الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ وَأَنْفِقُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى ٱلتَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلْمُحْسِنِينَ } * { وَأَتِمُّواْ ٱلْحَجَّ وَٱلْعُمْرَةَ للَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا ٱسْتَيْسَرَ مِنَ ٱلْهَدْيِ وَلاَ تَحْلِقُواْ رُؤُوسَكُمْ حَتَّىٰ يَبْلُغَ ٱلْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَإِذَآ أَمِنتُمْ فَمَن تَمَتَّعَ بِٱلْعُمْرَةِ إِلَى ٱلْحَجِّ فَمَا ٱسْتَيْسَرَ مِنَ ٱلْهَدْيِ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي ٱلْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذٰلِكَ لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَٱعْلَمُواْ أَنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ }

{ وَ } من جملة الأخلاٌ الموضوعة فيم: الإنفاق في فواضيل أمولكم إلى الفقراء والمساكين الذين أسكنهم الاحتياج والإسكان في زواية الخمول { أَنْفِقُواْ } أيها المؤمنون { فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ } مقتصدين فيه بين طرفي التبذير والتقتير المذمومين عند الله وعند المؤمنين { وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ } أنفسكم { إِلَى ٱلتَّهْلُكَةِ } والمشقة بالإسراف والتضييع أو بالبخل والتقتير؛ إذ بالبخل تبقى النفس في ظلمة الإمكان وتوطن في وحشة الحرمان والخذلان { وَ } من جملة أخلاقكم الإحسان { أَحْسِنُوۤاْ } أيها المتوجهون إلى فضاء التوحيد أخلاقكم وأعمالكم وجميع أوصافكم؛ إذ ما من نبي ولا وليذٍ إلا هو مجبول على حسن الأخلاق والشيم المقتبسة من أخلاق الله سبحانه، لذلك استحقوا الخلافة والنيبة { إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلْمُحْسِنِينَ } [البقرة: 195] المتفضلين بالأموال والأعمال.

{ وَ } من الأركان المفروضة في دينكم أيها المحمديون { أَتِمُّواْ ٱلْحَجَّ } أي: الخصائل والسنك المحفوظة المفروضة فيه، وإن أدى إلى المقاتلة والمشاجرة { وَٱلْعُمْرَةَ } الأمور المسنونة فيه { للَّهِ } قاصدين التقرب إليه والتوجه إلى بابه؛ إذ الحج الحقيقي هو الوصول إلى الكعبة الحقيقية التي هي الذات الأحدية { فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ } مُنعتم وحبستم بعدما أحرمتم للحج والعمرة من الوصول إلى المقيات، وتتميم الواجبات { فَمَا ٱسْتَيْسَرَ مِنَ ٱلْهَدْيِ } أي: فعليكم إذا أردتم التحلل والخروج من الإحرام، ذبح ما تيسر لكم حصوله من الهدي المحلل، مثل البقرة والبدنة والشاة وغيرها بحسب طاقتكم وقدرتكم، بأن تبعثوها إلى الحرم أو تذبوحها حيث أحصتم { وَلاَ تَحْلِقُواْ رُؤُوسَكُمْ } أيها المحصورون المريدون التحلل { حَتَّىٰ يَبْلُغَ ٱلْهَدْيُ مَحِلَّهُ } المبعوث إليه، أو تذبحونه في المكان المحصور فيه، والحاصل ألاَّ تحلقوا رءوسكم قبل ذبح الهدي أو قبل وصولها إلى الحرم.

{ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً } أزداد بشعر الرأس { أَوْ بِهِ أَذًى } ناشئاً { مِّن } شعر { رَّأْسِهِ } من تزاحم قمل أو صداع مفرطٍ أو جرب مشوش وحلق لأجله { فَفِدْيَةٌ } أي فاللازم عليه الفدية سواء كان { مِّن صِيَامٍ } مقدر بثلاثة أيام للفقراء العاجزين عن غيره { أَوْ صَدَقَةٍ } مقدرة بثلاثة آصع من الطعام للمتوسطين { أَوْ نُسُكٍ } من بدنة أو بقرة أو شاة للأغنياء على اختلاف طبقاتهم { فَإِذَآ أَمِنتُمْ } أي: إذا أحرمتم للحج حال كونكم آمنين من الموانع من إحصار العدو والمرض العارض ونزول الحادثة وغير ذلك من العوائق، فعليكم إتمام نسكه على الوجه الذي أمرتم به بلا إهمال شيء من آدابه المحفوظة فيه.

{ فَمَن تَمَتَّعَ } تقرب إلى الله { بِٱلْعُمْرَةِ } من أشهر الحج قبل تقربه إليه بالحج، وبعد ما تم مناسك عمرته قصد { إِلَى ٱلْحَجِّ فَمَا ٱسْتَيْسَرَ } أي: فعليه ما استيسره { مِنَ ٱلْهَدْيِ } ويقال له عند الفقهاء: دم الجبران، يذبح حين أحرم للحج ولا تأكلوا منه { فَمَن لَّمْ يَجِدْ } الهدي منكم لفقره { فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي } زمان { ٱلْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ } إلى أوطانكم وأهليكم؛ إذ الصوم فيها خصوصاً في أيام الحج من أصعب المشاق المفضي إلى الحرج { تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ } قائمة مقام الهدي للفقراء الغرباء الفاقدين وجه الهداية، وإنما أمرتم بصوم ثلاثة فيها؛ لئلا تحرموا عن إتمام متممات الحج في أوقاته { ذٰلِكَ } الحكم المذكور { لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ } أي: من جملة المتوطنين فيها، أو في حواليها أقل من مقدار مسافة القصر { وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ } في محافظة أوامره التعبدية { وَٱعْلَمُواْ أَنَّ ٱللَّهَ } المطلع بضمائر المتهاونين في أوامره { شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ } [البقرة: 196] إذ أكثر الأمور الشرعية والعزائم الدينية تعبدي لا يدرك سره، خصوصاً الأعمال المنسوبة إلى الحج.