الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي ٱلأَرْضِ قَالُوۤاْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ } * { أَلاۤ إِنَّهُمْ هُمُ ٱلْمُفْسِدُونَ وَلَـٰكِن لاَّ يَشْعُرُونَ } * { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُواْ كَمَآ آمَنَ ٱلنَّاسُ قَالُوۤاْ أَنُؤْمِنُ كَمَآ آمَنَ ٱلسُّفَهَآءُ أَلاۤ إِنَّهُمْ هُمُ ٱلسُّفَهَآءُ وَلَـٰكِن لاَّ يَعْلَمُونَ } * { وَإِذَا لَقُواْ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ قَالُوۤا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ إِلَىٰ شَيَاطِينِهِمْ قَالُوۤاْ إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِءُونَ } * { ٱللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ } * { أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ ٱشْتَرَوُاْ ٱلضَّلَـٰلَةَ بِٱلْهُدَىٰ فَمَا رَبِحَتْ تِّجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ }

{ وَ } مع ظهور حالهم وخداعهم عند الله وعند المؤمنين { إِذَا قِيلَ لَهُمْ } إمحاضاً للنصح: { لاَ تُفْسِدُواْ فِي ٱلأَرْضِ } بتكذيب كتاب الله ورسوله المنزل عليه حتى لا يخرجوا من مرتبة الخلافة؛ لأن خلافة البشر إنما هي بالتوحيد وإسقاط الإضافات، والتوحيد إنما يحصل بالله وبكتابه ورسوله { قَالُوۤاْ } في الجواب على سبيل الحصر: { إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ } [البقرة: 11] لا نتجاوز من الصلاح أصلاً تتميماً لخداعهم الفاسد، وترويجاً له على المؤمنين وتلبيساً.

{ أَلاۤ } أيها المؤمنون الموقنون بكتاب الله المصدقون لرسوله { إِنَّهُمْ هُمُ ٱلْمُفْسِدُونَ } المقصرون على الفساد، لا يرجى صلاحهم أصلاً؛ لكونهم مجبولين على الفساد { وَلَـٰكِن لاَّ يَشْعُرُونَ } [البقرة: 12] بمشاعرهم لغشاوة قلوبهم وأبصارهم وأسماعهم.

{ وَ } إذا لطف معهم ونصح كما هو دأب الأنبياء والمرسلين و { إِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُواْ } بالله وبكتابه ورسوله { كَمَآ آمَنَ ٱلنَّاسُ } الذين نسوا مزخرفات آبائهم بالإيمان بالله وبكتابه ورسوله، وفازوا في الدارين فوزاً عظيماً بسبب الإيمان { قَالُوۤاْ } في الجواب توبيخاً وتقريعاً: { أَنُؤْمِنُ } بهذا الرجل الحقير الساقط، وبهذه الأساطير الكاذبة ونترك دين آبائنا { كَمَآ آمَنَ ٱلسُّفَهَآءُ } التاركون دين آبائهم لغرور هذا المدعي المفتري؟ { أَلاۤ } أيها المبعوث لإهداء المضلين المجبولين على الهداية في أصل فطرتهم { إِنَّهُمْ هُمُ ٱلسُّفَهَآءُ } المجبولون على الغوية في بدء الفطرة لا يمكنك هدايتهم أصلاً؛ لعدم قابليتهم واستعدادهم للإيمان { وَ } إن ظنوا في زعمهم من العقلاء { لَـٰكِن لاَّ يَعْلَمُونَ } [البقرة: 13] أصلاً لتركب جهلهم المركوز في جبلتهم، فيسلب قابليتهم للإيمان.

{ وَ } علامة نفاق هؤلاء المضلين وخداعهم أنهم { إِذَا لَقُواْ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } بالله وكتابه ورسوله { قَالُوۤا } على طريق الإخبار عن الأمور المحققة تروجياً وتغريراً على المؤمنين { آمَنَّا } بالجملة الفعلية الماضية بلا مبالغة وتأكيد لحكمهم سفاهة المؤمنين، بأن السفيه يقبل الأخبار بلا تأكيد؛ لعدم تفطنه على إنكار المتكلم، فنزلوهم - وإن كان من حقهم الإنكار حقيقة - منزلة خالي الذهن؛ لسفاهتهم { وَإِذَا خَلَوْاْ } نفوا خالين { إِلَىٰ شَيَاطِينِهِمْ } أي: مع أصحابهم المستمرين على الكفر، الظاهرين بالمخالفة بلا خداع ولا نفاق كالشيطان المصر على الضلال المستمر على الإضلال { قَالُوۤاْ } على طريق المبالغة والتأكيد قلعاً لما اعتقدوا من ظاهر حالهم ومقالهم وموافقتهم مع المؤمنين سراً وجهراً، وتحقيقاً لمؤاخذتهم معهم { إِنَّا } وإن كنا في الظاهر مداهنين معهم لمصلحة دنيوية، متفقون { مَعَكُمْ } لفائدة دينية، أتوا بالجملة الاسمية المصدرة بأن؛ تحقيقاً واهتماماً، وقولنا: آمنا، استهزاء منا إياهم لا تصديق لمدعاهم، وبالجملة ما نحن مؤمنون بمجرد هذا القول بل { إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِءُونَ } [البقرة: 14] مستخفون تجهيلاً وتسفيهاً واعتذاراً على مجرد القول الكاذب الغير المطابق للاعتقاد والواقع. وهم في غاية انهماكهم في الغي والضلال، وهم مقرون جازمون بأنهم يستهزئون، بل هم في الحقيقة مستهزئون إذ: { ٱللَّهُ } المحيط بجميع مخايلهم الباطلة وأفكارهم الفاسدة { يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ } في كل لحظة وطرفة آناً فآناً { وَ } لم يشعرهم باستهزائه بل { يَمُدُّهُمْ } يمهلهم ويسوفهم { فِي طُغْيَانِهِمْ } المتجاوز عن الحد في الضلالة بتلبيس الأمر على الله وعلى المؤمنين { يَعْمَهُونَ } [البقرة: 15] يترددون إقداماً وإحجاماً.

السابقالتالي
2