الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ طه } * { مَآ أَنَزَلْنَا عَلَيْكَ ٱلْقُرْآنَ لِتَشْقَىٰ } * { إِلاَّ تَذْكِرَةً لِّمَن يَخْشَىٰ } * { تَنزِيلاً مِّمَّنْ خَلَقَ ٱلأَرْضَ وَٱلسَّمَٰوَٰتِ ٱلْعُلَى } * { ٱلرَّحْمَـٰنُ عَلَى ٱلْعَرْشِ ٱسْتَوَىٰ } * { لَهُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ ٱلثَّرَىٰ } * { وَإِن تَجْهَرْ بِٱلْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ ٱلسِّرَّ وَأَخْفَى } * { ٱللَّهُ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ لَهُ ٱلأَسْمَآءُ ٱلْحُسْنَىٰ } * { وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَىٰ } * { إِذْ رَأَى نَاراً فَقَالَ لأَهْلِهِ ٱمْكُثُوۤاْ إِنِّيۤ آنَسْتُ نَاراً لَّعَلِّيۤ آتِيكُمْ مِّنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى ٱلنَّارِ هُدًى } * { فَلَمَّآ أَتَاهَا نُودِيَ يٰمُوسَىٰ } * { إِنِّيۤ أَنَاْ رَبُّكَ فَٱخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِٱلْوَادِ ٱلْمُقَدَّسِ طُوًى }

{ طه } [طه: 1] طالب الهدياة العامة على كافرة البرايا.

{ مَآ أَنَزَلْنَا } من مقام إرشادنا وتكملينا { عَلَيْكَ } أيها المتوجهُ إلى السعادة الأبدية، المعِرضُ عن الشقاوة { ٱلْقُرْآنَ } الفرقانَ بين الهداية والضلالة، والسعادة والشقاوة { لِتَشْقَىٰ } [طه: 2] أي: لتكون شقياً بنزوله بعدما كنت سعيداً قبله كما توهمه الكفار.

بل ما أنزلناه { إِلاَّ تَذْكِرَةً } للسعادة العظمة لك ولمن تبعك، لا لكل أحدٍ مهم بل { لِّمَن يَخْشَىٰ } [طه: 3] من إنذاراته وتخويفاته، وامتثل بأوامره، واجتنب عن نواهيه؛ إذ أنزل القرآن عليك من عموم رحمتنا على كافة الخلق.

لذلك نزلناه { تَنزِيلاً مِّمَّنْ } أي: من سامنا الذي بواسطته { خَلَقَ ٱلأَرْضَ } أي: أوجدنا العالم السفلي { وَٱلسَّمَٰوَٰتِ ٱلْعُلَى } [طه: 4] أي: العالم العلوي، وذلك السام هو { ٱلرَّحْمَـٰنُ } الذي ظهر واستقر بالرحمة العامة { عَلَى ٱلْعَرْشِ } أي: على عروش الذرائر، بحيث لا يخرج عن حيطة علمه ذرةُ من الذرات، بل { ٱسْتَوَىٰ } [طه: 5]. على جميعها

إذ { لَهُ } الاستيلاءُ والإحاطةُ التامةُ على { مَا } ظهر { فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَ } على { مَا } ظهر { فِي ٱلأَرْضِ } من الكائنات والفاسدات { وَ } كذا على { مَا } ظهر { بَيْنَهُمَا } من الأمور الكائنة فيها { وَ } كذا { مَا } هو كائنُ وسيكون { تَحْتَ ٱلثَّرَىٰ } [طه: 6].

هذا باعتبار ظهوره واستيلائه على الآفاق الخارجة عنك { وَ } أما ظهوره واستيلاؤه على نفسك، فإنه يستولي على ذاتك وأفعالك وأقوالك؛ بحيث { إِن تَجْهَرْ بِٱلْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ } القولَ بالجهر منك، الذي تعلمه أنت أيضاً وغيرك، بل { ٱلسِّرَّ } الذي لا يعلمه غيرك { وَأَخْفَى } [طه: 7] من السرِّ الذي لا تعلمه أنت أيضاً من مقتضيات استعداداتك قبل الخطور ببالك.

وإذا كان الحق محيطاً ومستولياً على عروش ما ظهر وما بطن، فلا يكون الموجود الثابت إلا { ٱللَّهُ } أي: مسمى هذا الاسم الجامع جميع مراتب العالم بحيث لا يخرج عن حيطته شيء أصلاً؛ إذ { لاۤ إِلَـٰهَ } أي: لا موجوداً { إِلاَّ هُوَ } أي: هذا المسمى الذي لا تعدد فيه أصلاً، فيكون أحداً صمداً فرداً وتراً، لم يتخذ صاحبةً ولا ولداً.

غايةُ ما في الباب أن { لَهُ } أي: لهذا المسمى { ٱلأَسْمَآءُ ٱلْحُسْنَىٰ } [طه: 8] الكليةُ التي جزئياتها لا تُعدُّ ولا تُحصى، وباختلاف الأسماء، اختلفت الظهورات والتجليات عن المسمى.

وكما نبهناك يا أكمل الرسل على ظهورنا في الكائنات مجملاً، نبَّهناك عليها مفصلاً { وَ } ذلك أنه { هَلْ أَتَاكَ } أي: قد ثبت و تحقق عندك الكليم { حَدِيثُ مُوسَىٰ } [طه: 9] أي: قصةُ انكشافه من النار التي احتاج إليها هو وأهله في الليلة الشاتية المظلمة، وقت { إِذْ رَأَى نَاراً } مطلوبةً لدفع البرودة، ولوجدان الطريق في الظلمة { فَقَالَ لأَهْلِهِ } المحتاجين إليها في تلك الليلة: { ٱمْكُثُوۤاْ إِنِّيۤ آنَسْتُ نَاراً لَّعَلِّيۤ } أو أنس عندها مع إنسان استخبره عن الطريق، وحين رجوعي إليكم { آتِيكُمْ مِّنْهَا بِقَبَسٍ } تتصطلون به { أَوْ } أتخذ منها سراجاً { أَجِدُ عَلَى ٱلنَّارِ } اي: مع السراج المسرجة منها { هُدًى } [طه: 10] طريقاً موصلاً إلى مطلوبنا.

السابقالتالي
2