الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ وَإِن كَادُواْ لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ ٱلأَرْضِ لِيُخْرِجوكَ مِنْهَا وَإِذاً لاَّ يَلْبَثُونَ خِلافَكَ إِلاَّ قَلِيلاً } * { سُنَّةَ مَن قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِن رُّسُلِنَا وَلاَ تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلاً } * { أَقِمِ ٱلصَّلاَةَ لِدُلُوكِ ٱلشَّمْسِ إِلَىٰ غَسَقِ ٱلَّيلِ وَقُرْآنَ ٱلْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ ٱلْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً } * { وَمِنَ ٱلْلَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَىٰ أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَّحْمُوداً } * { وَقُل رَّبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَٱجْعَل لِّي مِن لَّدُنْكَ سُلْطَاناً نَّصِيراً } * { وَقُلْ جَآءَ ٱلْحَقُّ وَزَهَقَ ٱلْبَاطِلُ إِنَّ ٱلْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً } * { وَنُنَزِّلُ مِنَ ٱلْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَآءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ ٱلظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَاراً } * { وَإِذَآ أَنْعَمْنَا عَلَى ٱلإنْسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ ٱلشَّرُّ كَانَ يَئُوساً } * { قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَىٰ شَاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدَىٰ سَبِيلاً } * { وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلرُّوحِ قُلِ ٱلرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَآ أُوتِيتُم مِّنَ ٱلْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً } * { وَلَئِن شِئْنَا لَنَذْهَبَنَّ بِٱلَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ ثُمَّ لاَ تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنَا وَكِيلاً }

{ وَإِن كَادُواْ لَيَسْتَفِزُّونَكَ } أي: وإن قاربوا؛ ليحركونك ويضطرونك بالنقل والجلاء { مِنَ ٱلأَرْضِ } التي استقررتَ وتمكنتَ فيها؛ يعني: مكة { لِيُخْرِجوكَ مِنْهَا } معللين بأن الأنبياء والرسل إنما بعثوا في أرض الشام وأرض المقدسة، خصوصاً أجدادك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب وأولادهم وأسباطهم. صلوات الله عليهم كلهم. بُعثوا فيها، فلك أن تخرج إليها حتى نؤمن لك ونصدق برسالتك، وما ذلك إلا حليةُ وخديعةُ معك؛ ليخرجوك من مكة حتى تبقى رئاستهم معهم { وَ } لا تغتم يا أكمل الرسل ولا تحزن بالخروج منها، فإنك لو خرجت منها { إِذاً لاَّ يَلْبَثُونَ خِلافَكَ إِلاَّ } زماناً { قَلِيلاً } [الإسراء: 76] وقد جرى الأم على مقتضى وعد الله سبحانه، فإنهم بعدما هاجر صلى الله عليه وسلم ببدرٍ بعد مدةٍ يسيرةٍ.

وليس إخراجك يا أكمل الرسل عن مكة، وهلاكهم بعد خروجك منها ببدع منا مستحدث، بل من سنتنا القديمة وعادتنا المستمرة إهلاكُ الأمم الذين أَخرجوا نبيهم المبعوث إليهم من بين أظهرهم عتواً وعناداً بل صار ذلك: { سُنَّةَ مَن قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِن رُّسُلِنَا } المبعوثين إلى الأمم الما ضية؛ أ ي: من سنتنا الموضوعة فيهم بالنسبة إلى أقوامهم، فكذلك حالك مع هؤلاء المعاندين المكذبين { وَ } بعدما استمر منا هذه السُّنة السَّنية { لاَ تَجِدُ } أنت وغيرك أيضاً { لِسُنَّتِنَا } المنبعثة من كمال حكمتنا { تَحْوِيلاً } [الإسراء: 77] أي: تغييراً وتبديلاً؛ إذ لنا فيها حِكمُ ومصالحُ مخفيةُ استأثرنا بها لا اطلاع لك عليها، وإنما عليك التوجه والتقرب في جميع أوقاتك وحالاتك سيما في الأوقات المكتوبة.

{ أَقِمِ ٱلصَّلاَةَ } وأدم التوجه { لِدُلُوكِ ٱلشَّمْسِ } أي: حين زوالها من الاستواء { إِلَىٰ غَسَقِ ٱلَّيلِ } أي: ظلمته بغروبها إلى حيث لم يبقَ من بقية آثار ضوئها شيء أصلاً، فيسع في المحدود المذكور: الظهر والعصر والمغرب والعشاء على ما عينه الشرع لكل منها وقتاً معيناً { وَ } طوِّل { قُرْآنَ } صلاة { ٱلْفَجْرِ } وأطِلِ القيام فيها مع القراءة { إِنَّ قُرْآنَ ٱلْفَجْرِ } الذي هو وقت الانكشاف والانجلاء الصوري، المنبئ عن الانكشاف المعنوي والانجلاء الحقيقي، الذي هو عبارةُ عن إشراق نور الوجود واضمحلال الأظلال والعكوس المشعرة بالكثرة والغيرية.

لذلك { كَانَ } قراءة القرآن المبين لسرائر الوحدة الذاتية، وكيفية سريانها على صفائح المكونات فيه { مَشْهُوداً } [الإسراء: 78] لخواص عباد الله من الملائكة والثقلين، بل لجميع الحيوانات من الوحوش والطيور؛ إذ الكل في وقت الفجر متوجهون نحو الحق، مسبحون مهللون حالاً ومقالاً.

{ وَ } إن شئت ازيداد القرب والثواب اسهر واستيقظ قطعةً { مِنَ ٱلْلَّيْلِ } واترك النوم فيها طلباً لمرضاة الله { فَتَهَجَّدْ بِهِ } أي: صلِّ فيها صلاة التهجد يتطويل القراءة؛ لتكون { نَافِلَةً } زائدة { لَّكَ } على فرائضك مزيدةً لقربك وكرامتك { عَسَىٰ أَن يَبْعَثَكَ } ويقيمك { رَبُّكَ } بسعيك واجتهادك في تهجدك { مَقَاماً مَّحْمُوداً } [الإسراء: 79] أي: مقاماً من مقامات القرب ودرجات الوصال مسمىً بالمقام المحمود؛ لأن كل من وصل إليه يُحمد له؛ إذ لا مقام أرفع منه وأعلى منه وأعلى رتبة ومكانة.

السابقالتالي
2 3