذلان.

وإذ اخترناك للرسالة العامة، وهبنا لك شاهداً أصدق على دعواك الرسالة؛ لذلك سألناك أولاً بقولنا { وَمَا تِلْكَ } الخشيةُ التي حملتَها { بِيَمِينِكَ يٰمُوسَىٰ } [طن: 17] المستكشفُ على حقائق الأشياء؛ يعني: هل تعرف فوائدها وما تترتب عليها، وما تؤول هي عليها، أم لا؟.

{ قَالَ } موسى على مقتضى علمه بها: { هِيَ } أي: هذه الخشبة { عَصَايَ } أستعينُ بها في بعض الأمور، وإذا عييتُ وتعبتُ { أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَ } إذا احتجت إلى هشِّ الورق، وإسقاطه من الشجر لرعي الغنم { أَهُشُّ } وأُسط { بِهَا } ليكون علفاً { عَلَىٰ غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا } غير ذلك { مَآرِبُ أُخْرَىٰ } [طه: 18] من الاستظلال، ودفع الهوام، مقاتلة العدو إلى غير ذلك.

{ قَالَ أَلْقِهَا يٰمُوسَىٰ } [طه: 19] حتى تشهد آيتنا الكبرى { فَأَلْقَاهَا } امتثالاً للأمر الإلهي { فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَىٰ } [طه: 20] تشمي علي بطنها كسائر الحيات، فخاف وموسى منها، وتضيق صدره من قلة رسوخه وعدم تمرنه بابتلاءات الله واختباراته؛ لأنه كان في أوائل حاله.

السابقالتالي
2