الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ وَإِذَا رَأى ٱلَّذِينَ أَشْرَكُواْ شُرَكَآءَهُمْ قَالُواْ رَبَّنَا هَـٰؤُلآءِ شُرَكَآؤُنَا ٱلَّذِينَ كُنَّا نَدْعُوْا مِن دُونِكَ فَألْقَوْا إِلَيْهِمُ ٱلْقَوْلَ إِنَّكُمْ لَكَاذِبُونَ } * { وَأَلْقَوْاْ إِلَىٰ ٱللَّهِ يَوْمَئِذٍ ٱلسَّلَمَ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ } * { ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَاباً فَوْقَ ٱلْعَذَابِ بِمَا كَانُواْ يُفْسِدُونَ } * { وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً عَلَيْهِمْ مِّنْ أَنْفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيداً عَلَىٰ هَـٰؤُلآءِ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ ٱلْكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَىٰ لِلْمُسْلِمِينَ } * { إِنَّ ٱللَّهَ يَأْمُرُ بِٱلْعَدْلِ وَٱلإحْسَانِ وَإِيتَآءِ ذِي ٱلْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ ٱلْفَحْشَاءِ وَٱلْمُنْكَرِ وَٱلْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ } * { وَأَوْفُواْ بِعَهْدِ ٱللَّهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ وَلاَ تَنقُضُواْ ٱلأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ ٱللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ ٱللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ }

{ وَ } الله { إِذَا رَأى ٱلَّذِينَ أَشْرَكُواْ شُرَكَآءَهُمْ } حين يأسوا وقنطوا من شفاعتهم ومعاونتهم، وعاينوهم أنهم هكلى أمثالهم { قَالُواْ } متضرعين إلى الله نادمين: { رَبَّنَا } يا من ربَّانا بأنواع اللطف والكرم، فكَفَرنا نعمك و بك، وبأوامرك ونواهيك الجارية على ألسنة رسلك { هَـٰؤُلآءِ } الهلكى الغاوون { شُرَكَآؤُنَا ٱلَّذِينَ كُنَّا نَدْعُوْا مِن دُونِكَ } عناداً ومكابرةً، وبواسطة هؤلاء الضُلاّل رَدَدْنا قول أنبيائك ورسلك وكتبك، ثمَّ لما سمع شركاؤهم منهم قولهم هذا { فَألْقَوْا } وأجابوا { إِلَيْهِمُ ٱلْقَوْلَ }: ما تَدْعُون وما تعبدون إيها الضالون الظالمون إلاَّ أهويتكم وأمانيكم { إِنَّكُمْ لَكَاذِبُونَ } [النحل: 86] مقصورون على الكذب والزور في دعوى إطاعتنا وعبادتنا.

{ وَ } حين اضطر أولئك المشركون الضالون { أَلْقَوْاْ إِلَىٰ ٱللَّهِ يَوْمَئِذٍ ٱلسَّلَمَ } أي: الاستسلام والانقياد بعدما تعنتوا واستكبروا في النشأة الأولى، وما ينفعهم حينئذٍ انقيادهم وتسليمهم { وَضَلَّ عَنْهُم } اي: خَفِي عليهم، وضاع عنهم { مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ } [النحل: 87] على شركائهم من الشفاعة لدى الحاجة، حتى تبرأوا منهم و كذَّبوهم.

ثمَّ قال سبحانه: { ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } وأعرضوا عن الحق بأنفسهم { وَ } مع ذلك { صَدُّواْ } ومنعا ضعفاء الأنام { عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ } الموصِل إلى توحيده، وهو اشرع الشريف المصطفوي { زِدْنَاهُمْ } في النشأة الأخرى بسبب ضلالهم وإضلالهم { عَذَاباً فَوْقَ ٱلْعَذَابِ بِمَا كَانُواْ يُفْسِدُونَ } [النحل: 88] الغير عن متابعتك يا أكمل الرسل، ويفسدون في أنفسهم.

{ وَ } اذكر لهم { يَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً عَلَيْهِمْ مِّنْ أَنْفُسِهِمْ } وهو نبيهم ورسولهم { وَجِئْنَا بِكَ } أي أكمل الرسل { شَهِيداً عَلَىٰ هَـٰؤُلآءِ } الغواة البغاة، المنهمكين في بحر الإعراض الإضلال { وَ } الحال: أنا قد { نَزَّلْنَا عَلَيْكَ ٱلْكِتَابَ } المشتمل لفوائد جميع الأديان والكتب، وجعلناه { تِبْيَاناً } موضحاً مفصلاً { لِّكُلِّ شَيْءٍ } يُحتاج إليه من أمور الدين من الشعائر والأحكام والأركان، والآداب والأخلاق، واملندوبات والمحظورات، والمواعظ والتذكيرات، والقصص التي عتبر منها المعتبرون المسترشدون بالنسبة إلى عوام المؤمنين { وَهُدًى } إلى معارف وحقائق، يهديهم إلى طريق التوحيد المنجي عن غياهب التقليدات والتخمينات بالنسبة إلى خواصهم.

{ وَرَحْمَةً } أي: كشفاً وشهوداً مترتبة على الجذبة الخطفة، والخطوة بالنسبة إلى خواص الخواص { وَ } بالجملة: ما هو إلاَّ { بُشْرَىٰ لِلْمُسْلِمِينَ } [النحل: 89] المنقادين لله بسرائرهم وظواهرهم، مفوضين أمورهم كلها إليه بلا تلعثهم وتذبذب.

وكيف لا يسلمون ويفوضون { إِنَّ ٱللَّهَ } المدبر لمصالح عباده { يَأْمُرُ } أولاً عباده { بِٱلْعَدْلِ } أي: القِسط والاعتدال في جميع الأفعال والأقوال، والشئون والأطوار { وَٱلإحْسَانِ } ثانياً؛ لأنهم ما لم يعتدلوا ولم يستقيموا لم يتأت لهم التخلق بأخلاق الله التي هي كمال الإحسان والعرفان { وَإِيتَآءِ ذِي ٱلْقُرْبَىٰ } ثالثاً؛ أي: إيصال ما حصل لهم من الم عارف والحقائق، والمكاشفات والمشاهدات إلى مستحقهم من ذوي القربى من جهة الدين، المتوجهين نحو الحق عن ظهر القلب، الراغبين إليه عن محض المحبة والوداد، المتعطشين إلى زلال توحيده؛ لأنهم ما لم يتمكنوا ويتقرروا في مرتبة الإحسان، لم يتأت منهم الاستكمال والاسترشاد.

السابقالتالي
2