الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ قُلْنَا ٱهْبِطُواْ مِنْهَا جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ } * { وَٱلَّذِينَ كَفَرواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَٰتِنَآ أُولَـٰئِكَ أَصْحَٰبُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَٰلِدُونَ } * { يَٰبَنِي إِسْرَائِيلَ ٱذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ ٱلَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُواْ بِعَهْدِيۤ أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّٰيَ فَٱرْهَبُونِ } * { وَآمِنُواْ بِمَآ أَنزَلْتُ مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَكُمْ وَلاَ تَكُونُوۤاْ أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَٰتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَإِيَّٰيَ فَٱتَّقُونِ } * { وَلاَ تَلْبِسُواْ ٱلْحَقَّ بِٱلْبَٰطِلِ وَتَكْتُمُواْ ٱلْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ }

ثم لما تلقناه الكلمات التي تاب بها وقبلنا عنه توبته، أخرجناه من اليأس والقنوط وأطمعناه الرجوع إلى الجنة بأن: { قُلْنَا } له ولذريته المتفرعة عليه، منبهين عليهم طريق الرجوع { ٱهْبِطُواْ } الزموا مكان الهبوط، واستقروا عليها حال كونكم خارجين { مِنْهَا جَمِيعاً } ومن الجنة، وترقبوا دخولها بإذن منا { فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم } أيها المترقبون { مِّنِّي } لا غيري { هُدًى } من وحي وإلهام، وهو علامة إذني ودليل رضاي برجوعكم { فَمَن تَبِعَ هُدَايَ } ومن رجع إلي به { فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ } في المراجعة إلى المقام الأصلي { وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ } [البقرة: 38] بعد رجوعهم إليها بل كما بدأكم تعودون.

{ وَٱلَّذِينَ } لم يرتبقوا الرجوع، ونسوا ما هم عليه في الجنة ولم يلتفتوا إلى الهدى المؤتى، و { كَفَرواْ } به وأنكروا له { وَكَذَّبُواْ } رسلنا الذين أتوا إياهم { بِآيَٰتِنَآ } دلائلنا الدالة على صدقهم من المعجزات الظاهرة، والآثار الباهرة { أُولَـٰئِكَ } الهابطون الناسون والموطن الأصلي والمقام الحقيقي، المستبدلون عن الجنة بعرض هذا الأدنى، والكافرون بطريق الحق، والمكذبون بمن يهديهم { أَصْحَٰبُ ٱلنَّارِ } التي هي معدن البعد والخذلان، ومنزل الطرد والحرمان { هُمْ } بسبب نسيانهم وتكذيبهم { فِيهَا خَٰلِدُونَ } [البقرة: 39] إلى ما شاء الله.

ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا، وهب لنا من لدنك رحمة، إنك أنت الوهاب.

ثم لما بين سبحانه وتعالى طريق الهداية والضلال، ونبه على جزاء كل منهما إجمالاً، أشار إلى تفصيله وتوضيحه من قصص القرون الماضية والأمم السالفة، ليتيقن المؤمنين منها ومن جملتها قصة ندائه تعالى بني إسرائيل أولاد يعقوب إسرائيل الله، مخاطباً لهم أمر تذكرهم بالنعم التي أنعمها عليهم؛ ليكونوا من الشاكرين لنعمه، الموفين بعهده بقوله:

{ يَٰبَنِي إِسْرَائِيلَ } المتنعمين بالنعم الكثيرة { ٱذْكُرُواْ } واشكروا { نِعْمَتِيَ ٱلَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ } وعلى من استخفلكم من أسلافكم { وَأَوْفُواْ } بعد اعتدادكم النعم على أنفسكم { بِعَهْدِيۤ } الذي عاهدتم معي من متابعة الهدى النازل مني على لسان الأنبياء { أُوفِ بِعَهْدِكُمْ } من إرجاعهم إلى المقام الأصلي الذي أنتم فيه قبل هبوطكم إلى طار المحن، وبعد رجوعكم إليه في النشأة الأخرى، لا يبقى لكم خوف من الأغيار، بل رهبة من سطوة سلطنتي { وَ } عند عروجها { إِيَّٰيَ } لا إلى غيري { فَٱرْهَبُونِ } [البقرة: 40] فارجعون؛ لأوانس معكم وأزيل رهبتكم.

{ وَ } علامة وفائكم بعهدي هي الإيمان { آمِنُواْ } على وجه الإخلاص والإيقان { بِمَآ أَنزَلْتُ } من فضلي على كل واحدٍ من رسلي بالقرآن المنزل على الحضرة الختمية الخاتمية، المؤيد بالدلائل القاطعة والحجج الساطعة والمعجزات الباهرة، والآيات الظاهرة مع كونه { مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَكُمْ } من الكتب المنزلة على الأنبياء الماضين، مشتملاً على ما فيها من الأحكام والقصص والمواعظ والحقائق مع لطائف أخر خلت عنها جميعها، وبعد ظهور المنزل به وادعاء من أنزل عليه الرسالة والإهداء { وَلاَ تَكُونُوۤاْ أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ } أي: لا تكونوا مبادرين على الكفر بالمهدي وما هدى به، بل كونوا أول من آمن به وصدق بما جاء به من عند ربه، فانتهزوا الفرصة للإيمان ولا تغفلوا عنه { وَ } بعد نزوله وظهوره { لاَ تَشْتَرُواْ } ولا تستبدلوا { بِآيَٰتِي } المنزلة على أنبيائي { ثَمَناً قَلِيلاً } من المزخرفات الفانية { وَ } إن عسر عليكم ترك هذا الاستبدالا لميل نفوسكم إليه بالطبع { إِيَّٰيَ } عند عروض ذلك { فَٱتَّقُونِ } [البقرة: 41] لأحفظكم عنه وأسهله عليكم.

السابقالتالي
2