{ وَ } إن شئت يا أكمل الرسل زيادة تفضيحهم اذكر للمؤمنين قولنا: { مَثَلُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } تقليداً لآبائهم مع قابليتهم واستعدادهم للإيمان { كَمَثَلِ } الشخص { ٱلَّذِي يَنْعِقُ } يخاطب ويصوت من سفاهته { بِمَا } أي: بجمادٍ { لاَ يَسْمَعُ } منه شيئاً في مقابلته { إِلاَّ دُعَآءً وَنِدَآءً } منعكسين من دعائه، شبه حالهم في السفاهة والحماقة بحال من يصوت نحو الجبل فيسمع منه صوته منعكسة، فيتخيل من سفاهته أنه يتكلم معه، والحال أن آباءهم أيضاً أمثالهم { صُمٌّ } لا يسمعون دعوة الحق من ألسنة الرسل { بُكْمٌ } أيضاً لا يتكلمون بما ظهر لهم من الحق الصريح نقلاً وعقلاً { عُمْيٌ } أيضاً، لا يبصرون آثار الصفات وأنوار تجليات الذات الظاهرة على الآفاق { فَهُمْ } وآباؤهم من غاية انهماكهم في الغفلة والنسيان كأنهم { لاَ يَعْقِلُونَ } [البقرة: 171] أي: لا يخلقون من زمرة العقلاء. نبهنا بفظلك عن سنة الغفلة ونوم النسيان. ثم ناداهم سبحانه، وأوصاهم بما يتعلق بأمور معاشهم أيضاً بقوله: { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ } مزكيات ما أحل لكم من الحيوانات من { مَا رَزَقْنَاكُمْ } سقنا نحوكم تفضلاً؛ لتقوية مزاجكم وتعديله { وَ } بعد تقويتنا وتعديلنا إياكم { ٱشْكُرُواْ للَّهِ } المنعم المفضل، المربي لكم بلا التفات إلى الوسائق والوسائق { إِن كُنْتُمْ إِيَّاهُ } لا إلى غيره من الآليهة { تَعْبُدُونَ } [البقرة: 172] تقصرون العبادة. قل لهم يا أكمل الرسل نيابة: { إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ } أي: ما حرم ربكم عليكم في دينكم من الحيوانات إلا { ٱلْمَيْتَةَ } حتف نفسه بلا تزيكة وتهليل { وَٱلدَّمَ } السائل من أي وجه كان { وَلَحْمَ ٱلْخِنزِيرِ } المرخص في الأديان الأخر لنجاسة عينه طبعاً وشرعاً { وَمَآ أُهِلَّ } صوت { بِهِ لِغَيْرِ } اسم { ٱللَّهِ } عند ذبحه من أسماء الأصنام، وإنما حرم عليكم هذه الأشياء وقت سعتكم { فَمَنِ ٱضْطُرَّ } منكم حال كونه { غَيْرَ بَاغٍ } للولاة القائمين بحدود الله { وَلاَ عَادٍ } مجاوزاً عن شدة الجوعة إلى وقت السعة { فَلاۤ إِثْمَ عَلَيْهِ } إن تناول منها مقدار سد الرمق { إِنَّ ٱللَّهَ } المرخص لكم في أمثال المضائق والاضطرار { غَفُورٌ } سائر لكم عن أمثال هذه الجراءة { رَّحِيمٌ } [البقرة: 173] علكيم بهذه الرخصة.