الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ رَّبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَٱعْبُدْهُ وَٱصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً } * { وَيَقُولُ ٱلإِنسَانُ أَءِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيّاً } * { أَوَلاَ يَذْكُرُ ٱلإِنسَٰنُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئاً } * { فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَٱلشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيّاً } * { ثُمَّ لَنَنزِعَنَّ مِن كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى ٱلرَّحْمَـٰنِ عِتِيّاً } * { ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِٱلَّذِينَ هُمْ أَوْلَىٰ بِهَا صِلِيّاً } * { وَإِن مِّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا كَانَ عَلَىٰ رَبِّكَ حَتْماً مَّقْضِيّاً } * { ثُمَّ نُنَجِّي ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ وَّنَذَرُ ٱلظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيّاً } * { وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَٰتٍ قَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِلَّذِينَ آمَنُوۤاْ أَيُّ ٱلْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَّقَاماً وَأَحْسَنُ نَدِيّاً } * { وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِّن قَرْنٍ هُمْ أَحْسَنُ أَثَاثاً وَرِءْياً } * { قُلْ مَن كَانَ فِي ٱلضَّلَـٰلَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ ٱلرَّحْمَـٰنُ مَدّاً حَتَّىٰ إِذَا رَأَوْاْ مَا يُوعَدُونَ إِمَّا ٱلعَذَابَ وَإِمَّا ٱلسَّاعَةَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَّكَاناً وَأَضْعَفُ جُنداً } * { وَيَزِيدُ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ٱهْتَدَواْ هُدًى وَٱلْبَاقِيَاتُ ٱلصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ مَّرَدّاً }

وكيف يتصور نسيانه؛ إذ هو { رَّبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا } لا يعزب ويغيب عن علمه شيء منها لمحةً، وإذ تحققتَ ما تلنا عليك يا أكمل الرسل وتأملتَ في معناه حق التأمل والتدبر { فَٱعْبُدْهُ } راجياً منه العناية على العبادة وجزاء الخير { وَٱصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ } وتحمل لمتاعبها، واثبت عليها، ولا تستعجل بوحي ما قصدتَ وأحببتَ نزوله، ولا تقنط أيضاً؛ إذ الكل بيده مرهونُ بوقتٍ، ولا تضطرب من استهزاء الكفرة وسخريتهم، وكيف اضطربت { هَلْ تَعْلَمُ } وتسمع { لَهُ سَمِيّاً } [مريم: 65] مثلاً مسمىً بالأله المستحق للتوجه والعبودية لإنجاح المطلوب سواه حتى ترجع إليه، فلكَ العبادة والاصطبار وترك الاضطراب والاستعجال، وتفويض جميع الأمور إلى الكبير المتعال.

{ وَ } من غاية الجهل ونهاية الغفل عن ربوبيته { يَقُولُ ٱلإِنسَانُ } المجبول على النسيان والكفران بنعم الله وإنكار قدرته على إعادت المعدوم: { أَءِذَا مَا مِتُّ } وصرتُ عظاماً ورفاتاً { لَسَوْفَ أُخْرَجُ } من الأرض { حَيّاً } [مريم: 66] سوياً مُعاداً؟! كلا وحاشا هذا محالٌ باطلٌ، وضلالٌ ظاهرٌ.

{ أَ } ينكر المنكر املطرُّ على قدرتنا، ويصرُّ على الإنكار { وَلاَ يَذْكُرُ ٱلإِنسَٰنُ } المكابر المعاند { أَنَّا خَلَقْنَاهُ } وأبدعناه { مِن قَبْلُ وَ } الحالُ أنه { لَمْ يَكُ شَيْئاً } [مريم: 67] أي: مما يطلق عليه الشيء، ولا مسبوقُ بشيءٍ، فقدرنا على إيجاده وإظهاره من العدم الصرْف، ولِمَ لَمْ نقدر على إعادته بعد سبق أجزائه، والإعادةُ والإبداءُ وإن كانا عندنا على السواء، إلا أن الإعادة بالنسبة إلى فهمهم أسهل وأيسر من الإبداء والإبداع لا عن شيءٍ.

{ فَوَرَبِّكَ } الذي هو أعظم الأسماء الإلهية وأشملها وبعزته وجلاله { لَنَحْشُرَنَّهُمْ } أولئك الضالين { وَٱلشَّيَاطِينَ } المضلين لهم معهم، منخرطين في سلسلتهم { ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ } مقيدين مغلولين { حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيّاً } [مريم: 68] باركين على الركب، قائمين على أطراف الأصابع بلا تمكنٍ لهم واطمئنانٍ مثل الجاني الخائف عند الحاكم القاهر القادر على أنواع الانتقام.

{ ثُمَّ } بعد حشرهم وإحضارهم على النار { لَنَنزِعَنَّ } أي: ننتخبن ونخرجن { مِن كُلِّ شِيعَةٍ } أي: فرقةٍ شاعت منهم موجبات العذاب والنكال { أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى ٱلرَّحْمَـٰنِ } المفيض لهم أنواعَ الخيرات والبركات { عِتِيّاً } [مريم: 69] جراءةً على العصيان له وعلى ترك أوامره وارتكاب نواهيه، ليطرح أولاً على مقر النار، ثم الأمثل فالأمثل إلى انطراح الكل فيها على تفاوت طبقاتهم ودرجاتهم في موجباتها قوةً وضعفاً.

{ ثُمَّ } بعد انتزاعها وانتخابنا { لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِٱلَّذِينَ هُمْ أَوْلَىٰ } وأحق { بِهَا } أي: بدخول النار { صِلِيّاً } [مريم: 70] أي: دخولاً أولياً سابقاً على اكل، وهم الرؤساء الضالون المضلون؛ إذ يضاعف عذابهم لضلالهم وإضلالهم.

ثم قال سبحانه مخاطباً لبني آدم بأجمعهم: لا تغتروا بدنياكم ولذاتها وشهواتها، { وَ } اعلموا { إِن مِّنكُمْ } أي: ما منكم أيها المتلذذون بزخرفة الدنيا { إِلاَّ وَارِدُهَا } أي: ورادُ النار وواقعُها، ذاق كلُ منكم من عذابها مقدارَ ما يتلذذ من الدنيا.

السابقالتالي
2 3