الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَٱسْتَبِقُواْ ٱلْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُواْ يَأْتِ بِكُمُ ٱللَّهُ جَمِيعاً إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } * { وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِن رَّبِّكَ وَمَا ٱللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ } * { وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلاَّ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنْهُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَٱخْشَوْنِي وَلأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ } * { كَمَآ أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولاً مِّنْكُمْ يَتْلُواْ عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ ٱلْكِتَابَ وَٱلْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُم مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ } * { فَٱذْكُرُونِيۤ أَذْكُرْكُمْ وَٱشْكُرُواْ لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ }

{ وَ } اعلموا أن { لِكُلٍّ } أي: لكل من أفراد الأمم { وِجْهَةٌ } مقصد وقبلة معينة من الأوصاف والأسماء الإلهية { هُوَ مُوَلِّيهَا } بحسب اقتضائها وغلبتها { فَٱسْتَبِقُواْ ٱلْخَيْرَاتِ } أي: بادروا أيها المحمديون إلى منشأ جميع الخيرات، ومنبع جميع المبرات الناشئة من الأسماء والصفات، وهو الذات المستجمع لجميعها { أَيْنَ مَا تَكُونُواْ } من مقتضيات الأوصاف { يَأْتِ بِكُمُ ٱللَّهُ } الجامع لها { جَمِيعاً } مجتمعين بعد رفع التعينات الناشئة من الصفات { إِنَّ ٱللَّهَ } المتجلي بالأوصاف { عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ } من المظاهر المتعينة المتكثرة بحسب المبدأ والمظاهر { قَدِيرٌ } [البقرة: 148] على رفع التعينات المسقطة لجميع الكثرات بحسب المعاد والباطن.

{ وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ } يا أكمل الرسل من مقتضى كعبة الذات يغلبه حكم بعض الصفات { فَوَلِّ وَجْهَكَ } منها متذكراً { شَطْرَ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ } المحرم للتوجيه إلى السوى والغير { وَإِنَّهُ } أي: شأن التوجه نحوه { لَلْحَقُّ } الثابت النالز { مِن رَّبِّكَ } الذي رباك بمقتضى جميع أوصافه وأسمائه { وَ } اعلم أنه { مَا ٱللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ } [البقرة: 149] أنت ومن تبعك، وعلى مقتضى علمه تثابون.

{ وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ } عن مقتضى توحيد الذات بتكثير بعض المظان وترك ما يستقبلونه { فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ } الجامع لجميع المظاهر { وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ } أيها المؤمنون { فَوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ } اقتداء لرسولكم { لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ } المعرضين { عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ } غلبة بادعائكم التوحيد الذاتي، وإخراجكم بعض المظاهر { إِلاَّ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنْهُمْ } ينفي ذات الله وصفاته، وهم الدهريون القائلون بوجود الطبائع بلا فاعل خارجي، فإنهم لا يفحمون ولا يلزمون بأمثاله { فَلاَ تَخْشَوْهُمْ } أي: فلا تخافوا منهم في التوجه إلى الكعبة الحقيقية { وَٱخْشَوْنِي } في عدم التوجه حتى لا تحرموا عن مقتضيات بعض الأوصاف { وَلأُتِمَّ نِعْمَتِي } الواصلة بحسب أوصافي وأسمائي { عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ } [البقرة: 150] إلى ذاتي بسببها.

ومن إتمام نعمنا إياكم أنا هديناكم إلى جهة الكعبة الحقيقية، وأمرناكم بالتوجه نحوها { كَمَآ أَرْسَلْنَا } من مقام جودنا { فِيكُمْ رَسُولاً } هادياً لكم نائشاً { مِّنْكُمْ يَتْلُواْ عَلَيْكُمْ } أولاً { آيَاتِنَا } آثار صفاتنا الدالة على وحدة ذاتنا { وَ } ثانياً: { يُزَكِّيكُمْ } { وَ } ثالثاً: { يُعَلِّمُكُمُ ٱلْكِتَابَ } الموضح للدلائل والآيات المبين للآراء والمعتقدات { وَ } رابعاً: يظهر لكم { ٱلْحِكْمَةَ } الموصلة إلى توحيد الذات { وَ } بعد ذلك { يُعَلِّمُكُم } من الحقائق والمعارف { مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ } [البقرة: 151] لولا إرشاده وإرساله.

وإذا أنعمنا عليكم بهذه النعم العظام وأتممناها لكم { فَٱذْكُرُونِيۤ } أيها المؤمنون بالميل الدائم والتوجه الصادق { أَذْكُرْكُمْ } بنفساتٍ رحمانيةٍ ونسماتٍ روحانيةٍ { وَٱشْكُرُواْ لِي } بإسناد النعم إلي { وَلاَ تَكْفُرُونِ } [البقرة: 152] بإسنادها إلى الوسائط والأسباب.