الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ وَلَقَدْ جَآءَكُمْ مُّوسَىٰ بِٱلْبَيِّنَاتِ ثُمَّ ٱتَّخَذْتُمُ ٱلْعِجْلَ مِن بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ } * { وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ ٱلطُّورَ خُذُواْ مَآ ءَاتَيْنَٰكُم بِقُوَّةٍ وَٱسْمَعُواْ قَالُواْ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَأُشْرِبُواْ فِي قُلُوبِهِمُ ٱلْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُّؤْمِنِينَ } * { قُلْ إِن كَانَتْ لَكُمُ ٱلدَّارُ ٱلآخِرَةُ عِندَ ٱللَّهِ خَالِصَةً مِّن دُونِ ٱلنَّاسِ فَتَمَنَّوُاْ ٱلْمَوْتَ إِن كُنْتُمْ صَادِقِينَ } * { وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَداً بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ بِٱلظَّالِمينَ } * { وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ ٱلنَّاسِ عَلَىٰ حَيَاةٍ وَمِنَ ٱلَّذِينَ أَشْرَكُواْ يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ ٱلْعَذَابِ أَن يُعَمَّرَ وَٱللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ } * { قُلْ مَن كَانَ عَدُوّاً لِّجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَىٰ قَلْبِكَ بِإِذْنِ ٱللَّهِ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ } * { مَن كَانَ عَدُوّاً للَّهِ وَمَلاۤئِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَٰلَ فَإِنَّ ٱللَّهَ عَدُوٌّ لِّلْكَافِرِينَ } * { وَلَقَدْ أَنْزَلْنَآ إِلَيْكَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَمَا يَكْفُرُ بِهَآ إِلاَّ ٱلْفَاسِقُونَ } * { أَوَكُلَّمَا عَاهَدُواْ عَهْداً نَّبَذَهُ فَرِيقٌ مِّنْهُم بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ }

{ وَلَقَدْ جَآءَكُمْ مُّوسَىٰ بِٱلْبَيِّنَاتِ } الواضحات المبينات في التوراة المبينات لطريق التوحيد والإيمان، فكذبتم موسى عليه السلام على جميع بيناته بالمرة { ثُمَّ ٱتَّخَذْتُمُ ٱلْعِجْلَ } ألهاً { مِن بَعْدِهِ } أي من بعد ما ذهب موسى إلى الطور للفوائد الأخر المتعلقة لتكميلكم { وَأَنْتُمْ } قوم { ظَالِمُونَ } [البقرة: 92] شأنكم العدول عن طريق الحق ومنهج الصواب.

{ وَ } إن أردت يا أكمل الرسل زيادة إلزامهم وإسكاتهم، اذكر لهم نيابة عنا وقت { إِذْ أَخَذْنَا } منكم أيها الناقضون لعهودنا والمنكرون لكتابنا { مِيثَاقَكُمْ } الذي واثقكم معنا ثم استثقلتموه وتركتموه { وَ } ألجأناكم على إيفائه بأن { رَفَعْنَا فَوْقَكُمُ ٱلطُّورَ } معلقاً وقلنا لكم استعلاءً وتجبراً { خُذُواْ } وامتثلوا { مَآ ءَاتَيْنَٰكُم } على نبيكم من الأوامر والنواهي { بِقُوَّةٍ } جدٍ واجتهادٍ { وَٱسْمَعُواْ } من المعارف والحقائق بسمع الرضا ونية الكشف { قَالُواْ } ظاهراً: { سَمِعْنَا } ما أمرتنا به { وَ } قالوا خفية: { عَصَيْنَا } عن الامتثال بها { وَ } سبب عصيانهم أنهم لدناءتهم وسخافة طبعهم { أُشْرِبُواْ } تداخلوا وتجبلوا وتطيبوا { فِي قُلُوبِهِمُ } التي هي محل الإيمان والتوحيد منازل العرفان واليقين { ٱلْعِجْلَ } أي: محبة العجل المسترذل والمستقبح المستحدث من حليهم ما هي إلا { بِكُفْرِهِمْ } بالله وبكتبه ورسله وحصرهم ظهرو الحق في مظهر مخصوص، ومع ذلك يدعون الإيمان بموسى { قُلْ } لهم يا أكمل الرسل تقريعاً لهم على وجه التعريض: { بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ } من إنكار كتب الله وتكذيب رسلهم وقتلهم بغير حق واعتقادهم الشريك لله { إِنْ كُنْتُمْ } صادقين في كونكم { مُّؤْمِنِينَ } [البقرة: 93].

ثم لما اشتهر بين الناس قولهم: لن يدخل الجنة إلا من كان هوداً، وامتنع كثير من الناس القاصدين دين الإسلام وتغمم ضعفاء المسلمين أيضاً من هذا الكلام، أشار سبحانه إلى دفعه مخاطباً لرسوله معكم: { قُلْ } لهم نيابة عنا يا أكمل الرسل: { إِن كَانَتْ } محصورة مسلمة { لَكُمُ ٱلدَّارُ ٱلآخِرَةُ عِندَ ٱللَّهِ } التي هي منازل الشهداء والسعداء ومقام العرفاء والأمناء { خَالِصَةً } خاصة مخصوصة { مِّن دُونِ } شركة { ٱلنَّاسِ } المنسوبين إلى الأديان الأخر { فَتَمَنَّوُاْ } عن صميم القلب ومحض الرغبة { ٱلْمَوْتَ } المقرب لكم إليها والموصل إلى لذائذها، كما ينتمناه خلص المؤمنين بوحدانية الله في أكثر أوقاتهم.

قال المرتضى كرم الله وجهه: " لابن أبي طالب أشوق إلى الموت من الطفل بثدي أمه " ، وقال أيضاً: " لا أبالي سقطت على الموت أو سقط الموت عليَّ " ، وقال أيضاً:
أبربنا من كل خير وأرأف   جزى الله الموت عنا خيراً فإنه
ويداني إلى الدار التي هي أشرف   يعجل تخليص النفوس من الأذى
وقال عمار رضي الله عنه حين استشهد: " الآن ألقى الأحبة محمداً وصحبه " وأنتم أيضاً تمنون الموت المقرب { إِن كُنْتُمْ صَادِقِينَ } [البقرة: 94] في دعواكم.

{ وَ } الله { لَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَداً بِمَا قَدَّمَتْ } كسبت { أَيْدِيهِمْ } أنفسهم من الحرص وطول الأمل والاستلذاذ باللذات الحسية والوهمية من الجاه والمنزل والمكانة بين الناس، والاستكبار عليهم، ألا تراهم يتوجهون ويرجعون إلى الله عند نزول البلاء المشعر بتعجيل الموت المقرب استكشافاً، وإذا كشف ولو على ما هم عليه مدبرين؟! { وَٱللَّهُ } المحيط بسرائرهم وضمائرهم { عَلِيمٌ بِٱلظَّالِمينَ } [البقرة: 95] القائلين بأفواههم ما ليس في قلوبهم.

السابقالتالي
2