الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ وَإِذَا مَسَّكُمُ ٱلْضُّرُّ فِي ٱلْبَحْرِ ضَلَّ مَن تَدْعُونَ إِلاَّ إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى ٱلْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ ٱلإِنْسَانُ كَفُوراً } * { أَفَأَمِنْتُمْ أَن يَخْسِفَ بِكُمْ جَانِبَ ٱلْبَرِّ أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِباً ثُمَّ لاَ تَجِدُواْ لَكُمْ وَكِيلاً } * { أَمْ أَمِنْتُمْ أَن يُعِيدَكُمْ فِيهِ تَارَةً أُخْرَىٰ فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قَاصِفاً مِّنَ ٱلرِّيحِ فَيُغْرِقَكُم بِمَا كَفَرْتُمْ ثُمَّ لاَ تَجِدُواْ لَكُمْ عَلَيْنَا بِهِ تَبِيعاً } * { وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي ءَادَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِّنَ ٱلطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً } * { يَوْمَ نَدْعُواْ كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُوْلَـٰئِكَ يَقْرَؤونَ كِتَابَهُمْ وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً } * { وَمَن كَانَ فِي هَـٰذِهِ أَعْمَىٰ فَهُوَ فِي ٱلآخِرَةِ أَعْمَىٰ وَأَضَلُّ سَبِيلاً } * { وَإِن كَادُواْ لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ ٱلَّذِي أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذاً لاَّتَّخَذُوكَ خَلِيلاً } * { وَلَوْلاَ أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً } * { إِذاً لأذَقْنَاكَ ضِعْفَ ٱلْحَيَاةِ وَضِعْفَ ٱلْمَمَاتِ ثُمَّ لاَ تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيراً }

{ وَ } مما ارتكز في نفوسهم ورسخ في قلوبكم، أنكم { إِذَا مَسَّكُمُ ٱلْضُّرُّ فِي ٱلْبَحْرِ } بأن عرض لمركبكم ما يوجب كسرها وغرقها، وصرتم فيها حيارى سكارى، بحيث { ضَلَّ } وغاب عنكم { مَن تَدْعُونَ } وتستغيثون منه لو كنتم في البر، وما معكم من الأمتعة والبضاعات { إِلاَّ } استعانتكم واستغاثتكم { إِيَّاهُ } سبحانه، فإنه بذاته لا يغيب عنكم، ولا يفارقكم؛ إذ هو أقرب إليكم من حبل وريدكم { فَلَمَّا نَجَّاكُمْ } وخلّصكم سبحانه من تلك المضائق الهائلة { إِلَى ٱلْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ } عنه سبحانه، وصرتم متعلقين بما معكم من الأمتة والأعراض { وَكَانَ ٱلإِنْسَانُ } في أصل فطرته خُلق { كَفُوراً } [الإسراء: 67] لأنعم اللههَلُوعاً * إِذَا مَسَّهُ ٱلشَّرُّ جَزُوعاً } [المعارج: 19-20] نحو الحقوَإِذَا مَسَّهُ ٱلْخَيْرُ } كفوراًمَنُوعاً } [المعارج: 21] معرضاً عنه منكراًً له.

{ أَ } أعرضتم عنه سبحانه بعد إنجائه وصلاخه إياكم { فَأَمِنْتُمْ } عنه قهره وسخطه حين وصلتم إلى البر، مع أنه سبحانه قادراً على إهلاككم من البر أيضاً، أما تخافون { أَن يَخْسِفَ بِكُمْ جَانِبَ ٱلْبَرِّ } أي: يقلب عليك الأرض كما خسفها على قارون { أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ } ريحاً شديداً { حَاصِباً } ترميكم وترجمكم بحجارة كما رجمنا قوم لوط { ثُمَّ } بعدما أخذناكم في البر بأمثال هذه البليات { لاَ تَجِدُواْ لَكُمْ وَكِيلاً } [الإسراء: 68] حفيظاَ يحفظكم عن أمثال هذه المصيبات، أو يشفع لكم بتخفيفها وكشفها.

{ أَمْ أَمِنْتُمْ } أيها القاصرون عن إدراك قدر الله، وكما قدرته { أَن يُعِيدَكُمْ } ويلجئكم إلى الرجوع { فِيهِ } أي: في البحر { تَارَةً أُخْرَىٰ } بأسباب ووسائ لا تخطر ببالكم { فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ } في الكرة الأخرى لأخذكم وانتقامكم { قَاصِفاً } كاسراً { مِّنَ ٱلرِّيحِ } لتكسر مركبكم { فَيُغْرِقَكُم } فيه { بِمَا كَفَرْتُمْ } في اللكرة الأولى { ثُمَّ } بعد إرجاعنا إلى البحر، وإغراقنا فيه على نحو إنعامنا وإنجائنا ن قبل { لاَ تَجِدُواْ لَكُمْ عَلَيْنَا بِهِ تَبِيعاً } [الإسراء: 69] أي: لا تجدوا ناصراً ومعيناً لكم، فيظهر علينا بأخذكم وانتقامكم، ويطالب منا قصاص ما فعلنا بكم؛ إذ لا رادّ لفعلنا، ولا معقب لحكمنا، نفعل ما نشاء ونحكم ما نريد.

ثم قال سبحانه على سبيل الإنعام والامتنان: { وَلَقَدْ كَرَّمْنَا } وفضلنا { بَنِي ءَادَمَ } بأنواع الكرامة والتفضيل على سائر المخلوقات من حسن الصورة والسيرة واعتدال المزاج، واستواء القامة، والعقل المفاض المتشعب من العقل الكل الذي هو حضرة العلم الحضوري الإلهي، وكذا بالقدرة والإدارة، وسائر الصفات المترتبة على الصفات الذاتية الإلهية يشعر بخلافته ونيابته { وَ } مع ذلك { حَمَلْنَاهُمْ فِي ٱلْبَرِّ } بركوب النجائب من الخيل والبغال والبعير وغير ذلك، { وَ } في { ٱلْبَحْرِ } بركوب الجواري والسفن { وَرَزَقْنَاهُمْ مِّنَ ٱلطَّيِّبَاتِ } أي: الأطايب التي يكسبونها بأيديهم على مقتضى إقدارنا إياهم، وإعدادنا أسباب مكاسبهم معهم، وأبحنا لهم ما تستلذ به نفوسهم وتشتهي قلوبهم على وفق ما نطق به رسلهم وكتبهم.

السابقالتالي
2 3