{ وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ } أيها المؤمنون { فِيمَا } أي: في كلام وألفاظ { عَرَّضْتُمْ بِهِ } تعريضاً حسناً وتلميحاً مليحاً خالياً عن ومصة الفساد، ناشئاً { مِنْ } إرادة { خِطْبَةِ ٱلنِّسَآءِ } المعتادت للوفاة { أَوْ أَكْنَنتُمْ } أضمرتم وأخفيتم { فِيۤ أَنْفُسِكُمْ } إذ { عَلِمَ ٱللَّهُ } منكم وإن أخفيتم { أَنَّكُمْ } يميل طبيعتكم إليهن { سَتَذْكُرُونَهُنَّ } فاذكروهن على الوجه الأحسن ألابعد عن التهمة { وَلَـٰكِن لاَّ تُوَاعِدُوهُنَّ سِرّاً } أي: الوقاع والجماع؛ أي: لا تخالطوا معهن إلى حيث يرتفع الحجاب عنكم، فتتكلمون معهن بالكلمات التي جرت بين الزوج والزوجة { إِلاَّ أَن تَقُولُواْ قَوْلاً مَّعْرُوفاً } يومئ إلى خطبتكم إياهن إن خفتم أن يسبق عليكم الغير من الخطباء { وَ } عليكم أن { لاَ تَعْزِمُوۤاْ عُقْدَةَ ٱلنِّكَاحِ } أي: لا تستعجلوا في العزيمة على العقد { حَتَّىٰ يَبْلُغَ ٱلْكِتَابُ أَجَلَهُ } أي: ما فرض في الكتاب؛ أي: من العدة المقدرة فيه { وَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ } المطلع لضمائركم { يَعْلَمُ مَا فِيۤ أَنْفُسِكُمْ } من الخيانة في حدوده { فَٱحْذَرُوهُ } لتنجوا من غضبه { وَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ } لمن عزم المعصية ولم يفعل { حَلِيمٌ } [البقرة: 235] لا يستعجل بالعقوبة على العاصين.
{ لاَّ جُنَاحَ } لا وزر ولا إثم { عَلَيْكُمْ } أيها المؤمنون { إِن طَلَّقْتُمُ ٱلنِّسَآءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ } أي: لا تجامعوا معهن { أَوْ } لم { تَفْرِضُواْ } تقدروا { لَهُنَّ فَرِيضَةً } مهراً أو صداقاً { وَ } عليكم إن طلقتموهن { مَتِّعُوهُنَّ } بالإحسان جبراً لما انكسر بالطلاق بعد العقد { عَلَى ٱلْمُوسِعِ قَدَرُهُ } أي: قدر وسعه ويسره { وَ } كذا { عَلَى ٱلْمُقْتِرِ } المعسر { قَدَرُهُ } قدر إعساره وتقتيره { مَتَاعاً } أي: متعوهن متاعاً ملتبساً { بِٱلْمَعْرُوفِ } الذي يستحسنه الشرع المروءة، ولذلك صار التمتيع المجان في الشرع { حَقّاً } لأنها { عَلَى } المؤمنين { ٱلْمُحْسِنِينَ } [البقرة: 236] الذين لا يريدون الأذى لأحدٍ من الناس وإن وقع منهم نادراً، جبروا بالإحسان حفظاً للمودة والإخاء الدينية.
{ وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وَ } الحال أنه { قَدْ فَرَضْتُمْ } سميتم { لَهُنَّ فَرِيضَةً } صداقاً ومهراً { فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ } أي: فلزمكم أداء نصف ما سميتم من المهر إليهن { إِلاَّ أَن يَعْفُونَ } أي: المطلقات فلا يأخذن شيئاً اتقاءً عن التهمة { أَوْ يَعْفُوَاْ ٱلَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ ٱلنِّكَاحِ } ويرد جميع المهر إليها تبرعاً { وَأَن تَعْفُوۤاْ } أي: وعفوكم أيها المؤمنون في أمثال هذا { أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ } وأفضل عند المولى { وَلاَ تَنسَوُاْ } أي: لا تتركوا { ٱلْفَضْلَ } والإحسان { بَيْنَكُمْ } أيها المحسنون بل أحسنوا بعضاً مما أحسن الله لكم إلى مستحقيكم { إِنَّ ٱللَّهَ } المراقب لجميع أعمالكم { بِمَا تَعْمَلُونَ } من الفضل والإحسان { بَصِيرٌ } [البقرة: 237] يجازيكم عليه بفضله.