الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَٰهُ آتِنَا غَدَآءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِن سَفَرِنَا هَـٰذَا نَصَباً } * { قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَآ إِلَى ٱلصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ ٱلْحُوتَ وَمَآ أَنْسَانِيهُ إِلاَّ ٱلشَّيْطَٰنُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَٱتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي ٱلْبَحْرِ عَجَباً } * { قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَٱرْتَدَّا عَلَىٰ آثَارِهِمَا قَصَصاً } * { فَوَجَدَا عَبْداً مِّنْ عِبَادِنَآ آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْماً } * { قَالَ لَهُ مُوسَىٰ هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَىٰ أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً } * { قَالَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً } * { وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَىٰ مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً } * { قَالَ سَتَجِدُنِيۤ إِن شَآءَ ٱللَّهُ صَابِراً وَلاَ أَعْصِي لَكَ أمْراً } * { قَالَ فَإِنِ ٱتَّبَعْتَنِي فَلاَ تَسْأَلْني عَن شَيءٍ حَتَّىٰ أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً } * { فَٱنْطَلَقَا حَتَّىٰ إِذَا رَكِبَا فِي ٱلسَّفِينَةِ خَرَقَهَا قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إِمْراً } * { قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً } * { قَالَ لاَ تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلاَ تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْراً } * { فَٱنْطَلَقَا حَتَّىٰ إِذَا لَقِيَا غُلاَماً فَقَتَلَهُ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَّقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُّكْراً }

{ فَلَمَّا جَاوَزَا } من الصخرة يوماً وليليةً عَيياً وجاعا { قَالَ } موسى { لِفَتَٰهُ آتِنَا غَدَآءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِن سَفَرِنَا هَـٰذَا } أي: الذي سرنا بعدما جاوزا الصخرة { نَصَباً } [الكهف: 62] تعباً وألماً ما كنا قبل كذلك.

{ قَالَ } يوشع متذكراً متعجباً: { أَرَأَيْتَ } يا سيدي وقت { إِذْ أَوَيْنَآ إِلَى ٱلصَّخْرَةِ } ورقدتَ عندها تستريح، وأنا أهمّ إلى التوضؤ وأمكن عليها لأتوضأ، فانتضح الماء إلى المكتل، فوثب الحوت نحو البحر، فاتخذ سبيله سرباً { فَإِنِّي } بعد تيقظك من منامك { نَسِيتُ ٱلْحُوتَ } وقصته مع غرابتها وندرتها وكونها خارقةٌ للعادة { وَمَآ أَنْسَانِيهُ إِلاَّ ٱلشَّيْطَٰنُ أَنْ أَذْكُرَهُ } أي: أذكر عنده قصته العجيبة البديعة { وَ } كيف { ٱتَّخَذَ سَبِيلَهُ } حين رمى نفسه { فِي ٱلْبَحْرِ عَجَباً } [الكهف: 63] أي: على وجهٍ يتعجب من جريه الرائي.

ولما سمع مومسى من يوشع ما سمع من فَقْدِ الحوت على هذا الوجه سرّ وفرح { قَالَ } على وجه الفرح والسرور: { ذَلِكَ } الأمر الذي وقع { مَا كُنَّا نَبْغِ } ونطلب من سرفنا هذا؛ إذ هو علامة وجدان المطلوب وأمارة حصول الإرب { فَٱرْتَدَّا عَلَىٰ آثَارِهِمَا } على الفوز، فأخذا يقصان { قَصَصاً } [الكهف: 64] لإزالة شدة السفر إلى أن وصلا الصخرة المعهودة { فَوَجَدَا } عندها { عَبْداً } كاملاً في العبودية والعرفان؛ لأنه { مِّنْ } خُلَّص { عِبَادِنَآ } وخيارهم، لأنا من وفور جودنا وإنعامنا عليه { آتَيْنَاهُ } أعطيناه { رَحْمَةً } كشفاً وشهوداً تاماً موهوباً له { مِّنْ عِندِنَا } تفضلاً بلا عملٍ له في مقابلتها يقتضي ذلك { وَ } مع ذلك { عَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا } بلا وسائل الكسب والتعلم والطب والاستفادة، بل بمجرد توفيقنا وفضلنا إياه امتناناً له وإحساناً عليه { عِلْماً } [الكهف: 65] متعلقاً بالغيوب،؛ حيث أخبر بما وقع ويقع وسيقع.

فلما وصلا إليه وتشرّفا بشرف صحبته { قَالَ لَهُ مُوسَىٰ } على سبيل الاستفادة والاسترشاد وحسن الأدب { هَلْ أَتَّبِعُكَ } أيها المؤيد الكامل المتحقق بمراتب اليقين بتمامها الواصلُ إلى بحر الوحدة الخائضُ في لججها { عَلَىٰ أَن تُعَلِّمَنِ } وتفيدني { مِمَّا عُلِّمْتَ } من سرائر المغيبات سوابقها ولواحقها { رُشْداً } [الكهف: 66] بالتوراة؛ أي: أرشدتني مقدار استعدادي وقدُر قابليتي.

قال: يا موسى كفى بالتوراة علماً، وببني إسرائيل شغلاً.

قال موسى في جوابه: إن الله أمرني بالاستفادة والاسترشاد منك فلا تمنعني؟.

وبعدما ألحَ موسى { قَالَ إِنَّكَ } يا موسى بكمالك في العلوم الظاهرية المتعقلة بوضوح القواعد الدينية، ونصب المعالم الشرعية، وانتصاف الظالم من المظلوم، وانتقامه لأجله إلى غير ذلك من الأمورم السياسية { لَن تَسْتَطِيعَ } وتقدر { مَعِيَ صَبْراً } [الكهف: 67] بل لا بدَّ لك متى اطلعت على ما يخالف الشريعة والوضع المخصوص الذي جئت به من عند ربك، ونزلتْ التوراةُ على مقتضاه، فعليك أن تمنعه أو تعترض عليه على مقتضى نبوتك ورسالتك على سبيل الوجوب، والذي أنا عليه من العلوم المتعلقة بالسرائر والغيوب قد يخالف أصلك وقواعدك فلن تستطيع حينئذٍ معي صبراً.

السابقالتالي
2