الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ قَالَ يَآءَادَمُ أَنبِئْهُمْ بِأَسْمَآئِهِمْ فَلَمَّآ أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَآئِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَّكُمْ إِنِيۤ أَعْلَمُ غَيْبَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ } * { وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَٰئِكَةِ ٱسْجُدُواْ لأَدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَىٰ وَٱسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ ٱلْكَٰفِرِينَ } * { وَقُلْنَا يَآءَادَمُ ٱسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ ٱلْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَـٰذِهِ ٱلشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ ٱلْظَّٰلِمِينَ } * { فَأَزَلَّهُمَا ٱلشَّيْطَٰنُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا ٱهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي ٱلأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَٰعٌ إِلَىٰ حِينٍ } * { فَتَلَقَّىٰ ءَادَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَٰتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِيمُ }

ومتى اعترفوا بذنوبهم واعتذروا عن قصورهم وإجرامهم قبل الله عنهم عذرهم وتوبتهم، ثم أظهر عليهم الحكمة المقتضية لخلافة آدم - صلوات الله عليه - جبراً لانكسارهم ورفعاً لحجابهم وامتناناً عليهم حيث: { قَالَ يَآءَادَمُ } المستجمع لجميع الأسماء المتخالفة { أَنبِئْهُمْ } عن خبرةٍ وحضورٍ { بِأَسْمَآئِهِمْ } المركوزة في هويتك عن هؤلاء المسميات المسببات المعروضة عليك المعبرة عنها بالعالم، ثم لما سمع آدم نداء ربه بادر إلى الجواب بمقتضى الوحي والإلهام الإلهي { فَلَمَّآ أَنْبَأَهُمْ } بتوفيق الله وإلهامه ووحيه { بِأَسْمَآئِهِمْ } على التفصيل الذي أودعه الحق في ذاته؛ لأن المرأة تظهر جميع ما في الرائي، فلما سمعوا منه التفصيل واستخرجوا بإنبائه، وندموا عما صدر عنهم في حقه، وزادوا الاستحياء من الله وتوجهوا نحوه ساكتين نادمين حتى لطف معهم وأدركتهم الرحمة الواسعة، تكلم سبحانه معهم وخاطبهم مذكراً لهم عما جرى بينه وبينهم، ومستفهماً لهم على وجه التأديب؛ لئلا يصدر عنهم أمثاله ولئلا يغتروا بعلومهم ومعامالاتهم، ولا يستحقروا مظاهر الحق، ولا ينظروا إليها بعين الاحتقار بل بنظر الاعتبار، ولا يتوهم إخفاء شيء من علم الله المحيط بالأشياء إحاطة حضور حيث { قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَّكُمْ } إجمالاً أولاً: { إِنِيۤ أَعْلَمُ غَيْبَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ } أي: ما غاب عنهم في علم السماوات التي ادعيتم العلم بتفاصيل أحوالها { وَ } غيب { ٱلأَرْضِ } التي قلتم فيها كلاماً على التخمين وبحسب الظاهر { وَأَعْلَمُ } أيضاً { مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ } [البقرة: 33] تظهرون في حق آدم باللسان ودعوى الاستقلال فيها والانحصار عليها.

ثم لما اعترفوا بذنوبهم وقصورهم، وتضرعوا إلى الله نادمين تائبين عن اجترائهم ومجادلتهم معه مستحيين عنه وعمن استخلفه لنفسه - يعني آدم - بنسبة المكروهات إليه، خائبين عما نووا في نفوسهم من الأولوية في الاستحقاق، تقبل الله عذرهم وأسقط حقه عنهم، ثم أمر بسجودهم لمن استخلفه؛ استجلالاً معه وإيفاء لحقه ليسقط أيضاً عن ذمتهم، فقال: { وَإِذْ قُلْنَا } أي: واذكر يا أكمل الرسل وقت قولنا { لِلْمَلَٰئِكَةِ } النادمين عن الجراءة التي صدرت عنهم { ٱسْجُدُواْ لأَدَمَ } تذللوا وتواضعوا تكريماً لآدم وامتثالاً لأمرنا { فَسَجَدُواْ } مجتمعين متذللين واضعين جباههم على تراب المذلة والندامة { إِلاَّ إِبْلِيسَ } منهم { أَبَىٰ } وامتنع عن السجود { وَٱسْتَكْبَرَ } عن الانقياد له، وأصر على ما هو عليه من الجحود { وَكَانَ } بعدم ا لامتثال الأمر الوجوبي { مِنَ ٱلْكَٰفِرِينَ } [البقرة: 34] المطرودين عن ساحة عز الحضور.

والسر في استثنائه تعالى عن هذا الحكم وعدم توفيقه إياه وعدم اقتداره على السجود، أن يظهر سر الحضور والإظهار والربوبية والعبودية، وسر الإيمان والكفر والجنة والنار وجميع القيودات الشرعية والتكاليف الإلهية؛ إذ نسبته يظهر الاثنينية ويتعدد الطرق وتتفاوت الآراء والمقالات وتبين المخالفات والمنازعات، ويظهر الباطل ويستر الحق، وهو الرقيب المحافظ لآدابه والحاجب المعتكف ببابه، حتى لا تكون شرعية لكل وارد، أو يتوجه إليه واحد بعد واحد، غيره على الله وحمية لنفسه، ولهذا تمنى كثير من المحققين مرتبته.

السابقالتالي
2