الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالمَلاَئِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِّن كُلِّ بَابٍ } * { سَلاَمٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَىٰ ٱلدَّارِ } * { وَٱلَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ ٱللَّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَآ أَمَرَ ٱللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي ٱلأَرْضِ أُوْلَـٰئِكَ لَهُمُ ٱللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوۤءُ ٱلدَّارِ } * { ٱللَّهُ يَبْسُطُ ٱلرِّزْقَ لِمَنْ يَشَآءُ وَيَقَدِرُ وَفَرِحُواْ بِٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَمَا ٱلْحَيَاةُ ٱلدُّنْيَا فِي ٱلآخِرَةِ إِلاَّ مَتَاعٌ } * { وَيَقُولُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ قُلْ إِنَّ ٱللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَآءُ وَيَهْدِيۤ إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ } * { ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ ٱللَّهِ أَلاَ بِذِكْرِ ٱللَّهِ تَطْمَئِنُّ ٱلْقُلُوبُ }

ومن جملتها: { جَنَّاتُ عَدْنٍ } أي: دار إقامة وخلود { يَدْخُلُونَهَا } هم أصالة واستحقاقاً { وَ } يدخل أيضاً بشفاعتهم وتبعيتهم { مَنْ صَلَحَ } لصحبتهم ورفاقهم { مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ } ومن ينتمي إليهم { وَ } حين استقروا وتمكنوا فيها يزورهم { المَلاَئِكَةُ } ترحيباً وتعظيماً { يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِّن كُلِّ بَابٍ } [الرعد: 23] من أبواب الجنة.

قائلين: { سَلاَمٌ عَلَيْكُم } أيها الفائزون بالفلاح والنجاح { بِمَا صَبَرْتُمْ } في دار الابتلاء لأنواع المحن والبلاء { فَنِعْمَ عُقْبَىٰ ٱلدَّارِ } [الرعد: 24] أي: منزلكم ومنقلبكم في دار القرار وعواقب أموركم فيها من الفرح الدائم والسرور المستمر.

ثم بين سبحانه على مقتضى سنته من تعقيب عواقب حسن الأبرار بقبح أحوال الأسرار عواقبهم بقوله: { وَٱلَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ ٱللَّهِ } الذي عهدوا معه في بدء الوجود وأصل الفطرة { مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ } مع وثاقته وأحكامه { وَ } مع ذلك { يَقْطَعُونَ } ويتركون { مَآ أَمَرَ ٱللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ } ويحافظ عليها { وَيُفْسِدُونَ فِي ٱلأَرْضِ } بأنواع الفسادات من الظلم والزور والافتراء والمراء والمكابرة مع الأنبياء والأولياء، وسوء الظن مع أرباب المحبة والولاء { أُوْلَـٰئِكَ } المعزولون عن ساحة عن القبول { لَهُمُ ٱللَّعْنَةُ } أي: الطرد والحرمان والرد والخذلان في النشاة الأولى { وَلَهُمْ سُوۤءُ ٱلدَّارِ } [الرعد: 25] ورداءة المرجع والمآب في النشأة الأخرى.

ثم لما افتخر أهل مكة بما عندهم من الأمتعة والزخارف وبأهوائها، واستحقوا فقراء المؤمنين وشنعوا عليهم، ردَّ عليهم بكلام ناشئ عن محض الحكمة فقال: { ٱللَّهُ } المطلع لاستعدادات عباده { يَبْسُطُ } أي: يكثر ويوسع { ٱلرِّزْقَ لِمَنْ يَشَآءُ } من عباده في النشأة الأولى { وَيَقَدِرُ } أي: يقبض وينقص على من يشاء إرادة واختبار؛ حمكة منه وتدبيراً { وَ } هم بمفاخرهم ومباهاتهم بحطام الدنيا قد { فَرِحُواْ بِٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا } المستعارة التي لا قرار لها ولا ثبات بل { وَمَا ٱلْحَيَاةُ ٱلدُّنْيَا } وما يترتر عليها من اللذات الفانية والمشتهيات الغير الباقية { فِي } جانب حياة { ٱلآخِرَةِ } وما يترتب عليها من اللذات الدائمة والمئويات الباقية { إِلاَّ مَتَاعٌ } [الرعد: 26] قليل حقير، لائق به ولا يلتفت إليه.

{ وَ } من خبث طينتهم ورداءة فطرتهم { يَقُولُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } بك وبكتابك وبدينك: { لَوْلاَ } أي: هلا { أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ } ملجئة لإيماننا { مِّن رَّبِّهِ } مع أنه يدعي التأييد منه، ومع شغفه لإيماننا { قُلْ } لهم: ما عليَّ إلا البلاغ { إِنَّ ٱللَّهَ } المطلع لضمائر عباده { يُضِلُّ مَن يَشَآءُ } على مقتضى علمه وعدله لمن اراد إضلاله وانتقامه { وَيَهْدِيۤ إِلَيْهِ } على مقتضى جوده { مَنْ أَنَابَ } [الرعد: 27] إليه من ظهر القلب؛ إذ كلي ميسر لما خلق له.

{ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } بتوحيد { وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ } أي: تسكن وتستقر من دغدغة التقليد الباطل والتلوين المضمحل الزائل { بِذِكْرِ ٱللَّهِ } الواحد الأحد، المستقل في الوجود بلا اضطراب وتعدد وتردد، فقد اضمحلت وتلاشت عن صحائف خواطرهم نقوش الاعتبار والسوى مطلقاً { أَلاَ } أيها الطالبون إلى مرتبة الكشف و الشهود { بِذِكْرِ ٱللَّهِ } المسقط للإضافات { تَطْمَئِنُّ ٱلْقُلُوبُ } [الرعد: 28] وتتمكن في مقام الحضور وتستريح عن تشاويش الأوهام.