الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ وَلَقَدِ ٱسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِّن قَبْلِكَ فَأَمْلَيْتُ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ } * { أَفَمَنْ هُوَ قَآئِمٌ عَلَىٰ كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَجَعَلُواْ لِلَّهِ شُرَكَآءَ قُلْ سَمُّوهُمْ أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِي ٱلأَرْضِ أَم بِظَاهِرٍ مِّنَ ٱلْقَوْلِ بَلْ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ مَكْرُهُمْ وَصُدُّواْ عَنِ ٱلسَّبِيلِ وَمَن يُضْلِلِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ } * { لَّهُمْ عَذَابٌ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَلَعَذَابُ ٱلآخِرَةِ أَشَقُّ وَمَا لَهُم مِّنَ ٱللَّهِ مِن وَاقٍ } * { مَّثَلُ ٱلْجَنَّةِ ٱلَّتِي وُعِدَ ٱلْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ أُكُلُهَا دَآئِمٌ وِظِلُّهَا تِلْكَ عُقْبَىٰ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ وَّعُقْبَى ٱلْكَافِرِينَ ٱلنَّارُ }

ثم لا تحزن يا أكمل الرسل من استهزائهم وسخريتهم معك، ولا تبال بعمههم وسكرتهم وبطرهم واستهتارهم بمالهم وجاههم { وَ } الله { لَقَدِ ٱسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِّن قَبْلِكَ } أشد من اسهتزاء هؤلاء معك { فَأَمْلَيْتُ } وأملهت { لِلَّذِينَ كَفَرُواْ } أي: المستهزئين الذين كفروا حتى انهمكوا في الغفلة وتوغلوا فيها بطرين فرحين { ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ } فجأة واستأصلتهم بغتة { فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ } [الرعد: 32] مع أولئك؟ ومع هؤلاء أشد من ذلك.

ثم قال سبحانه: { أَ } ينسى الحساب وتيرك العقاب { فَمَنْ هُوَ قَآئِمٌ } أي: مطلع محاسب ورقيب حافظ { عَلَىٰ كُلِّ نَفْسٍ } من النفوس الخيرة والشريرة ليحيط { بِمَا كَسَبَتْ } إن خيراً فخير وإن شراً فشر { وَ } لا سيما الشر الذب { جَعَلُواْ لِلَّهِ } الأحد المنزه عن الشريك والولد { شُرَكَآءَ } فوق واحدة من أظلاله ومصنوعاته، مع أنه سبحانه تعالى عن ذلك علواً كبيراً { قُلْ } لهم تبكيتاً عليهم وإلزاماً لهم: { سَمُّوهُمْ } أي: تلك الشركاء باسماء، وصفوهم بصفات يستحقون بها الألوهية والربوبية { أَمْ تُنَبِّئُونَهُ } وتخبرونه { بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِي ٱلأَرْضِ } أي: بأسماء وصفات لا يعلمها في الأرض، بل لا يعلمها في السماء { أَم } سموهم { بِظَاهِرٍ مِّنَ ٱلْقَوْلِ } مجازاً بلا اعتبار المعنى الحقيقي فيهم، وبالجملة: هم عاجزون عن الكل ساكتون عنها { بَلْ } إنما { زُيِّنَ } وحسن { لِلَّذِينَ كَفَرُواْ } وأشركوا { مَكْرُهُمْ } أي: تمويههم وتلبيسهم مع علمهم ببطلانها { وَ } مع ذلك { صُدُّواْ عَنِ ٱلسَّبِيلِ } أي: قصدوا إعراض ضعفاء المؤمنين عن طريق الحق، ما هو إلا من غيهم وضلالهم في أصل فطرتهم { وَمَن يُضْلِلِ ٱللَّهُ } وأراد إضلاله { فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ } [الرعد: 33] يهديهم ويوفقهم إلى سبيل الرشاد.

بل { لَّهُمْ عَذَابٌ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا } بغفلتهم عن معرفة الله واللذات الروحانية مع عدم شعورهم بها { وَ } الله { لَعَذَابُ ٱلآخِرَةِ } حين انكشف الحال وارتفع الحجب { أَشَقُّ } وأصعب { وَ } كيف لا يكون عذاب الآخرة أشق؛ إذ { مَا لَهُم } فيها { مِّنَ ٱللَّهِ } أي: عذابه وانتقامه { مِن وَاقٍ } [الرعد: 34] أي: حافظ شفيع يشفعهم ليخفف عنهم ويحفظهم من عذابه.

ثم قال سبحانه على مقتضى سنته من تعقيب الوعيد بالوعد: { مَّثَلُ ٱلْجَنَّةِ ٱلَّتِي وُعِدَ ٱلْمُتَّقُونَ } المتحفظون نفوسهم عن ارتكاب المعاصي والآثام، المتمثلون بما أُمروا من العقائد والأحكام { تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ } لإجرائهم أ،هار المعارف والحقائق على أراضي استعداداتهم؛ لإنبات ثمرات الكشوف والشهود { أُكُلُهَا } من الرزق المعنوي والأغذية الروحانية { دَآئِمٌ } غير منقطع { وِ } كذا { ظِلُّهَا } الذي تستريحون فيه دائم غير زائل، لا انقطاع لها أصلاً كأظلال الدنيا { تِلْكَ } الجنة التي وصفت بما وصفت { عُقْبَىٰ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ } أي: عاقبة أمر المؤمنين الذين اتقوا عن محارم الله { وَّعُقْبَى ٱلْكَافِرِينَ } المصرين على ارتكاب الم عاصي والشهوات البهيمية { ٱلنَّارُ } [الرعد: 35] المعدة لهم بدل لذاتهم وشهواتهم السيئة.