الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ ٱلَّذِي أَنْزَلَ عَلَىٰ عَبْدِهِ ٱلْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجَا } * { قَيِّماً لِّيُنْذِرَ بَأْساً شَدِيداً مِّن لَّدُنْهُ وَيُبَشِّرَ ٱلْمُؤْمِنِينَ ٱلَّذِينَ يَعْمَلُونَ ٱلصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً حَسَناً } * { مَّاكِثِينَ فِيهِ أَبَداً } * { وَيُنْذِرَ ٱلَّذِينَ قَالُواْ ٱتَّخَذَ ٱللَّهُ وَلَداً } * { مَّا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلاَ لآبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلاَّ كَذِباً } * { فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَىٰ آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُواْ بِهَـٰذَا ٱلْحَدِيثِ أَسَفاً } * { إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى ٱلأَرْضِ زِينَةً لَّهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُم أَحْسَنُ عَمَلاً } * { وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيداً جُرُزاً }

{ ٱلْحَمْدُ } المشتمل المتضمن على عموم الاثنينية والتوصيف بالأوصاف الجميلة حقيقٌ لائقٌ { لِلَّهِ } أي: للذات المستجمع لجميع مراتب الكمال، المستحق لجميع المحامد استحقاقاً ذاتياً ووصفياً؛ لأنه { ٱلَّذِي أَنْزَلَ عَلَىٰ عَبْدِهِ } المستجمع لجميع مرابت الكمال، المستظل بظلّ الألوهية، المستحق لرتبة الخلافة والنيابة عنه سبحاه بالأصالة؛ يعني: محمداً صلى الله عليه وسلم.

{ ٱلْكِتَابَ } الجامع لجميع أوصاف الكمال إجمالاً وتفصيلاً، المشتمل لعموم الأحكام المتعلقة لها، المترتبة عليها في النشأة الأولى والأخرى، مع كونه محتوياً على ما في الكتب السالفة من الأوامر والنواهي، مع زياداتٍ خلت عنها تلك الكتب من الرموز والإشارات المتعلقة بالتوحيد الذاتي المسقطِ لعرق الإضافات والكثرات مطلقاً { وَ } بيَّن لهم فيه طريق التوحيد الذاتي على الوجه الأبلغ الأقوم؛ بحيث { لَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجَا } [الكهف: 1] وانحرافاً في تبيينه.

بل جعله { قَيِّماً } مستقيماً معتدلاً بين طرفي الإفراط والتفريط المذمومين عقلاً وشرعاً، وإنما أنزله إلى عبده وحبيبه صلى الله عليه وسلم { لِّيُنْذِرَ } بإنذاراته الكافرين الذين كفروا بالله وجحدوا في توحيده، وعملوا السيئات المبعدة عن طريق النجاة { بَأْساً شَدِيداً } وعذاباً أليماً عظيماً صادراً { مِّن لَّدُنْهُ } أي: من عند الله العزيز المنتقم بطشاً لهم وانتقاماً منهم { وَيُبَشِّرَ } أيضاً بتبشراته { ٱلْمُؤْمِنِينَ } الموحدين { ٱلَّذِينَ يَعْمَلُونَ ٱلصَّالِحَاتِ } المقربة لهم إلى مرتبة التوحيد الصادرة عنهم على مقتضى يقينهم وعرفانهم { أَنَّ لَهُمْ } أي: أن لهم { أَجْراً حَسَناً } [الكهف: 2] هو التحقق بشرف اللقاء والفوز بمطالعة جمال الله والاستغراق بملاحظة وجهه الكريم.

{ مَّاكِثِينَ فِيهِ } أي: في الأجر الحسن دائمين { أَبَداً } [الكهف: 3] مؤيداً مخلداً بلا تبديل وتغيير، مزيدين المحبة واللذة والشوق، متعطشين إلى زلال التفريد بلا رواءٍ أصلاً، كما أخبر سبحانه عن حال أولئك الوالهين بقوله: " أَلاْ طَالَ شَوْقُ الأَبْرَارِ إِلَى لِقَائِيْ ".

{ وَيُنْذِرَ } أيضاً أشدّ إنذارٍ بأسوأ عذابٍ ووبالٍ { ٱلَّذِينَ قَالُواْ } من فرط إسرافهم في الشرك والجحود وهم اليهود والنصارى: { ٱتَّخَذَ ٱللَّهُ } الواحد الأحد الصمد، المنزه عن الأهل والولد { وَلَداً } [الكهف: 4] حيث قال اليهود، عزير ابن الله، والنصارى: المسيح ابن الله.

مع أنه { مَّا لَهُمْ بِهِ } بالله باتخاذه ولداً { مِنْ عِلْمٍ } يقينٍ أو ظنٍ متعلقٍ به وبمعناه، وبما يترتب عليه من النقص المنافي لوجوب الوجود؛ إذ اتخاذه إنما هو للإخلاف والمظاهرة والتزيين، وكلاهما محالان على الله لا يليقان بجنابه، تعالى عما يقول الظالمون علواً كبيراً { وَلاَ لآبَائِهِمْ } يعني: وإن ادعوا في إثبات الولد لله تقليد الآباء والأسلاف، فليس لهم أيضاً علمُ بنقصه وعدم لياقته بجناب الحق المنزل المقدس في ذاته عن أمارات النقصان وعلامات الإمكان.

وبالجملة: { كَبُرَتْ } أي: جلَّت وعظُمت في الكفر وسوء الأدب مع الله { كَلِمَةً } أي: مقالتهم هذه مع أنها { تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ } هفوةً بلا علم وتأملٍ، بل { إِن يَقُولُونَ } أي: ما يقولون ويقصدون بقولهم هذا { إِلاَّ كَذِباً } [الكهف: 5] وافتراء يفترونه على الله، وينسبونه إلى كتابهم ظلماً وزوراً.

السابقالتالي
2