الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ وَقَالَ ٱلَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ لَوْلاَ يُكَلِّمُنَا ٱللَّهُ أَوْ تَأْتِينَآ آيَةٌ كَذَلِكَ قَالَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ مِّثْلَ قَوْلِهِمْ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ قَدْ بَيَّنَّا ٱلآيَاتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ } * { إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِٱلْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلاَ تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ ٱلْجَحِيمِ } * { وَلَنْ تَرْضَىٰ عَنكَ ٱلْيَهُودُ وَلاَ ٱلنَّصَارَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى ٱللَّهِ هُوَ ٱلْهُدَىٰ وَلَئِنِ ٱتَّبَعْتَ أَهْوَآءَهُمْ بَعْدَ ٱلَّذِي جَآءَكَ مِنَ ٱلْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ ٱللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ } * { ٱلَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ ٱلْكِتَـٰبَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاَوَتِهِ أُوْلَـٰئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمن يَكْفُرْ بِهِ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْخَٰسِرُونَ }

ثم لما ظهر واشتهر أن القرآن ناسخ للكتب السالفة مع كونه مصدقاً لها، ناطقاً بأنها منزلة من عند الله على الرسل الماضين الهادين إلى طريق الحق، وأن حكم الناسخ ماضٍ باقٍ، وحكم المنسوخ مضى ولم يبق أثره، مع أن كلا منهما حكم الله في زمانين { وَقَالَ ٱلَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ } لا يعرفون ظهور الله وتجلياته بحسب أسمائه الحسنى وصفاته العليا في كل آنٍ وشأنٍ: لا نقبل هذ الحكم ولا نؤمن به { لَوْلاَ يُكَلِّمُنَا ٱللَّهُ } مشافهة، بأن هذا ناسخ راجح وذاك منسوخ مرجوح { أَوْ تَأْتِينَآ } على الله من يدعي الرسالة { آيَةٌ } ملجئة تدل على هذا الحكم بلا احتمال آخر، ولولا هذا ولا ذاك لم نقبله ولم نؤمن به، ولا تستبعد يا أكمل الرسل منهم هذا القول؛ إذ { كَذَلِكَ قَالَ ٱلَّذِينَ } كفروا للأنبياء الماضين { مِن قَبْلِهِمْ مِّثْلَ قَوْلِهِمْ } بلا تفاوتٍ بل { تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ } المنكرة المخمرة لهذه الأباطيل، المموهة مع أنا { قَدْ بَيَّنَّا ٱلآيَاتِ } المنزلة الدالة على توحيدنا { لِقَوْمٍ } ذوي قلوبٍ صافيةٍ عن كدر الإنكار { يُوقِنُونَ } [البقرة: 118] بها سواء الآيات الظاهرة على الآفاق والأنفس، وهم لا نهماكهم في كدر الإمكان والإنكار لا يرجى منهم الإيمان والإقرار.

{ إِنَّا } من مقام جودنا { أَرْسَلْنَاكَ } يا أكمل الرسل ملتبساً { بِٱلْحَقِّ بَشِيراً } إلى طريقه { وَنَذِيراً } عن طريق الباطل { وَ } وإن لم يبششروا ولم ينذروا بعدما بلغت إليهم التبشير والإنذار { لاَ تُسْأَلُ } أنت { عَنْ } إعراض { أَصْحَابِ ٱلْجَحِيمِ } البقرة: 119] المجبولين على الكفر والعناد.

{ وَلَنْ تَرْضَىٰ عَنكَ ٱلْيَهُودُ وَلاَ ٱلنَّصَارَىٰ } بمجرد المؤانسة وإظهار المحبة وإرخاء العنان { حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ } التي ادعوا حقيتها وهدايتها، بل حصروا الهداية عليها { قُلْ } لهم يا أكمل الرسل كلاماً على وجه التذكير النصح: { إِنَّ هُدَى ٱللَّهِ } الذي يهدي به عباده { هُوَ ٱلْهُدَىٰ } النازل من عنده، وهو دين الإسلام، فاتبعوه لتهتدوا { وَلَئِنِ ٱتَّبَعْتَ } يا أكمل الرسل، ومن تبعك بعد يأسكم في اتباعهم بكل { أَهْوَآءَهُمْ } الباطلة { بَعْدَ ٱلَّذِي جَآءَكَ مِنَ ٱلْعِلْمِ } من لدنا على هدايتك وإهداء من تبعك { مَا لَكَ مِنَ } عند { ٱللَّهِ } الهادي للكل إلى سواء السبيل { مِن وَلِيٍّ } يحفظك من الضلال { وَلاَ نَصِيرٍ } [البقرة: 120] يدفع عنك المكاره.

قال سبحانه: { ٱلَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ ٱلْكِتَـٰبَ } واصطفيناهم من بين الأمم بإرسال الرسل، وهم { يَتْلُونَهُ } أي: الكتاب، متأملاً متدبراً مما يشتمل عليه من الأمور والنواهي والمعارف والحقائق، مراعياً { حَقَّ تِلاَوَتِهِ } بلا تحريف ولا تبديل { أُوْلَـٰئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ } وبما فيه من الأحكام والآيات والأخبار { وَمن يَكْفُرْ بِهِ } بتحريفه أو تبديله إلى ما تهوى أنفسهم { فَأُوْلَـٰئِكَ } المحرفون المغيرون كتاب الله لمصلحة نفوسهم { هُمُ ٱلْخَٰسِرُونَ } [البقرة: 121] الذين خسروا أنفسهم في الدنيا والآخرة بسبب تحريف كتاب الله وتبديله.