الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ سَوَآءٌ عَلَيْهِمْ ءَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ } * { خَتَمَ ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهمْ وَعَلَىٰ سَمْعِهِمْ وَعَلَىٰ أَبْصَٰرِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عظِيمٌ } * { وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِٱللَّهِ وَبِٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ } * { يُخَادِعُونَ ٱللَّهَ وَٱلَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنْفُسَهُم وَمَا يَشْعُرُونَ } * { فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ ٱللَّهُ مَرَضاً وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ }

ثم قال سبحانه جرياً، بل على مقتضى سنته من تعقيب الوعد بالوعيد: { إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } ستروا الحق وأعرضوا عنه، وأظهروا الباطل وأصروا عليه عناداً واستكباراً، لا ينفعهم إنذارك وعدمه بل { سَوَآءٌ عَلَيْهِمْ ءَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ } [البقرة: 6] بك وبكتابك؛ لأنهم هم.

{ خَتَمَ ٱللَّهُ } المحيط بذواتهم وأوصافهم وأفعالهم { عَلَىٰ قُلُوبِهمْ } لئلا يكونوا من أرباب المكاشفات { وَعَلَىٰ سَمْعِهِمْ } لئلا يكونوا من أصحاب المجاهدة { وَعَلَىٰ أَبْصَٰرِهِمْ } لئلا يكونوا من أرباب المشاهدة { غِشَاوَةٌ } ستر عظيم لا يمكنك رفعه بل { وَلَهُمْ عَذَابٌ عظِيمٌ } [البقرة: 7] هو عذاب الطرد والبعد؛ إذ لا عذاب أعظم منه، أولئك الأشقياء البعداء عن ساحة الحضور، هم الضالون في تيه الحرمان، الباقون في عظلمة الإمكان، أعاذنا الله من ذلك.

{ وَمِنَ ٱلنَّاسِ } الذين نسوا العهود السابقة التي عهدوا في الفطرة الأصلية { مَن يَقُولُ } قولاً لا يوافق اعتقادهم، وهو أنهم يقولون تلبيساً ونفاقاً: { آمَنَّا } أذعنا { بِٱللَّهِ } أي: الذي أنزل علينا الكتاب وإنك الرسول { وَ } وأيقنا { بِٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ } الموعود بجزاء الأعمال { وَ } الحال أنهم { مَا هُم بِمُؤْمِنِينَ } [البقرة: 8] موقنين بهما في بواطنهم، بل غرضهم من هذا التلبيس في زعمهم الفاسد أنهم:

{ يُخَادِعُونَ ٱللَّهَ } المحيط بجميع أحوالهم مخادعتهم مع آحاد الناس، تعالى عن ذلك { وَ } يخادعون الموحدين { ٱلَّذِينَ آمَنُوا } بإحاطة الله بتوفيقه وإلهامه؛ حفظاً لدمائهم وأموالهم منهم { وَ } هم { مَا يَخْدَعُونَ } بهذا الخداع { إِلاَّ أَنْفُسَهُم } لأن الله ومن هو في حمايته أجل من أن ينخدع منهم، فهم بهذا الخداع ما يخدعون إلا أنفسهم { وَمَا يَشْعُرُونَ } [البقرة: 9] بخداعهم؛ لأن:

{ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ } غطاء مختوم على قلوبهم لا ينكشف إلا بكتاب الله المنزل على رسوله صلى الله عليه وسلم، ولما لم يؤمنوا به ولم يلتفتوا إليه بل كذبوا رسوله المنزل عليهم { فَزَادَهُمُ ٱللَّهُ مَرَضاً } إحكاماً لختمه وتأكيداً لحكمه { وَلَهُم } في يوم الجزاء { عَذَابٌ } هو إبعادهم وطردهم عن ساحة عز الحضور { أَلِيمٌ } مؤلم بسبب تقريب المؤمنين إلى دار السرور جزاء { بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ } [البقرة: 10] ويقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم خداعاً.