الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ وَٱللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِّنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَجَعَلَ لَكُمْ مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُم مِّنَ ٱلطَّيِّبَاتِ أَفَبِٱلْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ ٱللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ } * { وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لاَ يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقاً مِّنَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ شَيْئاً وَلاَ يَسْتَطِيعُونَ } * { فَلاَ تَضْرِبُواْ لِلَّهِ ٱلأَمْثَالَ إِنَّ ٱللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ } * { ضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلاً عَبْداً مَّمْلُوكاً لاَّ يَقْدِرُ عَلَىٰ شَيْءٍ وَمَن رَّزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقاً حَسَناً فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرّاً وَجَهْراً هَلْ يَسْتَوُونَ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } * { وَضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلاً رَّجُلَيْنِ أَحَدُهُمَآ أَبْكَمُ لاَ يَقْدِرُ عَلَىٰ شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَىٰ مَوْلاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّههُّ لاَ يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَن يَأْمُرُ بِٱلْعَدْلِ وَهُوَ عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } * { وَلِلَّهِ غَيْبُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَآ أَمْرُ ٱلسَّاعَةِ إِلاَّ كَلَمْحِ ٱلْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }

{ وَٱللَّهُ } المدبر المصلح لأحوال عباده { جَعَلَ لَكُمْ } تفضلاً عليكم { مِّنْ أَنْفُسِكُمْ } أي: من جنسكم، وبني نوعكم { أَزْوَاجاً } نساءاً، تستأذنون بهن، وتستنسلون منهم { وَجَعَلَ لَكُمْ مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ } ليخلفوا فيكم، ويحيوا أسماءكم { وَ } جعل لكم من أبنائكم وبناتكم { حَفَدَةً } يسرعون إلى خدمتكم وطاعتكم { وَ } بالجملة: { رَزَقَكُم } الله تفضلاً عليكم وامتناناً { مِّنَ ٱلطَّيِّبَاتِ } العقوبة المقومة لأمزجتكم وبنيتكم؛ لتواظبوا على طاعة الله، وتداوموا الميلَ إلى جنابه، وتلازموا شكر: نعمه { أَ } تتركون متابعة الحق الحقيق بالنعمة، وهو القرآن المعجز، والرسول المبين له { فَبِٱلْبَاطِلِ } الذي هو الأصنام والأوثان { يُؤْمِنُونَ } يصدقون ويعبدون { وَ } بالجملة: { بِنِعْمَتِ ٱللَّهِ } النعم المكرم بأنواع الكرم { هُمْ يَكْفُرُونَ } [النحل: 72] حيث صرفوها إلى خلاف ما أُمروا يصرفها؛ إذ إعطاء النعم إياهم إنما هو لتقوية طاعة الله، وكسب معارفه وحقائقه، لا لعبادة الأصنام والأوثان الباطلة.

{ وَ } من خبث باطنهم، وثمرة كفرانهم نعم الله أنهم { يَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ } المالك لأزمة الأمور الجارية في خلال الزمان والدهور { مَا لاَ يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقاً } معنوياً روحانياً فائضاً { مِّنَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ } أي: عالم الأسماء، والصفات على مقتضى الجود الإلهي { وَ } لا رزقاً صورياً جسمانياً معنوياً؛ لاكتساب المعارف الروحانية، مستخرجة من { ٱلأَرْضِ } أي: معالم الهيولي والطبيعة { شَيْئاً وَ } هم أيضاً { لاَ يَسْتَطِيعُونَ } [النحل: 73] لأنفسهم، فكيف لغيرهم؟!.

{ فَلاَ تَضْرِبُواْ } ولا تثبتوا أيها الجاهلون بقدر الله وعلو شأنه { لِلَّهِ } المنزه عن الأنداد والأشباه { ٱلأَمْثَالَ } إذ لا مثل ولا شبه ولا كفء، فكيف يشاركون له دونه { إِنَّ ٱللَّهَ } المطلع لجميع الكوائن والفواسد { يَعْلَمُ } بعلمه الحضوري جميع أحوالكم، وأحوال معبوداتكم، وما حرى عليكم وعليهم { وَأَنْتُمْ } أيها الغافلون الجاهلون بحق قدره { لاَ تَعْلَمُونَ } [النحل: 74] منه شيئاً، فكيف تضربون له مثلاً؟!.

بل { ضَرَبَ ٱللَّهُ } العالم بجيمع السرائر والخفايا { مَثَلاً } لنفسه، ولمن آثبت المشركون له سبحانه شريكاً من الأصنام والأوثان مثّل سبحانه شركاءهم { عَبْداً مَّمْلُوكاً } رقيقاً لا مكاتباً { لاَّ يَقْدِرُ عَلَىٰ شَيْءٍ } من التصرف في مكاسبه بغير إذن مولاه { وَ } مثَّل سبحانه نفسه { مَن رَّزَقْنَاهُ مِنَّا } يعني: من أحرارنا لأرقائهم تفضلاً وإحساناً { رِزْقاً حَسَناً } حلالاً وافراً { فَهُوَ يُنْفِقُ } ويتصرف { مِنْهُ } أي: من رزقه وكسبه { سِرّاً } بحيث لا يطلع على إنفاقه أحد، حتى الفقراء المستحقون { وَجَهْراً } وعلانية على رءوس الملأ.

{ هَلْ يَسْتَوُونَ } الأحرار المتصرفون أموالهم بالاستقلال والاختيار، وأولئك العبيد المعزولون عن التصرف رأساً { ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ } على ما أعطانا عقلاً نجزم به عدم المساواة بين الفريقين، ونميز به الحق عن الباطل، والهداية عن الضلال { بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } [النحل: 75] الفرق بين كلا الفريقين؛ لعدم صرفهم نعمه العقل إلى ما خُلق لأجله، وهو الامتياز المذكور.

{ وَضَرَبَ ٱللَّهُ } وَهُوَ أيضاً { مَثَلاً } لنفسه، ولتك المعبودات الباطلة، فقال: مثَلُنا ومثَلُهم مثلُ { رَّجُلَيْنِ أَحَدُهُمَآ أَبْكَمُ } أي: أخرس وأصم { لاَ يَقْدِرُ عَلَىٰ شَيْءٍ } من التفهم والتفيهم { وَ } كيف يقدر على النفع للغير؛ إذ { هُوَ } في نفسه { كَلٌّ } ثقل { عَلَىٰ مَوْلاهُ } أي: حافظه ومولي أموره { أَيْنَمَا يُوَجِّههُّ } ويصرفه لطلب المهام { لاَ يَأْتِ بِخَيْرٍ } نجحٍ ونيلٍ، وهو مثل الأصنام العاطلة الكليلة التي لا خير فيها أصلاً { هَلْ يَسْتَوِي } أيها العقلاء المميزون { هُوَ } أي: هذا الموصوف بالأوصاف المذكورة { وَمَن } هو ذو منطق فصيح معرب { يَأْمُرُ بِٱلْعَدْلِ } وينال بالخير والحسنى أينما توجهه بنفسه { وَهُوَ عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } [النحل: 76] معتدلٍ مائلٍ عن كلا طرفي الافراط والتفريط المذمومَين، وهو مثل لله الواحد الأحد الصمد، المتصرف المستقل في ملكه بالإرادة والاختيار.

السابقالتالي
2