الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ وَمَن يَهْدِ ٱللَّهُ فَهُوَ ٱلْمُهْتَدِ وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِهِ وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ عَلَىٰ وُجُوهِهِمْ عُمْياً وَبُكْماً وَصُمّاً مَّأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيراً } * { ذَلِكَ جَزَآؤُهُم بِأَنَّهُمْ كَفَرُواْ بِآيَاتِنَا وَقَالُواْ أَءِذَا كُنَّا عِظَاماً وَرُفَاتاً أَءِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً } * { أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّ ٱللَّهَ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ قَادِرٌ عَلَىٰ أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ وَجَعَلَ لَهُمْ أَجَلاً لاَّ رَيْبَ فِيهِ فَأَبَىٰ ٱلظَّالِمُونَ إِلاَّ كُفُوراً } * { قُل لَّوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَآئِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذاً لأمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ ٱلإِنْفَاقِ وَكَانَ ٱلإنْسَانُ قَتُوراً } * { وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَىٰ تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ فَسْئَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِذْ جَآءَهُمْ فَقَالَ لَهُ فِرْعَونُ إِنِّي لأَظُنُّكَ يٰمُوسَىٰ مَسْحُوراً } * { قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَآ أَنزَلَ هَـٰؤُلاۤءِ إِلاَّ رَبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ بَصَآئِرَ وَإِنِّي لأَظُنُّكَ يٰفِرْعَونُ مَثْبُوراً } * { فَأَرَادَ أَن يَسْتَفِزَّهُم مِّنَ ٱلأَرْضِ فَأَغْرَقْنَاهُ وَمَن مَّعَهُ جَمِيعاً } * { وَقُلْنَا مِن بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ ٱسْكُنُواْ ٱلأَرْضَ فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ ٱلآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفاً }

{ وَ } بعد ما ثبتَ أن أمرهم موكول إلى الله وحالهم محفوظُ عنده { مَن يَهْدِ ٱللَّهُ } الهادي وتعلَّقَ إرادتهُ بهدايته { فَهُوَ ٱلْمُهْتَدِ } أي: هو مقصورُ على الهداية لا يتعداها أصلاً { وَمَن يُضْلِلْ } اللهُ، وتعلَّقَ مشيئتهُ بضلاله { فَلَن تَجِدَ } يا أكمل الرسل { لَهُمْ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِهِ } أي: من دون الله يوالونهم، ويظاهرون عليهم، وينقذونهم من بأس الله وبطشه بعدما أخذتهم العزة بإثمهم { وَ } لذلك { نَحْشُرُهُمْ } ونبعثهم { يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ } بعد تنقيد أعمالهم منكبين منكوسين { عَلَىٰ وُجُوهِهِمْ } تنفيذاً لأحكامنا؛ يعني: يُسحبون ويجرون نحو جهنم البعد والخذلان { عُمْياً } لكونهم في النشأة الأولى أعمى من رؤية الحق في المظاهر والأعيان { وَبُكْماً } لكونهم صامتين ساكتين عما ظهر لهم من دلائل التوحيد عناداً ومكابرةً { وَصُمّاً } لكونهم أُصْمِيْنَ عن استماع كلمة الحق من ألسنة الرسل وورّاثهم؛ أي: العلماء، لذلك صار { مَّأْوَاهُمْ } ومنزلهم { جَهَنَّمُ } الطرد والحرمان المسعَّر بنيران الخذلان والخسران، وصارت من كمال سعرها إلى حيث { كُلَّمَا خَبَتْ } وسكنتْ لهبُ نارها بعدما أكلتْ جلودهم ولحومهم { زِدْنَاهُمْ } جلوداً ولحوماً مثل جلودهم ولحومهم، بل عينه؛ يعني: كلما انمحت جلودهم ولحومهم نعيدهم على ما كانوا لتصير { سَعِيراً } [الإسراء: 97] ذا شررٍ والتهابٍ مفرطٍ، بعدما وجدتْ ما تأكل، والسر في تكرارها وإعادتها: إنكارُهم للحشر وأعادة المعدوم بعينه.

{ ذَلِكَ } الذي سمعت من العذاب { جَزَآؤُهُم } أي: جزاء المنكرين الكافرين، وإنما عذبناهم بها { بِأَنَّهُمْ } أي: بسبب أنهم { كَفَرُواْ بِآيَاتِنَا } الدالّة على الحشر الجسماني { وَقَالُواْ } منكرين مستبعدين: { أَءِذَا كُنَّا عِظَاماً وَ } صرنا { رُفَاتاً } أي: هباءً وغباراً { أَءِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً } أي: مخلوقاً موجوداً { جَدِيداً } [الإسراء: 98] مثل المخلوق الأول؟! كلا وحاشا.

{ أَ } ينكرون الحشر وإعادة المعدوم بعينه، ويصرون على الإنكار أولئك المعاندون { وَلَمْ يَرَوْاْ } ولم يعلموا { أَنَّ ٱللَّهَ } القادر المقتدر { ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ } خلقاً إبداعياً اختراعياً بلا سبقِ مادةٍ وزمانٍ { قَادِرٌ عَلَىٰ أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ } بعد إعدامهم وموتهم، مع أن الإعادة أسهل وأيسر من الإنشاء والإبداء { وَ } لم يعلموا كيف { جَعَلَ } أي: صيّر وقدر { لَهُمْ أَجَلاً } معيناً { لاَّ رَيْبَ فِيهِ } متى وصلوا إليه ماتوا؛ بحيث لا يسمع لهم طالب التقديم والتأخير أصلاً، ومع وضوح هذه الدلائل والشواهد { فَأَبَىٰ } وامتنع { ٱلظَّالِمُونَ } الخارجون عن مقتضى العقل والنقل عن قبول الحق وتصديق الحق المطابق، للواقع، ما يزيدهم وروده ووضوحه { إِلاَّ كُفُوراً } [الإسراء: 99] أي: جحوداً وإنكاراً للحق لخبث طينتهم ورداءة فطرتهم، متوهمين نفاد قدرة الله عند مراده وانقضاء تمكينه واقتداره لدى المقدور.

{ قُل } للمنكرين المتوهمين نفاد قدرة الله وانصرام حوله وقوته عن مراده: لا تقيسوا الغائب على الشاهد، ولا تتوهموا الشح والبخل والعجز والاضطرار في حق الله بل الكل هو من أوصافكم وخواصكم؛ إذ { لَّوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَآئِنَ رَحْمَةِ رَبِّي } مع سمعتها وعدم نفادها وتناهيها أصلاً { إِذاً لأمْسَكْتُمْ } وبخلتم { خَشْيَةَ ٱلإِنْفَاقِ } أيك مخافة النفاد بالإنفاق بلا وضع شيءٍ بدل ما ينفق { وَكَانَ ٱلإنْسَانُ } خُلق في أصل فطرته { قَتُوراً } [الإسراء: 100] ممسكاً لازدحام لوازم الإمكان الافتقار فيه؛ إذ هو أحوج المظاهر وأبعدهم عن الوحدة الذاتية؛ لأنه آخر نقطة قوس الإمكان، وهي نهاية الكثرة، وصار أول نقطة قوس الوجوب إن انخلع عن ملابس الإمكان، وتجرد عنها بالمرة بلا شوب شينٍ ونقصانس.

السابقالتالي
2