الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ إِلاَّ رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ إِنَّ فَضْلَهُ كَانَ عَلَيْكَ كَبِيراً } * { قُل لَّئِنِ ٱجْتَمَعَتِ ٱلإِنْسُ وَٱلْجِنُّ عَلَىٰ أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَـٰذَا ٱلْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً } * { وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَـٰذَا ٱلْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ فَأَبَىٰ أَكْثَرُ ٱلنَّاسِ إِلاَّ كُفُوراً } * { وَقَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّىٰ تَفْجُرَ لَنَا مِنَ ٱلأَرْضِ يَنْبُوعاً } * { أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ ٱلأَنْهَارَ خِلالَهَا تَفْجِيراً } * { أَوْ تُسْقِطَ ٱلسَّمَآءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفاً أَوْ تَأْتِيَ بِٱللَّهِ وَٱلْمَلاۤئِكَةِ قَبِيلاً } * { أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِّن زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَىٰ فِي ٱلسَّمَآءِ وَلَن نُّؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَاباً نَّقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنتُ إِلاَّ بَشَراً رَّسُولاً } * { وَمَا مَنَعَ ٱلنَّاسَ أَن يُؤْمِنُوۤاْ إِذْ جَآءَهُمُ ٱلْهُدَىٰ إِلاَّ أَن قَالُوۤاْ أَبَعَثَ ٱللَّهُ بَشَراً رَّسُولاً } * { قُل لَوْ كَانَ فِي ٱلأَرْضِ مَلاۤئِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ مَلَكاً رَّسُولاً } * { قُلْ كَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيراً بَصِيراً }

{ إِلاَّ رَحْمَةً } ناشئة { مِّن رَّبِّكَ } يا أكمل الرسل نازلةً إليك إن سألت منه سبحانه ردّه يردّه تلطفاً وعطفاً { إِنَّ فَضْلَهُ } سبحانه { كَانَ عَلَيْكَ كَبِيراً } [الإسراء: 87] مثل اصطفائك من بين البرية، وإرسالك إلى كافة الناس، وتأييدك ونصرك في عموم الأوقات، وغير ذلك.

ثم لما قال بعض المعاندين من الكفار الطاعنين في القرآن لو شئنا لقلنا مثل هذا القرآن الذي جئت به يا محمد، ونسبتَه إلى الله افتراء، نَزَل: { قُل } لهم يا أكمل الرسل في جوابهم مقسماً مؤكداً: والله { لَّئِنِ ٱجْتَمَعَتِ ٱلإِنْسُ وَٱلْجِنُّ } واتفقوا معارضين { عَلَىٰ أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَـٰذَا ٱلْقُرْآنِ } الجامع لأحوال النشأتين، الواقع في أعلى مراتب البلاغة والفصاحة لما حصل لهم الإيتان بمثله وهم فرادى، بل { لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ } في الجامعية والبلاغية، واتساق اللفظ والمعنى، ومتانة النظم والفحوى { وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً } [الإسراء: 88] أي: ولو كا نوا متظاهرين متعاضدين في إتيانه، لم يتأت أيضاً منهم الإتيان، لكونه خارجاً عن طوق البشر.

{ وَ } الله { لَقَدْ صَرَّفْنَا } وكررنا { لِلنَّاسِ فِي } حق { هَـٰذَا ٱلْقُرْآنِ } المعجز لفظاً ومعنىً { مِن كُلِّ مَثَلٍ } موضحٍ لهم إعجازه، وخروجه عن معرض معارضة البشر، وارتفاع شأنه عن القدح والطعن فيه { فَأَبَىٰ أَكْثَرُ ٱلنَّاسِ } وامتنعوا عن قبوله، ولم يتفطنوا لإعجازه، ولم يزيدوا في حقه مع ظهور الدلائل والشواهد المكررة { إِلاَّ كُفُوراً } [الإسراء: 89] جحوداً وإنكاراً بدل القبول واليقين بحقيته.

{ وَ } مع ظهور هذا المعجز المشتمل لما في العالم غيباً وشهادة، إجمالاً وتفصيلاً { قَالُواْ } تعننتاً اقتراحاً: { لَن نُّؤْمِنَ لَكَ } ونصدّق بكتابك { حَتَّىٰ تَفْجُرَ } وتشقق { لَنَا مِنَ ٱلأَرْضِ } أي: أرض مكة { يَنْبُوعاً } [الإسراء: 90] أي: عيناً جارية نشرب منه ونزرع ونغرس على وجه العموم.

{ أَوْ تَكُونَ لَكَ } عليها على وجه الخصوص { جَنَّةٌ } أي: بستان مغروسة مملوءة { مِّن نَّخِيلٍ وَعِنَبٍ } سهل السقي { فَتُفَجِّرَ ٱلأَنْهَارَ خِلالَهَا } أي: أوسطها { تَفْجِيراً } [الإسراء: 91] سهلاً يسيراً، بحيث لا تكلف في سقيها أصلاً.

{ أَوْ } تأتي بآية ملجئةٍ لنا إلى الإيمان بأن { تُسْقِطَ ٱلسَّمَآءَ كَمَا زَعَمْتَ } ونسبته إلى ربك بقوله:إِن نَّشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ ٱلأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفاً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ } [سبأ: 9] { عَلَيْنَا كِسَفاً } أي: قطعةً بعد قطعةٍ حتى نؤمن لك { أَوْ تَأْتِيَ بِٱللَّهِ } الذي ادعيت الرسالة والنبوة عنه، تعالى عن ذلك، { وَٱلْمَلاۤئِكَةِ } أي: وتأتي بالملائكة الذين ادعيت وساطتهم ورسالتهم بينك وبين ربك { قَبِيلاً } [الإسراء: 92] أي: تأتي بهم بجماعة أو مقابلاً عيناً مشاهداً محسوساً.

{ أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ } متخذ { مِّن زُخْرُفٍ } أي: ذهبٍ وفضةٍ مكللةٍ بجواهز نفيسةٍ { أَوْ تَرْقَىٰ } وتصعد على رؤوس الأشهاد { فِي ٱلسَّمَآءِ } بلا أسبابٍ ووسائلَ { وَ } بعد صعودك وعروجك { لَن نُّؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ } أي: لن نؤمن لك ونصدق بمجرد رقيك وعروجك { حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَاباً } أي: مكتوباً من عند ربك مشتملاً على أسامينا ودعوتك إيانا إلى الإيمان وتصديقنا بك { نَّقْرَؤُهُ } بين أظهرنا ونؤمن بك بأجمعنا { قُلْ } لهم يا أكمل الرسل بعدما سمعت منهم هذه المقترحات التي ليس في وسعك وطاقتك متعجباً متنزهاً مستبعداً: { سُبْحَانَ رَبِّي } وتعالى من أن يشارَك في قدرته فإن أمثال هذه المقترحات، إنما تصدر منه سبحانه وتعالى أصالةً، أو في خلقه وإظهاره في بعض عباده إن تعلق إرادته، ولم يخلق فيّ بل { هَلْ كُنتُ } أي ما كنتُ { إِلاَّ بَشَراً } ضعيفاً كسائر الناس، غية الأمر أني بوحي الله وإلهامه عليّ صرت { رَّسُولاً } [الإسراء: 93] كسائر الرسل، وقد كانوا أيضاً إلا ما يسّر الله لي.

السابقالتالي
2