الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ٱبْتِغَآءَ مَرْضَاتِ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ رَؤُوفٌ بِٱلْعِبَادِ } * { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱدْخُلُواْ فِي ٱلسِّلْمِ كَآفَّةً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ ٱلشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ } * { فَإِن زَلَلْتُمْ مِّن بَعْدِ مَا جَآءَتْكُمُ ٱلْبَيِّنَاتُ فَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } * { هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن يَأْتِيَهُمُ ٱللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِّنَ ٱلْغَمَامِ وَٱلْمَلاۤئِكَةُ وَقُضِيَ ٱلأَمْرُ وَإِلَى ٱللَّهِ تُرْجَعُ ٱلأُمُورُ }

وأيضاً من جملة الآداب الموضوعة فيكم بل من أجلها: الرضا والتسليم بما جاء من قضاء الله ومقتضياته، لذلك قال: { وَمِنَ ٱلنَّاسِ } المتشمرين إلى الله بالرضاء والتسليم { مَن يَشْرِي نَفْسَهُ } ويوقعها في المهلكة لا لداعية تنبعث من نفسها، بل { ٱبْتِغَآءَ مَرْضَاتِ ٱللَّهِ } طالباً لرضائه، راضياً بما قضاه { وَٱللَّهُ } المحيط بجميع الحالات { رَؤُوفٌ } عطوف مشفق { بِٱلْعِبَادِ } [البقرة: 207] الصابرين في البلوى الطائعين إلى المولى، الراضين بما يحب ويرضى.

ثم لما كان الرضاء والتسليم من أحسن أحوال السالكين المتوجهين إلى الله العزيز العليم، وأرفعها مقداراً ومنزلةً عنده، أمرهم بها امتناناً عليهم وإصلاحاً لحالهم، فقال منادياً: { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } مقتضى إيمانكم الرضا والتسليم { ٱدْخُلُواْ } أيها المستكشفون عن سرائر التوحيد { فِي ٱلسِّلْمِ } أي: الانقياد والإطاعة المتفرعين على الرضا والإخلاص المنبئين عن التحقق بمقام العبودية { كَآفَّةً } أي: ادخلوا في السلم حالة كونكم مجتمعين كافين نفوسكم عما يضر إخلاصكم وتسليمكم { وَلاَ تَتَّبِعُواْ } أيها المتوجهون إلى مقام العبودية والرضا إثر { خُطُوَاتِ ٱلشَّيْطَانِ } أي: الأهواء والآراء المضلة عن طريق الحق، المعبرة عنها في الشرع بالشيطان { إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ } [البقرة: 208] ظاهر العداوة والإضلال يضلكم عما يهديكم الحق إليه.

{ فَإِن زَلَلْتُمْ } وانصرفتم عن طريق الحق { مِّن بَعْدِ مَا جَآءَتْكُمُ ٱلْبَيِّنَاتُ } المبينة الموضحة لكم طريقه { فَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ } غالب قادر على الانتقام { حَكِيمٌ } [البقرة: 209] لا ينتقم إلا بالحق.

{ هَلْ يَنظُرُونَ } أي: ما ينتظرون المزلون عن طريق الحق بعد الوضوح والتبيين { إِلاَّ أَن يَأْتِيَهُمُ ٱللَّهُ } بعذابه المدرج المكنون { فِي ظُلَلٍ مِّنَ ٱلْغَمَامِ } السحاب الأبيض المظل لهم، يتوقعون منه الراحة والرحمة { وَٱلْمَلاۤئِكَةُ } الموكلون بجر سحب العذاب إليهم، فأنزل عليهم واستأصلهم بالمرة { وَقُضِيَ ٱلأَمْرُ } المبرم المقضي عليه من عنده لانتقامهم كالأمم الماضية { وَإِلَى ٱللَّهِ } لا إلى غيره من الوسائل والأسباب { تُرْجَعُ ٱلأُمُورُ } [البقرة: 210] أولاً وبالذات، وإن تشكك أحد في الانتقام ونزول العذاب على المزلين المنصرفين عن طريق الحق بعد الوضوح والتبيين.