الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ إِنَّ ٱلصَّفَا وَٱلْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ ٱللَّهِ فَمَنْ حَجَّ ٱلْبَيْتَ أَوِ ٱعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَن تَطَوَّعَ خَيْراً فَإِنَّ ٱللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَآ أَنزَلْنَا مِنَ ٱلْبَيِّنَاتِ وَٱلْهُدَىٰ مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي ٱلْكِتَابِ أُولَـٰئِكَ يَلعَنُهُمُ ٱللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ ٱللاَّعِنُونَ } * { إِلاَّ ٱلَّذِينَ تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ وَبَيَّنُواْ فَأُوْلَـئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ } * { إِن الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ ٱللَّهِ وَٱلْمَلاۤئِكَةِ وَٱلنَّاسِ أَجْمَعِينَ } * { خَالِدِينَ فِيهَا لاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ ٱلْعَذَابُ وَلاَ هُمْ يُنْظَرُونَ }

ثم لما نبه سبحانه إلى الكعبة الحقيقية بالكعبة الصورية، أراد أن ينبه على علاماتها بعلاماتها: { إِنَّ ٱلصَّفَا وَٱلْمَرْوَةَ } أي: الظاهر والباطن { مِن شَعَآئِرِ ٱللَّهِ } وعلامات توحيجه { فَمَنْ حَجَّ } قصد { ٱلْبَيْتَ } الممثل من المنزل الحقيقي والمرجع الأصلي على الوجه المفروض { أَوِ ٱعْتَمَرَ } على الوجه المسنون قاصداً فيه التوجه إلى الذات الأحدي، معرضاً عن العلائق المانعة منه { فَلاَ جُنَاحَ } لا تعب ولا ضيق { عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا } أي: يسعى بينهما، معتقداً ارتباطهما إلى أن ينكشف باتحادهما { وَمَن تَطَوَّعَ } توجه نحوه { خَيْراً } زائداً على ما أمر وفرض { فَإِنَّ ٱللَّهَ } الميسر له { شَاكِرٌ } راضٍ بفعله { عَلِيمٌ } [البقرة: 158] بحاله.

ثم قال سبحانه: { إِنَّ ٱلَّذِينَ يَكْتُمُونَ } يسترون { مَآ أَنزَلْنَا } في التوراة { مِنَ ٱلْبَيِّنَاتِ } الدالة على ظهور من يغلب عليه توحيد الذات { وَٱلْهُدَىٰ } المشير إلى أنه مبعوث إلى كافة البرايا، ناسخ لجميع الأديان؛ إذ به يتم أمر التكميل ولا بعثه بعد ظهوره، بل ختم به صلى الله عليه وسلم أمر الإرسال والإنزال والتديين والتشريع، والحال أن كتمانهم { مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ } أوضحناه بلا ستره { لِلنَّاسِ } الناظرين { فِي ٱلْكِتَابِ } أي: التوراة { أُولَـٰئِكَ } الكاتمون المفرطون { يَلعَنُهُمُ ٱللَّهُ } أي: يطردهم ويبعدهم عن عز حضوره لخروجهم عن اعتدال العبودية بكتمان ما أراد الله ظهوره { وَيَلْعَنُهُمُ } أيضاً { ٱللاَّعِنُونَ } [البقرة: 159] المتمتعون باعتدال العبودية المستقيمون على ما أمروا بقدر وسعهم.

{ إِلاَّ ٱلَّذِينَ تَابُواْ } رجعوا منهم عن الكتمان، وأظهروا ما ظهر لهم في كتابهم { وَأَصْلَحُواْ } بإظهار ما أفسدوا بالكتمان { وَبَيَّنُواْ } ما بينه الله في كتابه من وصف نبيه المبعوث المرسل إلى كافة الأمم { فَأُوْلَـئِكَ } التائبون منهم، المصلحون المبينون ما ظهر لهم في كتابهم { أَتُوبُ عَلَيْهِمْ } قبل توبتهم واتجاوز عن سيئاتهم { وَأَنَا التَّوَّابُ } الرجاع لهم عما جرى عليهم من العصيان والكفر { الرَّحِيمُ } [البقرة: 160] لهم بعدما رجعوا إلي مخصلين.

ثم قال: { إِن الَّذِينَ كَفَرُوا } بكتمان ما بين الله في كتابه { وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ } كاتمون { أُولَئِكَ } المصرون المعاندون في أمر الكتان بعد الظهور مكابرة، وتنزل { عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ ٱللَّهِ } طرده وتبعيده دائماً مستمراً منحصراً عليهم، غر منفكٍ عنهم على ما يقتضيه حال الجلمة المعبر عنها بخلاف اللعن السابق { وَ } تنزل عليهم أيضاً لعنة { ٱلْمَلاۤئِكَةِ } المستغفرين لمن تاب { وَ } أيضاً لعنة { ٱلنَّاسِ } العارفين لحقوق الله المتحققين بآدابه المعتكفين ببابه { أَجْمَعِينَ } [البقرة: 161] مجتمعين عليها دائماً لخروجهم عن ربتة العبودية.

{ خَالِدِينَ فِيهَا } بحيث { لاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ ٱلْعَذَابُ } المترتب عليها لحظة ليتنفسوا { وَلاَ هُمْ يُنْظَرُونَ } [البقرة: 162] يمهلون ساعة ليعتذروا.