الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِي حَآجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ ٱللَّهُ ٱلْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ ٱلَّذِي يُحْيِـي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِـي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ ٱللَّهَ يَأْتِي بِٱلشَّمْسِ مِنَ ٱلْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ ٱلْمَغْرِبِ فَبُهِتَ ٱلَّذِي كَفَرَ وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ } * { أَوْ كَٱلَّذِي مَرَّ عَلَىٰ قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّىٰ يُحْيِـي هَـٰذِهِ ٱللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ ٱللَّهُ مِئَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَل لَّبِثْتَ مِئَةَ عَامٍ فَٱنْظُرْ إِلَىٰ طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَٱنْظُرْ إِلَىٰ حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَٱنْظُرْ إِلَى ٱلعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْماً فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }

{ أَلَمْ تَرَ إِلَى } الكافر العابد للطاغوت وهو نمورد اللعين المعاند { ٱلَّذِي حَآجَّ } جادل مكابرة مع { إِبْرَاهِيمَ } صلوات الرحمن عليه { فِي } شأن { رَبِّهِ } حين { أَنْ آتَاهُ ٱللَّهُ ٱلْمُلْكَ } وأبطره عليه وغيره بملكه وذلك وقت { إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ } إلزاماً له حين أخرجه من السجن، فسأكل عن ربه الذي يدعي الدعوة إليه: { رَبِّيَ ٱلَّذِي يُحْيِـي } يُوجِدُ من العدم { وَيُمِيتُ } يرد إليه بعد إيجاده { قَالَ } مكابرة ومجادلة: { أَنَا } أيضاً { أُحْيِـي وَأُمِيتُ } بالعفو والقصاص { قَالَ إِبْرَاهِيمُ } تصريحاً لإلزامه من غير التفات إلى كلام: { فَإِنَّ ٱللَّهَ } القادر على ما يشاء { يَأْتِي بِٱلشَّمْسِ مِنَ ٱلْمَشْرِقِ فَأْتِ } أيها المعاند المكابر { بِهَا مِنَ ٱلْمَغْرِبِ فَبُهِتَ ٱلَّذِي كَفَرَ } بالله بالمعارضة معه فصار مبهوتاً متحيراً { وَٱللَّهُ } الهادي للكل { لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ } [البقرة: 259] المجاوزين عن حقوق الله وآداب العبودية معه.

{ أَوْ كَٱلَّذِي } أي: ألم تر إلى الشخص الذي { مَرَّ عَلَىٰ قَرْيَةٍ } هي البيت المقدس في زمان خربها بُخْتنَصَّر فرآها { وَهِيَ خَاوِيَةٌ } ساقطة { عَلَىٰ عُرُوشِهَا قَالَ } محاجاً مجادلاً مبعداً للحشر والنشر: { أَنَّىٰ يُحْيِـي هَـٰذِهِ ٱللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا } أي: كيف يقدر على إحياء أهلها وهم قد انقرضوا واندرسوا إلى حيث لم يبق منهم أثر؟ { فَأَمَاتَهُ ٱللَّهُ } فجأة؛ إظهار لقدرته وتبييناً لحجته، وألبثه { مِئَةَ عَامٍ } ميتاً كالأموات الأخر { ثُمَّ بَعَثَهُ } إحياءً بعد تلك المدة، ثم سأله هاتف بأن { قَالَ كَمْ لَبِثْتَ } في هذا المكان { قَالَ لَبِثْتُ يَوْماً } والتفت إلى الشمس فرآها باقية قال: { أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ } السائل: ما تعرف مدة لبثك { بَل لَّبِثْتَ مِئَةَ عَامٍ فَٱنْظُرْ } أيها المبعد للحشر الجسماني بنظر العبرة إلى كمال قدرة الله { إِلَىٰ طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ } لم يتغير مع سرعة تغييره { وَٱنْظُرْ إِلَىٰ حِمَارِكَ } كيف تفرقت عظامه وتفتت أجزاؤه مع بطء تغيره وبعد ما نظرت إليهما تذكر قولك حين مرورك على القرية: أنَّى يحيي هذه الله بعد موتها؟ فألزم.

ثم قيل له من قبل الحق: { وَ } إنما فعلنا ذلك معك أيها المبعد للحشر الجسماني { لِنَجْعَلَكَ آيَةً } ودليلاً وحجة { لِلنَّاسِ } القائلين بالحشر الجسماني على المنكرين المبعدين لها { وَ } بدما تحققت حالك { ٱنْظُرْ } بنظرة العبرة { إِلَى ٱلعِظَامِ } الرفات التي تعجبت من كيفية إحيائها وأنكرت عليها { كَيْفَ نُنْشِزُهَا } نركب بعضها مع بعض { ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْماً } بعد تتميم تركيب العظام { فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ } أمر الحشر ألزم وسلم و { قَالَ أَعْلَمُ } يقيناً { أَنَّ ٱللَّهَ } القادر { عَلَىٰ } إحياء { كُلِّ شَيْءٍ } مبدئاً مبدعاً { قَدِيرٌ } [البقرة: 259] على إحيائه معيداً.