الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ ٱلْمَيْتَةَ وَٱلْدَّمَ وَلَحْمَ ٱلْخَنْزِيرِ وَمَآ أُهِلَّ لِغَيْرِ ٱللَّهِ بِهِ فَمَنِ ٱضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } * { وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ ٱلْكَذِبَ هَـٰذَا حَلاَلٌ وَهَـٰذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُواْ عَلَىٰ ٱللَّهِ ٱلْكَذِبَ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَىٰ ٱللَّهِ ٱلْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ } * { مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } * { وَعَلَىٰ ٱلَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا مَا قَصَصْنَا عَلَيْكَ مِن قَبْلُ وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَـٰكِن كَانُوۤاْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ } * { ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُواْ ٱلسُّوۤءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابُواْ مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوۤاْ إِنَّ رَبَّكَ مِن بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ } * { إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتاً لِلَّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ } * { شَاكِراً لأَنْعُمِهِ ٱجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } * { وَآتَيْنَاهُ فِي ٱلْدُّنْيَا حَسَنَةً وَإِنَّهُ فِي ٱلآخِرَةِ لَمِنَ ٱلصَّالِحِينَ }

{ إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ ٱلْمَيْتَةَ } أي: اعلموا ما حرَّم عليكم ربكم في دينكم إلاَّ الميتة المائتة حتف أنفه بلا تزكية وتسمية { وَٱلْدَّمَ } المسفوح السائل من الحيوانات المباحة { وَلَحْمَ ٱلْخَنْزِيرِ وَمَآ أُهِلَّ لِغَيْرِ ٱللَّهِ بِهِ } وسُمِّي عليه من أسماء الأصنام { فَمَنِ ٱضْطُرَّ } منكم أيها المؤمنون إلى أكل هذه المحرمات، حال كونه { غَيْرَ بَاغٍ } خارج على السلطان العادل، المقيم للشرائع والأحكام { وَلاَ عَادٍ } مجاوزٍ عن الحدود الشرعية لغرضٍ فاسدٍ من أنواع المعاصي، وقطع الطريق والإباق { فَإِنَّ ٱللَّهَ } المطلع على سرائر عباده وضمائرهم { غَفُورٌ } يستر زلتهم الاضطرارية { رَّحِيمٌ } [النحل: 115] يقبل توبتهم عنها.

ثمَّ نهاهم سبحانه عن التقويل بالأقوال الفاسدة من تلقاء أنفسهم، ومقتضى أهوائهم، كما يقول المشركون المسرفون، فقال: { وَلاَ تَقُولُواْ } أيها المتدينون بدين الإسلام المنزل على خير الأنام { لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ ٱلْكَذِبَ } أي: شيء نصف ومراءً، بأن تقولوا: { هَـٰذَا حَلاَلٌ وَهَـٰذَا حَرَامٌ } وتنسبوه إلى الله { لِّتَفْتَرُواْ عَلَىٰ ٱللَّهِ ٱلْكَذِبَ } تزينناً لقولكم الباطل، وترويجاً له، كما قالوا:مَا فِي بُطُونِ هَـٰذِهِ ٱلأَنْعَٰمِ خَالِصَةٌ لِّذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَىٰ أَزْوَٰجِنَا } [الأنعام: 139]، { إِنَّ ٱلَّذِينَ يَفْتَرُونَ } وينسبون { عَلَىٰ ٱللَّهِ } المنزه عن مطلق الأباطيل { ٱلْكَذِبَ } ظلماً وزوراً { لاَ يُفْلِحُونَ } [النحل: 116] ولا يفوزون بخير الدارينز

إذ نفعهم فيما يفترون ويكذبون { مَتَاعٌ قَلِيلٌ } ومنفعةً صغيرةً لا اعتداد بها { وَلَهُمْ } بسبب ذلك في النشأة الأخرى { عَذَابٌ أَلِيمٌ } [النحل: 117] مؤلمٌ مؤيدٌ لا نجاة لهم منه أصلاً.

{ وَعَلَىٰ ٱلَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا مَا قَصَصْنَا عَلَيْكَ مِن قَبْلُ } في سورة الأنعام، حيث قلنا:وَعَلَى ٱلَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ } [النعام: 146] { وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ } في تحريم ما حرمنا عليهم { وَلَـٰكِن كَانُوۤاْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ } [النحل: 118] أي: هم يظلمون أنفسهم بارتكاب المعاصي والمناهي، وترك المأمورات والمندوبات؛ لذلك عُوقبوا وأُخذوا بما أُخذوا.

{ ثُمَّ } بشِّر سبحانه على عموم أصحاب المعاصي والآثام بالعفو والمغفرة، والشفقة عليهم بعدما تابوا وندموا عما هم عليهم مخلصين، فقال لحبيبه: { إِنَّ رَبَّكَ } الذي يعثك يا أكمل الرسل إلى كافة البرايا بشيراً ونذيراً، يحسن ويرحم { لِلَّذِينَ عَمِلُواْ ٱلسُّوۤءَ } أي: الفعلة القبيحة، والديدنة الشنيعة المذمومة في الشرع، مع كونهم في حين ارتكابها ملتبسين { بِجَهَالَةٍ } ناشئةٍ من عدم التدبر والتأمل بوخامة عواقبها شرعاً مع تدينهم، وقبولهم بأحكام الشريعة، وكانوا ممن لا يؤمن، ولا يقبل ما رود به الشرع { ثُمَّ تَابُواْ } وندموا { مِن بَعْدِ } ارتكاب { ذَلِكَ } السوء { وَأَصْلَحُوۤاْ } بالتوبة والاستغفار ما أفسدوا على نفوسهم بالفساد والإصرار { إِنَّ رَبَّكَ } المحسن المفضل على التائب المخلص { مِن بَعْدِهَا } أ ي: بعد التوبة والندم { لَغَفُورٌ } يستر ذلتهم { رَّحِيمٌ } [النحل: 119] يقبل توبتهم.

ثمَّ أشار سبحانه إلى فضائل خليله - صلوات الرحمن عليه وسلامه - وكمال كرامته، نجابة فطرته، وطهارة أصله وطينته، وعلو شأ،ه ورتبته، وارتفاع قدره ومنزلته - فقال: { إِنَّ } جدّك يا أكمل الرسل { إِبْرَاهِيمَ } الذي اختاره الله لخلته، واصطفاه لرسالته { كَانَ أُمَّةً } أي: إماماً مقتدىً، لائقاً للقدوة بالأمور الدينية؛ لأنه كان { قَانِتاً } مطيعاً { لِلَّهِ } راغباً إلى امتثال مأموراته، واجتناب منهياته { حَنِيفاً } مائلاً عن الأديان الباطلة، والآراء الفاسدة { وَلَمْ يَكُ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ } [النحل: 120] في حالٍ من الأحوال.

السابقالتالي
2