الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ ٱلْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ ٱلَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ ٱلْبَأْسَآءُ وَٱلضَّرَّآءُ وَزُلْزِلُواْ حَتَّىٰ يَقُولَ ٱلرَّسُولُ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَىٰ نَصْرُ ٱللَّهِ أَلاۤ إِنَّ نَصْرَ ٱللَّهِ قَرِيبٌ } * { يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَآ أَنْفَقْتُمْ مِّنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَٱلأَقْرَبِينَ وَٱلْيَتَامَىٰ وَٱلْمَسَاكِينِ وَٱبْنِ ٱلسَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ ٱللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ } * { كُتِبَ عَلَيْكُمُ ٱلْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّواْ شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ }

أرجوتم وطمعتم أيها المحمديون المتوجون إلى زلال التوحيد، وصفو التجريد والتفريد، أن تصلوا إليه بأنيتكم هذه بلا سولكٍ ومجاهدةٍ، وسكرٍ وصحوٍ، وتلوينٍ وتمكينٍ، وقيدٍ وإطلاقٍ، ونفيٍ وإثباتٍ، وفناءٍ وبقاءٍ، وهيهات هيهات.

{ أَمْ حَسِبْتُمْ } تمنيتم متوقعاً { أَن تَدْخُلُواْ } فجأة بهويتكم هذه بلا إفنائها أو فنائها في هوية الله { ٱلْجَنَّةَ } التي ارتفعت عندها الهويات، واضمحلت دونها الماهيات { وَلَمَّا يَأْتِكُم } أي: لما يأتكم { مَّثَلُ ٱلَّذِينَ خَلَوْاْ } مضوا { مِن قَبْلِكُم } أي: شأنهم وقصتهم المشهورة المعروفة المنسوبة إلى الأحرار الأبرار الواصلين إلى دار القرار كيف { مَّسَّتْهُمُ } بأبدانهم وأجسادهم وهوياتهم الجسمانية { ٱلْبَأْسَآءُ } المذلة الدميمة المزمنة المزعجة المفنية لإتيانهم، وكيف مستهم أيضاً بأرواحهم المتكثرة بأشباحهم المتربتة على الأوصاف الذاتية الإلهية { وَٱلضَّرَّآءُ } المسقطة للإضافات كلها { وَ } بعد ما وصلوا إلى هذه المرتبة المعبرة بالقيامة والطامات الكبرى عند العارف { زُلْزِلُواْ } اضطربوا وتلونوا وتذبذبوا لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء، وكان حالهم بين الحيرة والحسرة يترددون ويتحيرون، إلى أن غلب عليهم المحبة والشوق، وانبعث من المحبة الخالصة والإرادة الصادقة العشق المفرط المنبعث من جذب المعشوق الماثل بالطبع نحوه واحتاجوا إلى نصر الله وتوفيقه، وجذبه بلطف، فاضطروا في بين وبين، وأين إلى أين { حَتَّىٰ يَقُولَ ٱلرَّسُولُ } المرشد إلى طريق التوحيد مناجياً مع الله وأفعاله؛ إذ هم { وَ } أيضاً { ٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ } مشايعين له في قوله ودعائه مشاركين معه في نهر الاشتياق والاستبطاء وقلة الصبر والجزع والفزع والاضطرار والمراقبة والانتظار { مَتَىٰ نَصْرُ ٱللَّهِ } حتى يتخلص من التلون والتمكن والكون والتكون والظهور والإظهار والغيب والشهادة، وغير ذلك من الإضافات.

قيل لهم: وما لنا تعيين القائل؟ إذ لا قائل إلا هو، منبهاً مستقرباً مستعجباً مستغرباً { أَلاۤ } تنبهوا أيها الأطلال الممدودة المتعددة المنتشئة من الأوصاف المحمودة الذاتية الأحدية المضافة بعضها إلى بعض ارفعوا إضافتكم عن البين وغشاوتكم عن العين، حتى اتصل العين بالعين، وارتفع البين عن البين وقولوا: وما أدري ها هنا أيضاً ما القائل وما المقول، وما القول وما المقول إليه، وما هذا وماذا؟.

أدركنا بلطفك عن حجاب الألفاظ وغشاوة العبارة.

{ إِنَّ نَصْرَ ٱللَّهِ قَرِيبٌ } [البقرة: 214] حاضر غير مغيبٍ لو تنبهتم إلى ذي ظلكم، والتنبه له محال إلا من كشف سبحانه عليه كيفية الظل والإظلال والاستعداد والتعدد الحاصل فيه، والكوائن الغير المتناهية، والمكونات الغير المحصورة الحاصلة فيه بأشخاصها وأنواعها وأجناسها إلى ما شاء الله، لا حول ولا وقة إلا بالله.

(وَ) بالجملة: لا تحوم الفهوم حول سرادقات عز جلله حتى يشقق عن كائناته ومصنوعاته، ليس كمثله شيء ليقاس عليه ولا غيره حتى يسمع منه ويبصر به، وهو السميع البصير العليم، وليس وراء الله مرمى { يَسْأَلُونَكَ } أيها الهادي للكل عن الإنفاق وعما ينفق به، ويقولون: { مَاذَا يُنْفِقُونَ } أي: أي شيء ينفق المنفق في سبيل الله؟ { قُلْ } لهم يا أكمل الرسل كلاماً ناشئاً عن محض الحكمة: { مَآ أَنْفَقْتُمْ } سواء كانت تمرة أو كسرة أو حبة أو ذرة صادرة { مِّنْ خَيْرٍ } خالص من ثوب المشوب المنة والأذى { فَلِلْوَالِدَيْنِ وَٱلأَقْرَبِينَ } إليكم نسباً أولى إن كانوا مستحقين { وَ } بعد ذلك أولاهم { ٱلْيَتَامَىٰ } الذين لا متعهد لهم { وَ } بعد ذلك { ٱلْمَسَاكِينِ } الذين أسكنهم المذلة والهوان { وَ } بعد ذلك { ٱبْنِ ٱلسَّبِيلِ } الذين تعذر وصولهم إلى مملوكاتهم { وَ } اعلموا أيها المؤمنون أن { مَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ } خالصاً لرضائه سبحانه { فَإِنَّ ٱللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ } [البقرة: 215] لصدروه عنه وعن جريان حكمه وسنته.

السابقالتالي
2