الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ الۤر كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ ٱلنَّاسَ مِنَ ٱلظُّلُمَاتِ إِلَى ٱلنُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَىٰ صِرَاطِ ٱلْعَزِيزِ ٱلْحَمِيدِ } * { ٱللَّهِ ٱلَّذِي لَهُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ وَوَيْلٌ لِّلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ } * { ٱلَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَا عَلَى ٱلآخِرَةِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجاً أُوْلَـٰئِكَ فِي ضَلاَلٍ بَعِيدٍ } * { وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ ٱللَّهُ مَن يَشَآءُ وَيَهْدِي مَن يَشَآءُ وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ }

{ الۤر } أيها الإنسان الكامل الأحق الأليق للوامع لوائح رموزات رقائق الربوبيية بأن تنزل على قلبك بطريق الوحي والإلهام، فتذيعه بين الأنام على سبيل الإرشاد والتكميل هذا { كِتَابٌ } جامع لجميع لوامع رقائق الربوبية ودقائق لوائح الألوهية، مناسب مطابق لمرتبتك الجامعة { أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ } تأييداً لك في أمرك { لِتُخْرِجَ ٱلنَّاسَ } الناسين المقام الأصلي والمنزل الحقيقي { مِنَ ٱلظُّلُمَاتِ } الإمكانية الطبيعية الهيولانية { إِلَى ٱلنُّورِ } البحت الخالص عن شوب المادة والمدة، وليس إخراجك إياهم إلا { بِإِذْنِ رَبِّهِمْ } الذي رباهم في أصل استعداداتهم وفطرتهم بأنواع اللطف والكرم، ووفقهم على قبول ما جئت به من عند ربهم ليوصلهم { إِلَىٰ صِرَاطِ ٱلْعَزِيزِ } الغالب في أمره على مقتضى قدرته وإرادته على الوجه الأقوم الأعدل { ٱلْحَمِيدِ } [إبراهيم: 1] في فعله؛ لخلوه عن كلا طرفي الإفراط والتفريط.

وكيف لا يكون صراطه مستقيماً وأفعاله معتدلاً مقتصداً؛ إذ هو { ٱللَّهِ } المستجمع لجميع الكمالات { ٱلَّذِي لَهُ } تكوين { مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ } من الكواكب السيارات والثوابت على النمط البديع والتركيب العجيب { وَمَا فِي ٱلأَرْضِ } من العناصر والمركبات على أقوم الأزمجة وأعدله { وَوَيْلٌ } أي: طرد وتبعيد عن مرتبة التوحيد { لِّلْكَافِرِينَ } الساترين شمس الحق الظاهر بالعدالة التامة والاستحقاق بغيوم الأظلال الباطلة والعكوس العاطلة { مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ } [إبراهيم: 2] هو مسخهم وتبديلهم عن كما مظهرية الحق وخلافته إلى مرتبة الحيواناا العجم، بل إلى مربتة الجمادات التي هي أنزل المراتبأُوْلَـٰئِكَ كَٱلأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ } [الأعراف: 179].

وهم { ٱلَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَا } المستعارة التي لا مداد لها ولا قرار؛ إذ هي أظلال في ظلمة عكوس عاطلة { عَلَى ٱلآخِرَةِ } أي: على الحياة الأخروية التي هي بقاء سرمدي وحياة أزلية لا انقضاء لها أصلاً { وَ } هم مع اختيارهم وترجيحهم الحياة الفانية على الباقية { يَصُدُّونَ } ويصرفون الناس { عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ } الذي هو الإيمان بالله وبرسوله وكتابه { وَيَبْغُونَهَا عِوَجاً } أي: يطلبون أن يحدثوا فيها مع استقامتها انحرافاً { أُوْلَـٰئِكَ } الأشقياء المردودون عن طريق الحق، الساعو في الباطل مكبارة وعناداً { فِي ضَلاَلٍ بَعِيدٍ } [إبراهيم: 3] عن الهداية بمراحل بحيث لا يرجى هدياتهم أصلاً؛ لأنهم مجبولون على الضلالة الغواية في أصل فطرتهم.

{ وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ } من الرسل على أمة من الأمم { إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ } أي: ما أرسلنا إلا للغة موافقة بلغة قومه؛ ليفقهوا حديثه ويفهموا لسانه { لِيُبَيِّنَ لَهُمْ } طريق التوحيد، وبجنبهم عن خلافه وما عليه، وفي وسعه إلا البلاغ { فَيُضِلُّ ٱللَّهُ } المضل المذل لعباده { مَن يَشَآءُ } إضلاله وإذلاله على مقتضى قهره وجلاله { وَيَهْدِي مَن يَشَآءُ } هدايته على مقتضى لطفه وجماله { وَهُوَ } في ذاته { ٱلْعَزِيزُ } الغالب على ما أراد وشاء إرادة واختيار { ٱلْحَكِيمُ } [إبراهيم: 4] المتقن في فعله على مقتضى إرادته.