الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ قُلْ كُونُواْ حِجَارَةً أَوْ حَدِيداً } * { أَوْ خَلْقاً مِّمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ فَسَيَقُولُونَ مَن يُعِيدُنَا قُلِ ٱلَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُؤُوسَهُمْ وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هُوَ قُلْ عَسَىٰ أَن يَكُونَ قَرِيباً } * { يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ وَتَظُنُّونَ إِن لَّبِثْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً } * { وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ ٱلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ ٱلشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ ٱلشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوّاً مُّبِيناً } * { رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ إِن يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ أَوْ إِن يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ وَمَآ أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً } * { وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ ٱلنَّبِيِّينَ عَلَىٰ بَعْضٍ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُوراً } * { قُلِ ٱدْعُواْ ٱلَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِهِ فَلاَ يَمْلِكُونَ كَشْفَ ٱلضُّرِّ عَنْكُمْ وَلاَ تَحْوِيلاً } * { أُولَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَىٰ رَبِّهِمُ ٱلْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُوراً } * { وَإِن مِّن قَرْيَةٍ إِلاَّ نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوهَا عَذَاباً شَدِيداً كَانَ ذٰلِك فِي ٱلْكِتَابِ مَسْطُوراً }

{ قُلْ } يا أكمل الرسل في جوابهم تبكيتاً لهم والزاماً: لا تستبعدوا أيها الضالون المعاندون أمثال هذا البعث والحياء عن قدرة الله في الأشياء التي عهدوا حياتهم من قبل؛ إذ لا بُعْدَ ولا غرابة فيها، بل { كُونُواْ حِجَارَةً } أبعد بمراحل عن قبول الحياة { أَوْ حَدِيداً } [الإسراء: 50] هو أشدّ بعداً.

{ أَوْ خَلْقاً } آخر مثلاً، هو { مِّمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ } ويستحيل في نفوسكم اتصافه بالحياة، فالله المقتدر بالقدرة الكاملة، والقوة الشاملة قادر على إحيائها وإيجادها، إن تعلقتْ إرادته، ومضت مشيئته على تكوينه وإظهاره، ثمَّ بعدما أُفحموا من سماع الحجة القوية، وانحسرت عقولهم عن المقابلة معها { فَسَيَقُولُونَ } مستفهمين عن تعيين الحق المبدئ المعيد على سبيل الإنكار: { مَن يُعِيدُنَا } بعد موتنا وصيرورتنا عظاماً ورفاتاً؟ { قُلِ ٱلَّذِي فَطَرَكُمْ } وأظهركم من كتم العدم { أَوَّلَ مَرَّةٍ } إظهاراً إبداعياً، وإيجاداً اختراعياً، بلا سبق مادةٍ ومدةٍ، فإعادتكم أهون عليه من إبدائكم وإبداعكم.

وبعدما سمعوا منك قولك { فَسَيُنْغِضُونَ } ويحركون { إِلَيْكَ } أيها المؤيَّد من عند الله لإلزام أولئك الغواة الطغاة، الهالكين في تيه المكابرة والعناد { رُؤُوسَهُمْ } على وجه الاستبعاد والاستهزاء { وَيَقُولُونَ } مستسخرين: { مَتَىٰ هُوَ } مع أن الأنبياء الماضين يدَّعون مثلك قيامها، فلم تقع بعدُ، وأنت أيضاً تدَّعى، فلا تقع، وما هي إِلاَّ مجرد الدعوى منكم ومنهم، بلا وقوعٍ ولا وروردٍ؟! { قُلْ } لهم يا أكمل الرسل: { عَسَىٰ أَن يَكُونَ قَرِيباً } [الإسراء: 51] أي: بعدما ختم أمر الرسالة والتشريع، وكمُل بناء الدين، قَرُبَ وقوعها.

فانتظروا أيها المؤمنون المصدقون ليوم البعث والحشر مترصدين مترقبين { يَوْمَ يَدْعُوكُمْ } الله للبعث والحشر { فَتَسْتَجِيبُونَ } طائعين راغبين ملتبسين { بِحَمْدِهِ } معترفين على كمال قدرته، ووفور حوله وقوته { وَ } تذكروا من طول ذلك اليوم، وشدة أهواله وإفزاعه، حيث { تَظُنُّونَ } وتعتقدون فيه { إِن لَّبِثْتُمْ } أي: ما لبثتم وأقمتم في النشأة الأولى { إِلاَّ قَلِيلاً } [الإسراء: 52] أي: تستقلون وتستقصرون مدة لبثكم فيها من كثرة شدائدها وأهوالها.

{ وَقُل } يا أكمل الرسل على سبيل العظة والتذكير، وتهذيب الأخلاق، وتصفية الباطن { لِّعِبَادِي } يعني: المؤمنين الموقنين لشئوني وظهوري على سبيل جلياتي في النشأة الأولى والأخرى، إذا أرادوا إهداء التائهين في بحر الغفلة والضلال: { يَقُولُواْ } كل منهم، وقت تذكيرهم وتنبيههم رفقاً لهم، وتلييناً لقلوبهم، بالكلمة { ٱلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ } الكلمات وألينُها، وأتمُّها نفعاً، وأقربُها للقبول، لا بالتي هي أخشن وأغلظ لتكون مدخلاً للشيطان { إِنَّ ٱلشَّيْطَانَ } المضل المغوي { يَنزَغُ } أي: يُوقع القتنة بين المرشد والمسترشد، ويهيجها ويثيرها إلى أن أدى الأمر إلى المشاجرة والمقاتلة، وأنواع الخصومات المخلة للحكمة المقصودة من أمر النبوة والرسالة، والكلمة الغليظة كثيراً ما يفضي إليها، فيفوت الغرض الأصلي { بَيْنَهُمْ إِنَّ ٱلشَّيْطَانَ كَانَ } في أصل جبلته وفطرته خُلق { لِلإِنْسَانِ عَدُوّاً مُّبِيناً } [الإسراء: 53] ظاهر العداوة، ومستمر الفتنة، بحيث لا يُردى دفع عداوته أصلاً.

السابقالتالي
2 3