الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلاَّ مَن سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ ٱصْطَفَيْنَاهُ فِي ٱلدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي ٱلآخِرَةِ لَمِنَ ٱلصَّالِحِينَ } * { إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } * { وَوَصَّىٰ بِهَآ إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَابَنِيَّ إِنَّ ٱللَّهَ ٱصْطَفَىٰ لَكُمُ ٱلدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُم مُّسْلِمُونَ } * { أَمْ كُنتُمْ شُهَدَآءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ ٱلْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُواْ نَعْبُدُ إِلَـٰهَكَ وَإِلَـٰهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَـٰهاً وَاحِداً وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ }

{ وَ } بعدما جعلنا الخليل إماماً مقتدى للأنام، هادياً لهم إلى دار السلام { مَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ } أي: من يعرض عن ملته الحنيفية، الطاهرة عن الميل إلى الآراء والآثام، البيضاء المنورة لقلوب أهل التفويض والإسلام، المبينة على محض الوحي والإلهام { إِلاَّ مَن سَفِهَ نَفْسَهُ } أي: لا يعرض عن ملته الغراء إلا من ترك نفسه في ظلمة الإمكان من غير رجوع إلى الفضاء الوجوب، ليتبع الطريق الموصل إليه { وَ } الله { لَقَدِ ٱصْطَفَيْنَاهُ } واجتبيناه من بين الأنام { فِي ٱلدُّنْيَا } للرسالة والنبوة لإرشاد العباد إلى طريق التوحيد { وَإِنَّهُ فِي ٱلآخِرَةِ لَمِنَ ٱلصَّالِحِينَ } [البقرة: 130] للتحقق والوصول، لا لطريق الاتحاد والحلول بل لطريق التوحيد الذاتي.

واذكر يا أكمل الرسل { إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ } اختباراً له { أَسْلِمْ } توجه إلي بمقتضى علمك وكشفك مني { قَالَ } على مقتضى علمه بربه { أَسْلَمْتُ لِرَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } [البقرة: 131] إذ كشف له ربه عن ذرائر الكائنات لذلك لم يخصصه ولم يقيده بمظهر دون مظهر.

{ وَوَصَّىٰ بِهَآ } أي: بالتوحيد الذاتي { إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ } إرشاداً إلى طريق الحق ووصى أيضاً بنوه بنيه { وَ } وصى أيضاً { يَعْقُوبُ } بنيه بما وصى أبوه وجده، وقالوا: { يَابَنِيَّ إِنَّ ٱللَّهَ ٱصْطَفَىٰ لَكُمُ ٱلدِّينَ } دين الإسلام المشتمل، على توحيد الذات والصفات والأفعال { فَلاَ تَمُوتُنَّ } فلا تكونن في حال من الأحوال عند الموت { إِلاَّ وَأَنْتُم مُّسْلِمُونَ } [البقرة: 132] موحدون بالتوحيد الذاتي.

ثم لما اعتقد اليهود أن يعقوب وبنيه كانوا هوداً، والنصارى اعتقدوهم نصارى، أراد سبحانه أن يظهر فساد عقائدهم، فقال: أتسمعون أيها اليهود والنصارى يهودية يعقوب وبنفيه ونصرانيتهم لمن أنزل عليكم { أَمْ كُنتُمْ شُهَدَآءَ } حضراء { إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ ٱلْمَوْتُ } ولولا هذا ولولا ذاك كنتم مفتشرين عليهم جاهلين بحالهم، اذكر لهم يا أكمل الرسل { إِذْ قَالَ } حين أشرف على الموت { لِبَنِيهِ } إرشاداً لهم: { مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي } با بني؟ { قَالُواْ نَعْبُدُ إِلَـٰهَكَ وَإِلَـٰهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَـٰهاً وَاحِداً } أحداً صمداً، لم يتخذ صاحبة ولا ولداً { وَنَحْنُ لَهُ } لا لغيره من الآلهة الباطلة { مُسْلِمُونَ } [البقرة: 133] منقادون متوجهون، خالياً عن المكابرات والعناد، قالعاً عرف التقليدات الراسخة في قلوب العباد.