الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ إِلاَّ آلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ } * { إِلاَّ ٱمْرَأَتَهُ قَدَّرْنَآ إِنَّهَا لَمِنَ ٱلْغَابِرِينَ } * { فَلَمَّا جَآءَ آلَ لُوطٍ ٱلْمُرْسَلُونَ } * { قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ مُّنكَرُونَ } * { قَالُواْ بَلْ جِئْنَاكَ بِمَا كَانُواْ فِيهِ يَمْتَرُونَ } * { وَآتَيْنَاكَ بِٱلْحَقِّ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ } * { فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِّنَ ٱلَّيلِ وَٱتَّبِعْ أَدْبَارَهُمْ وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ وَٱمْضُواْ حَيْثُ تُؤْمَرُونَ } * { وَقَضَيْنَآ إِلَيْهِ ذَلِكَ ٱلأَمْرَ أَنَّ دَابِرَ هَؤُلآءِ مَقْطُوعٌ مُّصْبِحِينَ } * { وَجَآءَ أَهْلُ ٱلْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ } * { قَالَ إِنَّ هَؤُلآءِ ضَيْفِي فَلاَ تَفْضَحُونِ } * { وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَلاَ تُخْزُونِ } * { قَالُواْ أَوَ لَمْ نَنْهَكَ عَنِ ٱلْعَالَمِينَ } * { قَالَ هَؤُلآءِ بَنَاتِي إِن كُنْتُمْ فَاعِلِينَ } * { لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ } * { فَأَخَذَتْهُمُ ٱلصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ }

{ إِلاَّ آلَ لُوطٍ } أي: أهل بيته، ومن آمن له { إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ } [الحجر: 59] لكونهم معصومين مطيعين.

{ إِلاَّ ٱمْرَأَتَهُ } المجرمة العاصية { قَدَّرْنَآ } بإعلام الله وإذنه إياه علينا { إِنَّهَا لَمِنَ ٱلْغَابِرِينَ } [الحجر: 60] الباقين مع الكفرة الهالكين؛ لكونها باقية على اعتقادهم وعنادهم.

{ فَلَمَّا جَآءَ } ودخل على طريق الضيفان { آلَ لُوطٍ ٱلْمُرْسَلُونَ } [الحجر: 61] المرد الصباح الملاح.

{ قَالَ } لوط: { إِنَّكُمْ } أيها الضيفان { قَوْمٌ مُّنكَرُونَ } [الحجر: 62] أخاف عليكم من قومي وسوء فعالهم، وقبح ديدنتهم وعادتهم، مع أني أخاف من جئتكم أيضاً على هذا الوجه، بحيث لا أرى عليكم أمارات البَشَر.

{ قَالُواْ } أي: المرسلون له: لا تخف لا علينا ولا منا؛ إذ ما جئتنا لتخويفك وتوحيشك { بَلْ جِئْنَاكَ } لنسرك ونؤيدك، وننصرك على أعدائك { بِمَا كَانُواْ فِيهِ يَمْتَرُونَ } [الحجر: 63] أي: بإثبات ما يشكّون فيه ويترددون، بل يكذبونك فيه مراء، وهو العذاب الذي توعدتَ لهم، وادعيتَ نزوله عليهم، وهم يشكّون فيه.

{ وَآتَيْنَاكَ بِٱلْحَقِّ } المطابق للواقع { وَإِنَّا لَصَادِقُونَ } [الحجر: 64] فيما قلنا لك.

والآن وقت إنجاز ما وعد الله لك من إنزال العذاب عليهم { فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ } أي: سر واذهب معهم { بِقِطْعٍ مِّنَ ٱلَّيلِ } أي: في طائفة من آنات الليل وساعاته، فقدمهم أمامك { وَٱتَّبِعْ أَدْبَارَهُمْ } وأثرهم، والعذابُ منزل عليهم عقيب خروجك بلا تراخ، وإذا كانوا خلفك أصابتهم منه { وَ } بعدما خرجتم إليهم من بينهم { لاَ يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ } خلفه، ولا ينظر إلى ما وراءه حتى لا يصيبه ما أصابهم، ولا بهوله ولا بفزعه { وَٱمْضُواْ } أيها المأمورون { حَيْثُ تُؤْمَرُونَ } [الحجر: 65].

{ وَقَضَيْنَآ إِلَيْهِ } أي: حكمنا على لوط بالوحي إليه { ذَلِكَ ٱلأَمْرَ } الفظيع الهائل، وهو { أَنَّ دَابِرَ هَؤُلآءِ مَقْطُوعٌ } يعني: إن عواقب هؤلاء المسرفين المفرطين مقطوعة مستأصلة بالمرة، حال كونهم { مُّصْبِحِينَ } [الحجر: 66] أي: حين دخول الصباح عليهم.

{ وَ } بعدما بلغ الرسل إلى لوط ما جاءوا به من قِبَل الحق { جَآءَ أَهْلُ ٱلْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ } [الحجر: 67] وهي سَدُوم، بأضياف لوط، ويستحسنوهم طامعين وقاعهم مسرعين حول بيته.

{ قَالَ } لهم لوط على مقتضى شفقة النبوة، وإن كان الأمر عنده مقضياً محتماً بلا تردد: { إِنَّ هَؤُلآءِ } المسافرين { ضَيْفِي } نزلوا في بيتي { فَلاَ تَفْضَحُونِ } [الحجر: 68] بإساءتهم؛ لأن إساءتهم وتفضيحهم عين إساءتي وتفضيحي.

{ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ } عن ارتكاب محظوراته، والركون إلى محرماته { وَلاَ تُخْزُونِ } [الحجر: 69] ولا تخجلوني منهم؛ إذ فعتلكم هذه معهم مسقطة للمروءة بالمرة.

{ قَالُواْ } في جوابه: أتنهانا اليوم عنهم كما نهيتنا عن أمثالهم فيما مضى { أَوَ لَمْ نَنْهَكَ } من قبل ألاَّ تمنعنا { عَنِ ٱلْعَالَمِينَ } [الحجر: 70] وكن في نفسك زكياً ظاهراً مهذباً، ما لك معنا وخبيثنا؟!.

ثمَّ بالغوا في الإصرار والعناد { قَالَ } لهم لوط: { هَؤُلآءِ } النسوان { بَنَاتِي إِن كُنْتُمْ فَاعِلِينَ } [الحجر: 71] فهو أولى بكم، وأظهر لقضاء وطركم.

{ لَعَمْرُكَ } يا أكمل الرسل { إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ } المنبعثة من شهوتهم المفرطة، المحيرة المدهشة لعقولهم { يَعْمَهُونَ } [الحجر: 72] ويهيمون إلى حيث لا يسمعون نصحه، فكيف يقبلونه ويفهمون؟!.

ولما لم ي تركوا الفضيحة، ولم يقبلوا النصيحة { فَأَخَذَتْهُمُ ٱلصَّيْحَةُ } الهائلة المهلكة وقت الصبيحة، حال كونهم { مُشْرِقِينَ } [الحجر: 73] داخلين وقت شروق الشمس.