الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ ٱلْمَالُ وَٱلْبَنُونَ زِينَةُ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَٱلْبَاقِيَاتُ ٱلصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ أَمَلاً } * { وَيَوْمَ نُسَيِّرُ ٱلْجِبَالَ وَتَرَى ٱلأَرْضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً } * { وَعُرِضُواْ عَلَىٰ رَبِّكَ صَفَّاً لَّقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّن نَّجْعَلَ لَكُمْ مَّوْعِداً } * { وَوُضِعَ ٱلْكِتَابُ فَتَرَى ٱلْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يٰوَيْلَتَنَا مَالِ هَـٰذَا ٱلْكِتَابِ لاَ يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا وَوَجَدُواْ مَا عَمِلُواْ حَاضِراً وَلاَ يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً } * { وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاۤئِكَةِ ٱسْجُدُواْ لأَدَمَ فَسَجَدُوۤاْ إِلاَّ إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ ٱلْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً } * { مَّآ أَشْهَدتُّهُمْ خَلْقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَلاَ خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ ٱلْمُضِلِّينَ عَضُداً } * { وَيَوْمَ يَقُولُ نَادُواْ شُرَكَآئِيَ ٱلَّذِينَ زَعَمْتُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُواْ لَهُمْ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُم مَّوْبِقاً } * { وَرَأَى ٱلْمُجْرِمُونَ ٱلنَّارَ فَظَنُّوۤاْ أَنَّهُمْ مُّوَاقِعُوهَا وَلَمْ يَجِدُواْ عَنْهَا مَصْرِفاً }

ومتى سمعتَ وعلمتَ حال حياة الدنيا ومآل أمرها وعاقبتها، وانكشفتَ بعدم ثباتها وقرارها فمعظم ما يتفرع عليها: { ٱلْمَالُ وَٱلْبَنُونَ } إذ هما { زِينَةُ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا } الفانية عارضان عليها، ومتى لم يكن للمعروض دوامُ وبقاءُ، فللعارض بالطريق الأولى { وَٱلْبَاقِيَاتُ } التي تبقى معك في أولادك وأخراك { ٱلصَّالِحَاتُ } المقربةُ إلى الله المقبولةُ عنده، المترتبةُ عليها النجاةُ من العذاب والنيلُ إلى الفوز بالفلاح { خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَاباً } أي: أجراً وجزاءٌ حسناً من اللذات الروحانية المودعة لأرباب القبول { وَخَيْرٌ أَمَلاً } [الكهف: 46] أي: عاقبةًً ومآلاً؛ إذ يُنال بها المعارف والحقائق والمكاشفات والمشاهدات المودعة لأرباب العناية وأصحاب القلوب من الراجين المؤملين شرف لقاء الله والفوز بمطالعة وجهه الكريم.

{ وَ } أذكر يا أكمل الرسل للناسين عهودَ الله ومواثيقَه { يَوْمَ نُسَيِّرُ ٱلْجِبَالَ } وتحركها بالقدرة الكاملة والسطوة الهائلة، ونفتت أجزاءها، وتحلل تراكيبها، ونشتتها إلى أن صارت دكّاً { وَتَرَى } أيها الرائي { ٱلأَرْضَ } المملوءة بالجبال الرواسي الحاجبة عما وراءها { بَارِزَةً } ظاهرةً ملساءَ مسوى لا ارتفاعَ لبعض أجزائها على بعضٍ، مظهرةً لما فيها من الأجساد المدفونة { وَ } بعد ظهورهم منها، وبروز الأجداث والأجساد عليها { حَشَرْنَاهُمْ } وجمعناهم بأجمعهم حفاةً عراةً إلى الموقف والموعد المعدّ للعرض والجزاء { فَلَمْ نُغَادِرْ } ولم نترك { مِنْهُمْ أَحَداً } [الكهف: 47] لا نسوقه إلى المحشر.

{ وَ } بعدما جمعوا واجتمعوا في المحشر جميعاً { عُرِضُواْ عَلَىٰ رَبِّكَ } يا أكمل الرسل عرضَ العسكر على السلطان الصوري { صَفَّاً } صافين مصفَّفين على الاستواء؛ بحيث لا يحجب أحدٌ أحداً، بل كل واحد في مرأى منه سبحانه بلا سترةٍ وحجابٍ، ثم يقال لهم من قِبل الحق على سبيل الاستيلاء والسطوة، وإظهار الهيبة والسلطنة القاهرة الغالبة: { لَّقَدْ جِئْتُمُونَا } اليوم حفاةً عراةً { كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ } كذلك؛ أي: في بدء وجودكم وظهوركم { بَلْ } كنتم { زَعَمْتُمْ } وظننتم فيما مضى من شدة بطركم وغفلتكم { أَلَّن نَّجْعَلَ لَكُمْ مَّوْعِداً } [الكهف: 48] أي: لن نقدر على أنجاز ما وعدناكم بألسنة رسلنا من البعث والحشر والعرض والجزاء، بل كذَّبتم الرسلَ وأنكرتم الوعدَ والموعودَ جميعاً، فالآن ظهر الحق الذي كنتم تمترون فيه.

{ وَ } بعدما عُرضوا صافين على الوجه المذكور { وُضِعَ ٱلْكِتَابُ } المشتمل على تفاصيل أعمالهم وجميع أحوالهم وأطوارهم، من بدء فطرتهم إلى انقراضهم من النشأة الاولى والمعدَّة لكسب الزاد للنشأة الأخرى بين يدي الله على رءوس الملأ { فَتَرَى } أيها الرائي { ٱلْمُجْرِمِينَ } حينئذ { مُشْفِقِينَ } خائفين مرعوبين { مِمَّا فِيهِ } أي: في الكتاب قبل القراءة عليهم { وَ } بعدما قُرئ عليهم، وسمعوا جميعَ ما صدر عنهم كائنةً مكتوبةً فيه على التفصيل بلا فوت شيءٍ { وَيَقُولُونَ } متحسرين متمنين الموت، مناجين في نفوسهم، منادين: { يٰوَيْلَتَنَا } وهلكتنا أدركينا فهذا وقت حلولك ونزولك { مَالِ هَـٰذَا ٱلْكِتَابِ } العجيب الشأن الجامع لجميع فضائحنا وقبائحنا؛ بحيث { لاَ يُغَادِرُ } ولا يترك فضيحة { صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا } فصَّلها وعدَّدها بلا فوتِ خصلةٍ منها.

السابقالتالي
2 3