الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ ذَلِكَ مِمَّآ أَوْحَىٰ إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ ٱلْحِكْمَةِ وَلاَ تَجْعَلْ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهاً آخَرَ فَتُلْقَىٰ فِي جَهَنَّمَ مَلُوماً مَّدْحُوراً } * { أَفَأَصْفَاكُمْ رَبُّكُم بِٱلْبَنِينَ وَٱتَّخَذَ مِنَ ٱلْمَلاۤئِكَةِ إِنَاثاً إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلاً عَظِيماً } * { وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَـٰذَا ٱلْقُرْآنِ لِيَذَّكَّرُواْ وَمَا يَزِيدُهُمْ إِلاَّ نُفُوراً } * { قُلْ لَّوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذاً لاَّبْتَغَوْاْ إِلَىٰ ذِي ٱلْعَرْشِ سَبِيلاً } * { سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوّاً كَبِيراً } * { تُسَبِّحُ لَهُ ٱلسَّمَٰوَٰتُ ٱلسَّبْعُ وَٱلأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَـٰكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً } * { وَإِذَا قَرَأْتَ ٱلْقُرآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ حِجَاباً مَّسْتُوراً } * { وَجَعَلْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِيۤ ءَاذَانِهِمْ وَقْراً وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي ٱلْقُرْءَانِ وَحْدَهُ وَلَّوْاْ عَلَىٰ أَدْبَٰرِهِمْ نُفُوراً } * { نَّحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَسْتَمِعُونَ بِهِ إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ وَإِذْ هُمْ نَجْوَىٰ إِذْ يَقُولُ ٱلظَّالِمُونَ إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلاً مَّسْحُوراً } * { ٱنْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُواْ لَكَ ٱلأَمْثَالَ فَضَلُّواْ فَلاَ يَسْتَطِيعْونَ سَبِيلاً } * { وَقَالُوۤاْ أَءِذَا كُنَّا عِظَاماً وَرُفَاتاً أَءِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً }

{ ذَلِكَ } المذكور من الأحكام المتقدمة، مِنْ أول السورة إلى هنا { مِمَّآ أَوْحَىٰ إِلَيْكَ رَبُّكَ } يا أكمل الرسل تربيتةً لك، وتأييداً لأمرك { مِنَ ٱلْحِكْمَةِ } المتقنة التي يجب الامتثال والانصاف بها على من أراد سلوك سبيل التوحيد، المبنيِّ على عدالة الأخلاق والأطوار والشئون { وَ } معظم المنهيات والمحظورات: الشرك بالله. العياذ بالله منه. لذلك كرره تأكيداً ومبالغةً، وبالغ في الاحتراز عنه حبيبه، حيث قال: { لاَ تَجْعَلْ مَعَ ٱللَّهِ } المتوحد المتفرد في ذاته، المعبود بالحق والاستحقاق { إِلَـٰهاً آخَرَ } يعبد له كعبادته، وإن اتخذتَ إليهاً سواه { فَتُلْقَىٰ فِي جَهَنَّمَ } البعد والخذلان، حال كونك { مَلُوماً } تلوم نفسك بأنواع الملومات بما ضاع عنك من التوحيد المنجي عن جميع المضائق والمهالك { مَّدْحُوراً } [الإسراء: 39] مبعدً عن رحمة الله، وسعة فضله وإحسانه.

{ أَ } تزعمون أيها المشركون المستكبرون أن الله المتعزز برداء العظمة والكبرياء فضَّلكم على نفسه { فَأَصْفَاكُمْ } أي: خصصكم واجتباكم { رَبُّكُم بِٱلْبَنِينَ } الذين هم أكرم الأولاد وأشرفها { وَٱتَّخَذَ } لنفسه أولاداً { مِنَ ٱلْمَلاۤئِكَةِ إِنَاثاً } نواقص عقلاً وديناً { إِنَّكُمْ } أيها المسرفون بإقدامكم واجترائكم على الله بأمثال هذه الهذيانات الباطلة { لَتَقُولُونَ } في حق الله { قَوْلاً عَظِيماً } [الإسراء: 40] بهتاناً وزوراً، تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً.

إذ نسبة الأولاد إلى الصمد المنزه عن الأنداد في نهاية الشناعة والفساد، وأشنعُ منه نسبة الإناث إليه، ثمَّ نسبة الملائكة الذين هم من أفضل عباد الله وأشرفهم إلى الأنوثة المستحقرة المذمومة شرعاً وعقلاً، هذا مع غاية الإفراط في حق الله، والتفريط في خلَّص عباده؛ لذلك وصف سبحانه هذا القول الشنيع بالعظمة.

ثمَّ قال سبحانه توبيخاً لهم وتقريعاً، وإشارةً إلى تناهيهم في الضلال والطغيان: { وَلَقَدْ صَرَّفْنَا } وكررنا مراراً شناعةَ هذا القول؛ أي: نسبة الولد إلى الله الصمد المنزه في ذاته عن الأهل والولد { فِي هَـٰذَا ٱلْقُرْآنِ } المنزل لهداية أهل الغي والضلال { لِيَذَّكَّرُواْ } أي: ليتذكروا ويتعظوا، ويتفطنوا إلى وخامة عواقبه ومآله، ومع ذلك لم يتذكروا ولم يتفطنوا، بل { وَمَا يَزِيدُهُمْ } التكرار والمبالغة { إِلاَّ نُفُوراً } [الإسراء: 41] إعراضاً عن الحق، وإصراراً على ما عليه من الباطل.

{ قُلْ } لهم يا أكمل الرسل إلزاماً وتبكيتاً: { لَّوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ } أمثاله { كَمَا يَقُولُونَ } وتدَّعون أيها المشركون، هم معبودون بالحق، مستحقون للعبادة كما زعمتم { إِذاً لاَّبْتَغَوْاْ } ولطلبوا { إِلَىٰ } معاداة { ذِي ٱلْعَرْشِ سَبِيلاً } [الإسراء: 42] ليغلبوا عليه، ويستولوا على ملكه، كما يفعل الولاة بعضهم مع بعض؛ إذ لو عجزوا عن مماراته ومقابلته، لم يكونوا مثله، فلم يستحقوةا للعبادة المطلقة مثله.

{ سُبْحَانَهُ } أي: نزه سبحانه ذاته تنزيهاً بليغاً، وقدس تقديساً متناهياً في القدس والنزاهة { وَتَعَالَىٰ } أي: تَرفَّع وتعاظم { عَمَّا يَقُولُونَ } هؤلاء الظالمون، المسرفون المفرطون في شأنه من إثبات الشريك المماثل له، والكفء المتكافىء معه { عُلُوّاً كَبِيراً } [الإسراء: 43] أي: تعالياً وتباعداً في غاية البعد والاستحالة؛ إذ لا موجود سواه، ولا إله غيره.

السابقالتالي
2 3