الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ وَلَمَّآ جَآءَهُمْ رَسُولٌ مِّنْ عِندِ ٱللَّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِّنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَٰبَ كِتَٰبَ ٱللَّهِ وَرَآءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } * { وَٱتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ ٱلشَّيَـٰطِينُ عَلَىٰ مُلْكِ سُلَيْمَـٰنَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَـٰنُ وَلَـٰكِنَّ ٱلشَّيَـٰطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ ٱلنَّاسَ ٱلسِّحْرَ وَمَآ أُنْزِلَ عَلَى ٱلْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَـٰرُوتَ وَمَـٰرُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّىٰ يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ ٱلْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ ٱللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ ٱشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي ٱلآخِرَةِ مِنْ خَلَٰـقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْاْ بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ } * { وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُواْ وٱتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِّنْ عِندِ ٱللَّهِ خَيْرٌ لَّوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ } * { يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقُولُواْ رَاعِنَا وَقُولُواْ ٱنْظُرْنَا وَٱسْمَعُواْ وَلِلكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ } * { مَّا يَوَدُّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ وَلاَ ٱلْمُشْرِكِينَ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِّنْ خَيْرٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَٱللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ ذُو ٱلْفَضْلِ ٱلْعَظِيمِ } * { مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }

{ وَ } أيضاً من جملة عتوهم أنهم { لَمَّآ جَآءَهُمْ رَسُولٌ } مرسل { مِّنْ عِندِ ٱللَّهِ } المرسل للرسل لهداية الناس إلى التوحيد مع أنه { مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ } من الكتب المنزلة على الرسل، الهادي لارتفاع التعدد والاختلاف عن أهل التوحيد مع أن مجيء هذا الرسول منزل مثبت في كتابهم الذي يدعون الإيمان به { نَبَذَ } طرح { فَرِيقٌ مِّنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَٰبَ } وهو اليهود { كِتَٰبَ ٱللَّهِ } هو التوراة التي أدعوا الإيمان بها { وَرَآءَ ظُهُورِهِمْ } ولم يلتفتوا إليه ولم يتوجهوا نحوه بل صاروا من غاية عداوتهم وعنادهم مع الرسول المبعوث { كَأَنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } [البقرة: 101] ولا يقرأون كتابهم أصلاً.

{ وَ } بعدما نبذوا التوراة وراء ظهورهم؛ لاشتمالها على أوصافك وظهورك يا أكمل الرسل أخذوا في معارضتك بالسحر { ٱتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ } تنسب وتفتري { ٱلشَّيَـٰطِينُ } المردة من الجن { عَلَىٰ مُلْكِ سُلَيْمَـٰنَ } بأن استيلاءه وتسلطه وتسخير الجن والإنس والوحوش والطيور والريح، إنما تم بالسحر { وَ } الحال أنه { مَا كَفَرَ } وسحر { سُلَيْمَـٰنُ } قط بل أمره على الوحي والإلهام الوارد الغيبي { وَلَـٰكِنَّ ٱلشَّيَـٰطِينَ } يسترقون من الملائكة وينسبون الأمور إلى الوسائط أصالة، بواسطة ذلك { كَفَرُواْ } وبعدما كفروا { يُعَلِّمُونَ ٱلنَّاسَ ٱلسِّحْرَ } أي: الذي يسترقن منهم { وَ } خصوصاً ما يسترقون من { مَآ أُنْزِلَ عَلَى ٱلْمَلَكَيْنِ } المحبوسين { بِبَابِلَ } المسميان: { هَـٰرُوتَ وَمَـٰرُوتَ } مع أن المنزل إليهما مكر الله مع عباده وابتلاهم وفتنهم { وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّىٰ يَقُولاَ } له طريقة وكيفية، بل يقول لمن ظهر له بالسحر: { إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ } من الله وابتلاء لعباده { فَلاَ تَكْفُرْ } بنسبة الأمور إلينا، ولا تكفر بصدد التعليم أيضاً { فَيَتَعَلَّمُونَ } المسترقون { مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ ٱلْمَرْءِ وَزَوْجِهِ } مما يورث قطع المحبة والعلاقة المستلزمين لحفظ النسب إضراراً للدين والإيمان { وَ } الحال أنهم { مَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ ٱللَّهِ } ومشيئته وتقديره؛ إذ لا يجرى في ملكه إلا ما يشاء.

وهم مع إذعانهم العلم والعقل { وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ } ضراراً فاحشاً في النشأة الأولى والأخرى { وَلاَ يَنفَعُهُمْ } نفعاً فيهما أصلاً { وَ } الله { لَقَدْ عَلِمُواْ } أي: اليهود { لَمَنِ ٱشْتَرَاهُ } أي: استبدله؛ أي: كتاب الله بالسحر { مَا لَهُ } للمستبدل { فِي ٱلآخِرَةِ مِنْ خَلَٰـقٍ } نصيب لا متنعوا عن الاستبدال، لكنهم لم يعلموا فاستبدلوا، فثبت أنهم ليسوا من العقلاء العالمين، وبعدما عيرهم سبحانه بما عيرهم وجهلهم، كرر تعييرهم مبالغة وتذكيراً للمتذكرين بها، فقال مقسماً: { وَ } الله { لَبِئْسَ مَا شَرَوْاْ } وأباحوا { بِهِ أَنْفُسَهُمْ } حقائقها ومعارفها ولذاتها الروحانية بالسحر المبني على الكفر بالله وكتبه ورسله وملائكته؛ لأن المشهور من أصحاب السحر أن سحرهم لا يؤثر بالكفر والخباثة والكثافة { لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ } [البقرة: 102] يفهمون قباحته لما ارتكبوا، لكنهم لم يعلموا فارتكبوا، فثبت أيضاً جهلهم وسخافتهم.

السابقالتالي
2 3