الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ وَإِذْ قُلْنَا ٱدْخُلُواْ هَـٰذِهِ ٱلْقَرْيَةَ فَكُلُواْ مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَداً وَٱدْخُلُواْ ٱلْبَابَ سُجَّداً وَقُولُواْ حِطَّةٌ نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطَٰيَٰكُمْ وَسَنَزِيدُ ٱلْمُحْسِنِينَ } * { فَبَدَّلَ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ قَوْلاً غَيْرَ ٱلَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنزَلْنَا عَلَى ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ رِجْزاً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ } * { وَإِذِ ٱسْتَسْقَىٰ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا ٱضْرِب بِّعَصَاكَ ٱلْحَجَرَ فَٱنفَجَرَتْ مِنْهُ ٱثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْناً قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَّشْرَبَهُمْ كُلُواْ وَٱشْرَبُواْ مِن رِّزْقِ ٱللَّهِ وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي ٱلأَرْضِ مُفْسِدِينَ }

{ وَ } واذكروا ظلمكم أيضاً { إِذْ قُلْنَا } بعد خروجكم من التيه إشفاقاً لكم وامتناناً عليكم { ٱدْخُلُواْ هَـٰذِهِ ٱلْقَرْيَةَ } التي هي من منازل الأنبياْ والأولياء وهي بيت المقدس { فَكُلُواْ مِنْهَا } من مأكولاتها ومشروباتها { حَيْثُ شِئْتُمْ } بلا مزاحم ولا مخاصم { رَغَداً } واسعاً بلا خوف من السقم حتى يتقوى مزاجكم ويزول ضعفكم، وبعد تقويتكم المزاج بالنعم ارجعوا إلينا وتوجهوا نحو بيتنا التي فيها { وَٱدْخُلُواْ ٱلْبَابَ سُجَّداً } مذللين خاضعين، واضعين جباهكم ووجوهكم على الأرض، وعند سجودكم استغفروا ربكم من خطاياكم { وَقُولُواْ } رجاؤنا منك يا مولانا { حِطَّةٌ } أي: حط ما صدر عنا وجرى علينا من المعاصي والآثام، وإذا دخلتم كما أمرتم واستغفرتم كما علمتم { نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطَٰيَٰكُمْ } التي جئتم بها واستغفرتم لها { وَسَنَزِيدُ ٱلْمُحْسِنِينَ } [البقرة: 58] منكم، الذين لم يتجاوزوا الحد ولم يخالفوا الأمر الراضون الذي لا مرتبة أعلى منه.

ولما أمرناهم بالدخل على هذا الوجه، وعلمناهم طريق الدعاء والاستغفار خالف بعضهم المأمول ظلماً وتأويلاً { فَبَدَّلَ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ } بالخروج عن أمرنا، قولنا لهم لإصلاح حالهم { قَوْلاً } آخر لفظاً ومعنى { غَيْرَ ٱلَّذِي قِيلَ لَهُمْ } بأن أرادوا من اقول الملقى إليهم لفظاً آخر، ومعنى آخر برأيهم الفاسد وطبعهم الكاسد حطاً سمتاتاً؛ أي: حنطة حمراء، ولما لم يأتوا بالمأمور به ومع ذلك بدلوا إلى ما تهوى أنفسهم أخذناهم بها { فَأَنزَلْنَا عَلَى ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ } تنصيصاً عليهم وتخصيصاً لهم، لتعلم أن سبب أخذهم ظلمهم { رِجْزاً } طاعوناً نازلاً { مِّنَ ٱلسَّمَآءِ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ } [البقرة: 59] يخرجون عن حدود الله المنزلة من السماء بأنواع الفسوق والعصيان.

{ وَ } اذكروا أيضاً { إِذِ ٱسْتَسْقَىٰ مُوسَىٰ } وطلب السقي بإنزال المطر { لِقَوْمِهِ } حيث بثوا شكواهم عنده من شدة العطش في التيه { فَقُلْنَا } له مشيراً إلى ما يترقب من مطلوبه بل يستبعده: { ٱضْرِب } ولا تستعبد { بِّعَصَاكَ } التي استعنت بها في الأمور والوقائع { ٱلْحَجَرَ } الذي بين يديك فتفطن موسى بنور النبوة للأمر الوجوبي، فضربه دفعة { فَٱنفَجَرَتْ مِنْهُ } فجأة { ٱثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْناً } متمايزة منفردة كل منها عن صاحبتها بعدد رءوس الفرق الاثني عشر بحيث { قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ } من كل فرقة { مَّشْرَبَهُمْ } المعينة لهم دفعاً للتزاحم والتنازع، ثم أمرناكم بما ينفعكم ظاهراً وباطناً بأن قلنا لكم: { كُلُواْ وَٱشْرَبُواْ } مترفهين متنعمين { مِن رِّزْقِ ٱللَّهِ } الذي رزقكم من محض فضله ولطفه من حيث لا تحتسبون ونهيناكم عما يضركم صورة { وَ } معنى بأن قلنا لكم: { لاَ تَعْثَوْاْ } أي: لا تظهروا { فِي ٱلأَرْضِ } خيلاء متكبرين { مُفْسِدِينَ } [البقرة: 60] فيها بأنواع الفسادات منتهزين بها، وٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ } [لقمان: 18].