الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ وَيَجْعَلُونَ لِمَا لاَ يَعْلَمُونَ نَصِيباً مِّمّا رَزَقْنَاهُمْ تَٱللَّهِ لَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَفْتَرُونَ } * { وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ ٱلْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ وَلَهُمْ مَّا يَشْتَهُونَ } * { وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِٱلأُنْثَىٰ ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ } * { يَتَوَارَىٰ مِنَ ٱلْقَوْمِ مِن سُوۤءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَىٰ هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي ٱلتُّرَابِ أَلاَ سَآءَ مَا يَحْكُمُونَ } * { لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ مَثَلُ ٱلسَّوْءِ وَلِلَّهِ ٱلْمَثَلُ ٱلأَعْلَىٰ وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ } * { وَلَوْ يُؤَاخِذُ ٱللَّهُ ٱلنَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَّا تَرَكَ عَلَيْهَا مِن دَآبَّةٍ وَلٰكِن يُؤَخِّرُهُمْ إلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّىٰ فَإِذَا جَآءَ أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ } * { وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ مَا يَكْرَهُونَ وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ ٱلْكَذِبَ أَنَّ لَهُمُ ٱلْحُسْنَىٰ لاَ جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ ٱلْنَّارَ وَأَنَّهُمْ مُّفْرَطُونَ } * { تَٱللَّهِ لَقَدْ أَرْسَلْنَآ إِلَىٰ أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَزَيَّنَ لَهُمُ ٱلشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَهُوَ وَلِيُّهُمُ ٱلْيَوْمَ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } * { وَمَآ أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ ٱلْكِتَابَ إِلاَّ لِتُبَيِّنَ لَهُمُ ٱلَّذِي ٱخْتَلَفُواْ فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ }

والعجب كل العجب ينكرن بنا، مع أنا متصفون بجميع أوصاف الكمال، منعمون لهم بالنعم الجليلة الجزيلة { وَيَجْعَلُونَ } ويعينون { لِمَا لاَ يَعْلَمُونَ } أي: لآلهتهم التي لا يعلمون ولا يفهمون منهم حصول الفائدة لهم، وجلب النفع إليهم أصلاً؛ إذ هي جمادات نحتوها بأيديهم { نَصِيباً } أي: حظاً كاملاً { مِّمّا رَزَقْنَاهُمْ } وسقنا نحوهم جهلاً وعناداً، ومع ذلك خيلوا أنهم لا يسألون عنها، ولا يؤاخذون عليها، بل يثابون بها على زعمهم الفاسد، ورأيهم الكاسد { تَٱللَّهِ لَتُسْأَلُنَّ } أيها المسرفون { عَمَّا كُنْتُمْ تَفْتَرُونَ } [النحل: 56] علينا بإثبات الشركاء، وإسناد نعمنا إليهم افتراءً ومراءً.

{ وَ } من جملة متفرياتهم بالله المنزه عن الأشياء والأولاد: إنهم { يَجْعَلُونَ } ويثبتون { لِلَّهِ ٱلْبَنَاتِ } حيث يقولون: الملائكة بنات الله، مع أنهم يكرهونها لأنفسهم { سُبْحَانَهُ } وتعالى عما يقولون علواً كبيراً { وَلَهُمْ } أي: يثبتون لأنفسهم { مَّا يَشْتَهُونَ } [النحل: 57] من البنين.

{ وَ } الحال أنهم { إِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِٱلأُنْثَىٰ } أي: بولادتها { ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً } أي: صار وجهه أسود من غاية الحزن والكراهة { وَهُوَ } حينئذٍ { كَظِيمٌ } [النحل: 58] ممتلئ من الغيظ والبغض على الزوجة والوليدة.

وصار من شدة الغم والهم إلى حيث { يَتَوَارَىٰ } ويستتر { مِنَ ٱلْقَوْمِ } استحياءً { مِن سُوۤءِ مَا بُشِّرَ بِهِ } أي: الوليدة المبشرة بها، وتردد في أمرها { أَيُمْسِكُهُ عَلَىٰ هُونٍ } أي: هوان ومذلة { أَمْ يَدُسُّهُ } ويخفيه { فِي ٱلتُّرَابِ } غيرةً وحميةً { أَلاَ سَآءَ مَا يَحْكُمُونَ } [النحل: 59] لأنفسهم ما يشتهون، والله المنزه عن الولد ما يكرهون.

ثمَّ قال سبحانه: { لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ } المعدة لعرض الأعمال على الله والجزاء منه على مقتضاها { مَثَلُ ٱلسَّوْءِ } في حق الله المنزه عن الأهل والولد، سيما نسبتهم إليه ما يستقبحه نفوسهم من إثبات البنات له، تعالى عما يقول الظالمون علواً كبيراً { وَلِلَّهِ ٱلْمَثَلُ ٱلأَعْلَىٰ } هو الغني عن العالم ما فيها، فكيف الزواج الإيلاد، واللذين هما من أقوى أسباب الإمكان النافي للوجوب الذاتي الذي هو من لوازم الألوهية والربوبية { وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ } الغالب المتفرد، المنيع ساحة عزته عن الاحتياج إلى غيره مطلقاً، فكيف إلى الزجة والولد { ٱلْحَكِيمُ } [النحل: 60] المتصف بكمال الحكمة المتقنة، كيف يختار لذاته ما لا يخلو عن وصمة النقصان؟!.

ثمَّ قال سبحانه: { وَلَوْ يُؤَاخِذُ ٱللَّهُ } الحكيم المتقن في أفعاله { ٱلنَّاسَ } الناسين عهود العبودية على مقتضى عدله وانتقامه { بِظُلْمِهِمْ } ومعاصبهم الصادرة عنهم دائماً { مَّا تَرَكَ عَلَيْهَا } أي: على وجه الأرض { مِن دَآبَّةٍ } أي: ذي حركة تتحرك عليها؛ إذ ما من متحرك إلاَّ وينحرف عن جادة العدالة كثيراً { وَلٰكِن يُؤَخِّرُهُمْ } ويمهلهم على مقتضى فضل وحكمته ولطفه { إلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّىٰ } أي: سمّاه الله وعينه في علمه لموتهم { فَإِذَا جَآءَ أَجَلُهُمْ } المسمى المبرم المقضى به { لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ } [النحل: 61] أي: لا يسع لهم الاستئخار والاستقدام، بل لا بدَّ أن يموتوا فيه حتماً مقضياً.

السابقالتالي
2