الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَىٰ بِآيَاتِنَآ أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ ٱلظُّلُمَاتِ إِلَى ٱلنُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ ٱللَّهِ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ } * { وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ ٱذْكُرُواْ نِعْمَةَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنجَاكُمْ مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوۤءَ ٱلْعَذَابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَآءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَآءَكُمْ وَفِي ذٰلِكُمْ بَلاۤءٌ مِّن رَّبَّكُمْ عَظِيمٌ } * { وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ }

ثم ذكر سبحانه قصة إرسال موسى إلى قومه حيث فشا الجدال والمراء بينهم وانحرفوا عن طريق الحق؛ ليتعط به المؤمنون ويعتبروا، فقال: { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا } من مقام فضلنا وجودنا { مُوسَىٰ } المؤيد { بِآيَاتِنَآ } الباهرة مثل: العصا واليد البيضاء وسائر المعجزات الظاهرة على يده، وقلنا له { أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ } الضالين عن سواء السبيل بمتابعة الأهوية الفاسدة { مِنَ } أنواع { ٱلظُّلُمَاتِ } الطارئة عليهم من الكفر والفسوق والعصيان والتقليدات والتخمينات الناشئة من الأوهام والخيالات، المنبعثة عن الكثرة المستدعية للأنانية التي هي الظلمة الحقيقية { إِلَى ٱلنُّورِ } الحقيقي الذي هو صرافة التوحيد والوحدة الذاتية المسقطة لجميع الإضافات والكثرات { وَذَكِّرْهُمْ } أيضاً { بِأَيَّامِ ٱللَّهِ } التي مضت على الأمم الهالكة من أمثال هذه الأفعال المورثة لأنواع الظلمات؛ لعلهم يعتبروا عن سماعها وينصرفوا عما هم عليه من القبائح والذمائم { إِنَّ فِي ذٰلِكَ } أي: في ذكر تلك الوقائع الهائلة والبليات العظيمة { لآيَاتٍ } أي: دلائل واحضات وعبر { لِّكُلِّ } مؤمن معتبر من أمثاله خائف من بطش الله { صَبَّارٍ } على ما جرى عليه من قضائه { شَكُورٍ } [إبراهيم: 5] مبالغ في الشكر على ما وصل إليه من آلائه ونعمائه.

{ وَ } اذكر يا أكمل الرسل { إِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ } حين أراد تعديد نعم الله عليهم وإحسانه إليهم؛ ليستحيوا عن مخالفة أمره وترك طاعته وعبادته { ٱذْكُرُواْ } أيها المغمورون بنعم الله { نِعْمَةَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ } وقوموا لشكرها؛ أداء لحق شيء منها سيما { إِذْ أَنجَاكُمْ مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ } حين { يَسُومُونَكُمْ } ويقصدون لكم { سُوۤءَ ٱلْعَذَابِ } أي: أفضحة وأقبحة { وَ } هو أنه { يُذَبِّحُونَ أَبْنَآءَكُمْ } قمعاً وقلعاً لعرقكم { وَيَسْتَحْيُونَ نِسَآءَكُمْ } توبيخاً وتقريعاً عليكم { وَفِي ذٰلِكُمْ بَلاۤءٌ } نازل { مِّن رَّبَّكُمْ } إذ هو بإقدار الله إياهم { عَظِيمٌ } [إبراهيم: 6] لا بلاء أعظم منه.

والإنجاء عن أمثال هذا البلاء من أعظم النعماء، فعليكم أن تواظبوا لشكره { وَ } اذكروا أيضاً { إِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ } أي: أعلمكم إعلاماً بليغاً، وأوصاكم وصية عظيمة تتميماً لتربيتكم { لَئِن شَكَرْتُمْ } على ما أُعطيتم من النعم العظام وقمتم لأداء حقها { لأَزِيدَنَّكُمْ } وأضاعفنكم بأمثالها وأضعافها { وَلَئِن كَفَرْتُمْ } في مقابلة الإحسان والعطاء، فلا يلحق على أثر كفرانكم، بل { إِنَّ عَذَابِي } ونكالي على من صرف عن أمري وخرج عن إطاعتي وانقيادي { لَشَدِيدٌ } [إبراهيم: 7] مبرم محكم لا يندفع أصلاً، فعليكم أن تلازموا الشكر وتجانبوا عن الكفران.