الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ يَٰقَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِٱتِّخَاذِكُمُ ٱلْعِجْلَ فَتُوبُوۤاْ إِلَىٰ بَارِئِكُمْ فَٱقْتُلُوۤاْ أَنفُسَكُمْ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِيمُ } * { وَإِذْ قُلْتُمْ يَٰمُوسَىٰ لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّىٰ نَرَى ٱللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ ٱلصَّٰعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنظُرُونَ } * { ثُمَّ بَعَثْنَٰكُم مِّن بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } * { وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ ٱلْغَمَامَ وَأَنزَلْنَا عَلَيْكُمُ ٱلْمَنَّ وَٱلسَّلْوَىٰ كُلُواْ مِن طَيِّبَٰتِ مَا رَزَقْنَٱكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَـٰكِن كَانُوۤاْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ }

{ وَ } ولما أنجزنا وعد موسى ورجع إلى قومه غضبان أسفاً اذكروا { إِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ } المؤمنين له والمعاهدين من بعد رجوعه عن الميقات والتورية: { يَٰقَوْمِ } الناقضون بعهدي، والمجاوزون لحدود الله { إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِٱتِّخَاذِكُمُ ٱلْعِجْلَ } إلهاً مستحقاً للعبودية { فَتُوبُوۤاْ } عن هذا الاعتقاد والاتخاذ، وارجعوا متذللين { إِلَىٰ بَارِئِكُمْ } الذي برأكم من المعدم ليبرأكم عن هذا الظلم، وإذا تبتم ورجعتم { فَٱقْتُلُوۤاْ أَنفُسَكُمْ } الأمارة بهذا الظلم، بأنوا الرياضات وترك المشتهيات والمستلذات، وقطع المألوفات وترك المستحسنات الملومين عليها بأنواع الملامات، حتى تكون مطمئنة بما فتنتم بها، راضية بجريان حكم القضاء، مرضية بالفناء بل فانية عن الفناء { ذَٰلِكُمْ } المشار إليه من الإنابة والرجوع وإبراء الذمة والإذلال بأنواع الرياضات والفناء المطلق أيضاً { خَيْرٌ لَّكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ } خالقكم الذي خلقكم للتوحيد والعرفان، وإذا تحقق إنابتكم وأخلاصكم فيها { فَتَابَ عَلَيْكُمْ } قبل توبتكم ورضي عنكم { إِنَّهُ هُوَ ٱلتَّوَّابُ } الرجاع للعباد إلى التوبة والإنابة { ٱلرَّحِيمُ } [البقرة: 54] لهم بقبول التوبة وإن عظمت زلتهم.

{ وَ } اذكروا أيضاً { إِذْ قُلْتُمْ } لموسى عند دعوتكم إلى الإيمان والهداية: { يَٰمُوسَىٰ } المدعي للرسالة، الداعي إلى الله بمجرد الإخبار { لَن نُّؤْمِنَ لَكَ } ولما جئت به من عند ربك { حَتَّىٰ نَرَى ٱللَّهَ } المرسل { جَهْرَةً } ظاهراً من غير حجاب كما يرى بعضنا بعضاً { فَأَخَذَتْكُمُ ٱلصَّٰعِقَةُ } النازلة من عين قهرنا وغضنا لإنكاركم ظهورنا الذي هو أظهر من الشمس، بل الشمس إنما هي لمعة من لمعات ذاتنا { وَأَنْتُمْ } حين ترونها { تَنظُرُونَ } [البقرة: 55] متحيرين والهين بلا تدبير وتصرف، إلى أن صرتم فانين مقهورين تحت قهرنا.

{ ثُمَّ بَعَثْنَٰكُم } أحييانكم وأنشأناكم بالتجلي اللطفي { مِّن بَعْدِ مَوْتِكُمْ } وفنائكم بالقهر والغصب امتناناً لكم { لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } [البقرة: 56] نعمة الوجود والحياة بد الموت، وتعتقدون الحشر والموعود به يوم الجزاء وتؤمنون بنه.

{ وَ } اذكروا أيضاً إذ { ظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ ٱلْغَمَامَ } يوم لا ظل إلا ظله، وأنتم تائهنن في التيه في الصيف، بأن سار معكم حيث شئتم، ولا يزول ظله عنكم { وَ } مع ذلك أنعمناكم فيها بأعظم من ذلك بأن { أَنزَلْنَا عَلَيْكُمُ } من جانب السماء { ٱلْمَنَّ } التي الترنجبين لسكن حرارتكم { وَ } أنزلنا لغذائكم { ٱلسَّلْوَىٰ } وهو السماني، أو مثله في النزول من جانب السماء، وأبحنا لكم تناولهما، ولا تكفروا بها بأن قلنا لكم: { كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ } من خصائص النعم واشكروا لها { وَمَا ظَلَمُونَا } بمنع المنافع ورد الفوائد { وَلَـٰكِن كَانُوۤاْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ } [البقرة: 57] من الفوائد العائدة لنفوسهم من ازدياد النعم في إدامة شكرنا، والتقرب إلينا في إقامة حدودنا.