الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ وَلَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ } * { وَٱلْجَآنَّ خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ مِن نَّارِ ٱلسَّمُومِ } * { وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلآئِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَراً مِّن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ } * { فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ } * { فَسَجَدَ ٱلْمَلاۤئِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ } * { إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَىٰ أَن يَكُونَ مَعَ ٱلسَّاجِدِينَ } * { قَالَ يٰإِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلاَّ تَكُونَ مَعَ ٱلسَّاجِدِينَ } * { قَالَ لَمْ أَكُن لأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ } * { قَالَ فَٱخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ } * { وَإِنَّ عَلَيْكَ ٱللَّعْنَةَ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلدِّينِ } * { قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ } * { قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ ٱلْمُنظَرِينَ } * { إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْوَقْتِ ٱلْمَعْلُومِ } * { قَالَ رَبِّ بِمَآ أَغْوَيْتَنِي لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي ٱلأَرْضِ وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ } * { إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ ٱلْمُخْلَصِينَ } * { قَالَ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ }

ثمَّ قال سبحانه امتناناً لكم، وتنبيهاً عن دناءة منشأكم، ثمَّ على شرف مكانتكم وعلو شأنكم: أيها المكلفون من الثقلين، القابلون للإيمان والمعارف { وَلَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنسَانَ } أي: أظهرنا جنسه، وقدرنا جسمه { مِن صَلْصَالٍ } أي: طين يابسٍ مصوتٍ من غاية يبسه وبقائه على حر الشمس، متخذٍ { مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ } [الحجر: 26] أي: من طين أسود منتن كريه الرائحة، يستكره ريحه جميع الحيوانات.

{ وَٱلْجَآنَّ } أي: جنسه أيضاً { خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ } أي: من قبل إيجاد الإنسان من مادة أدنى أيضاً؛ إذ هو متخذ { مِن نَّارِ ٱلسَّمُومِ } [الحجر: 27] أي: شديد الحر متناه فيه.

انظروا أيها المعتبرون إلى نشأتكم ومادتكم { وَ } اذكروا تشريف ربكم إياكم وقت { إِذْ قَالَ رَبُّكَ } يا أكمل الرسل، خصه سبحاه رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخطاب؛ للياقته وكمال استحقاقه أن يكون مخطاباً معه، كأنه لجمعية مرتبته عموم مراتب بني نوعه، عبارةُ عن جميعهم { لِلْمَلآئِكَةِ } على سبيل الإخبار والتعليم: { إِنِّي } لمطالعة جمالي وجلالي، وجميع أوصاف كمالي على التفصيل { خَالِقٌ } ومقدرُ { بَشَراً } أي: تمثالاً متخذاً { مِّن صَلْصَالٍ } متخذة { مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ } [الحجر: 28] بعيدٍ بمراحل عن مقاربتي؛ إذ هو أخس الأشياء وأدونها.

{ فَإِذَا سَوَّيْتُهُ } أي: عدلته وكملت هيكله وشكله { وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي } ورشئت عليه من رشحات نور وجودي ليكون حياً بحياتي، ومرآة لي أطالع فيها جميع أسمائي وأوصافي { فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ } [الحجر: 29] فعليكم أن تضعوا جباهكم على تراب المذلة عنده تعظيماً له وتكريماً.

ولما سمعوا الأمر الوجوبي القطعي { فَسَجَدَ ٱلْمَلاۤئِكَةُ } بلا طلب مرجح ودليل { كُلُّهُمْ } بلا خروج واحد منهم { أَجْمَعُونَ } [الحجر: 30] مجتمعون معاً بلا تقدم وتأخر، وتردد وتسويف.

{ إِلاَّ إِبْلِيسَ } الذي هو منهم تبعاً لأصالته { أَبَىٰ } عن السجود، وامتنع { أَن يَكُونَ مَعَ ٱلسَّاجِدِينَ } [الحجر: 31].

ثمَّ لما تخلف إبليس، وركن عن أمر الله { قَالَ } سبحانه توبيخاً وتقريعاً: { يٰإِبْلِيسُ مَا لَكَ } أي: أي: شيء عرض لك يا إبليس { أَلاَّ تَكُونَ مَعَ ٱلسَّاجِدِينَ } [الحجر: 32] الخاضعين الواضعين جباههم على تراب المذلة امتثالاً للأمر الوجوبي؟!.

{ قَالَ } إبليس محتجاً على الله، طالباً للرجحان والمزية على سبيل الإنكار والتعريض: { لَمْ أَكُن } أي: لم يصح مني، ولم يستحسن عني، ولم يلق لمرتبتي { لأَسْجُدَ لِبَشَرٍ } جسماني ظلماني كثيف { خَلَقْتَهُ مِن صَلْصَالٍ } أكشف وأظلم منه، وأخذت الصلصال { مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ } [الحجر: 33] لا شيء أظلم منه وأبعد عن ساحة عز القبول، والتمثالُ المشتمل على هذه الظلمات المتراكمة لا يليق أن يَخضع ويسجد له الروحاني النوراني.

قال سبحانه طرداً له وتبعيداً: إذا تخلفت يا أبليس عن أمري، وخرجت عن مقتضى حكمي { قَالَ } أيها المردود { فَٱخْرُجْ } أي: من بين الملائكة، ولا تعد نفسك من زمرتهم، فإنهم مقبولون مطيعون، وأنت مردود ومطرود { مِنْهَا } بتخلفك عن مقتضى أمرنا { فَإِنَّكَ رَجِيمٌ } [الحجر: 34] بعيد عن رحمتنا وكرامتنا.

السابقالتالي
2