الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ ٱلْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ ٱلأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ } * { إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ ٱلأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا وَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ } * { وَٱذْكُرْ فِي ٱلْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقاً نَّبِيّاً } * { إِذْ قَالَ لأَبِيهِ يٰأَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لاَ يَسْمَعُ وَلاَ يُبْصِرُ وَلاَ يُغْنِي عَنكَ شَيْئاً } * { يٰأَبَتِ إِنِّي قَدْ جَآءَنِي مِنَ ٱلْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَٱتَّبِعْنِيۤ أَهْدِكَ صِرَاطاً سَوِيّاً } * { يٰأَبَتِ لاَ تَعْبُدِ ٱلشَّيْطَانَ إِنَّ ٱلشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَـٰنِ عَصِيّاً } * { يٰأَبَتِ إِنِّيۤ أَخَافُ أَن يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِّنَ ٱلرَّحْمَـٰنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيّاً } * { قَالَ أَرَاغِبٌ أَنتَ عَنْ آلِهَتِي يٰإِبْرَاهِيمُ لَئِن لَّمْ تَنتَهِ لأَرْجُمَنَّكَ وَٱهْجُرْنِي مَلِيّاً } * { قَالَ سَلاَمٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّيۤ إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيّاً } * { وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَىۤ أَلاَّ أَكُونَ بِدُعَآءِ رَبِّي شَقِيّاً } * { فَلَمَّا ٱعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلاًّ جَعَلْنَا نَبِيّاً } * { وَوَهَبْنَا لَهْم مِّن رَّحْمَتِنَا وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيّاً } * { وَٱذْكُرْ فِي ٱلْكِتَابِ مُوسَىٰ إِنَّهُ كَانَ مُخْلِصاً وَكَانَ رَسُولاً نَّبِيّاً }

{ وَأَنْذِرْهُمْ } يا أكمل الرسل مَن عندك لهم { يَوْمَ ٱلْحَسْرَةِ } المعدة للجزاء؛ بحيث لا يكون فيها التلاقي والتدارك على مفات سوى الحسرة والندامة الغير المفيدة { إِذْ قُضِيَ ٱلأَمْرُ } ونزلَ العذاب ومضى زمان امتثال المأمور { وَ } الحال أنه { هُمْ فِي غَفْلَةٍ } وغرورٍ عن مضيه { وَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ } [مريم: 39] ولا يصدقون بإتيان هذا اليوم الموعود على ألسنة الرسل والكتب، وكيف لا يصدقون هذا اليوم أولئك الكاذبون المكذبون المستغرقون في بحر الغفلة والضلال التائهون في تيه الغرور.

{ إِنَّا } من مقام قهرنا وجلالنا { نَحْنُ } بانفرادنا ووحدتنا { نَرِثُ ٱلأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا } بعد انقهارها واضمحلال أجزائها وتشتيت أركانها بمقتضى القدرة الغالبة؛ بحيث صار كل من عليها فانٍ، ولم يبقَ سوى وجهنا الكريم وصفاتنا القديمة، فانقلبت تجلياتنا المتشعشعة المتجددة من هذا النمط البديع إلى نمطٍ أبدعَ منه وأكملَ؛ إذ نحن في كل يومٍ وآنٍ شأنٍ، ولا يشغلنا شأنٌ عن شأنٍ.

{ وَ } كيف لا نرث من على الأرض الوجودَ وفضاءَ الشهودِ؛ إذ الكل { إِلَيْنَا يُرْجَعُونَ } [مريم: 40] رجوع الظل إلى ذي الظل، والأمواج إلى البحر، والأضواء والأظلال إلى شمس الذات، وبعد رجوع الكل إلينا نُودِي من وراء سرادقات عزنا وجلالنا:لِّمَنِ ٱلْمُلْكُ ٱلْيَوْمَ } ؟! وأجيب أيضاً منها؛ إذ لا يجب الوجود لسوانا:لِلَّهِ ٱلْوَاحِدِ ٱلْقَهَّارِ } [غافر: 16] للأظلال والأغيار.

{ وَٱذْكُرْ } يا أكمر الرسل { فِي ٱلْكِتَابِ } المتلوِّ عليك المنزل إليك جدَّك { إِبْرَاهِيمَ } أي: محامد أخلاقه ومحاسن شيمه؛ لتنتفع بها أنت ومن معك من المؤمنين، وتمتثل بأخلاقه أنت وهم { إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقاً } صدوقاً مبالغاً في الصدق والصداقة وتصديق الحق وتوحيده { نَّبِيّاً } [مريم: 41] من خُلَّص الأنبياء.

اذكر أوان انكشافه وإيقاظه من منام الغفلة التي هي عبادة الأوثان والأصنام وقت: { إِذْ قَالَ لأَبِيهِ } مستنكراً عليه متعجباً من أمره، منادياً له رجاء أن يتفطن وتنبه بما تنبه به هو: { يٰأَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ } وتطيع { مَا لاَ يَسْمَعُ } أي: شيئاً لا يقدر على السمع { وَلاَ يُبْصِرُ } أي: لا يقدر على الإبصار، والمعبودُ لا بدَّ أن يَرى ويَسمع أحوال عباده وحاجاتهم ومناجاتهم، { وَ } إذا لم يسمع ولم يبصر { لاَ يُغْنِي } ويدفع { عَنكَ شَيْئاً } [مريم: 42] من مكروهات ولا يعينك، فلا يصلح إذاً للألوهية والربوبية، فلِمَ عبدت وأطعتَ له مع أنه نحتَّه بيدك وأظهرتَ أنت هيكله وشكله، والعجب منك كل العجب أنه مصنوعك أخذته إلهاً صانعاً معبوداً مستحقاً للعبادة، مع أنك من ذوي الرشل والعلم، وهو جمادُ لا شعور له أصلاً.

{ يٰأَبَتِ إِنِّي } وإنت كنت ابنك أصغر منك لكن { قَدْ جَآءَنِي } ونزل عليّ { مِنَ ٱلْعِلْمِ } ومن قِبل الحق مع صغر سني { مَا لَمْ يَأْتِكَ } مع كبرك؛ لأن الفضل بيد الله ويمقتضى إرادته يؤتيه من يشاء { فَٱتَّبِعْنِيۤ } أي: اتبع ما أنزل عليّ من قِبل ربي من خلوص الاعتقاد { أَهْدِكَ } بتوفيق الله وإرشاده { صِرَاطاً سَوِيّاً } [مريم: 43] موصلاً إلى المعبود بالحق وتوحيده.

السابقالتالي
2 3