الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ لِلَّذِينَ ٱسْتَجَابُواْ لِرَبِّهِمُ ٱلْحُسْنَىٰ وَٱلَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُواْ لَهُ لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَّا فِي ٱلأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لاَفْتَدَوْاْ بِهِ أُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ سُوۤءُ ٱلْحِسَابِ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ ٱلْمِهَادُ } * { أَفَمَن يَعْلَمُ أَنَّمَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَبِّكَ ٱلْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَىٰ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُواْ ٱلأَلْبَابِ } * { ٱلَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ ٱللَّهِ وَلاَ يَنقُضُونَ ٱلْمِيثَاقَ } * { وَٱلَّذِينَ يَصِلُونَ مَآ أَمَرَ ٱللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الحِسَابِ } * { وَالَّذِينَ صَبَرُواْ ٱبْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلاَةَ وَأَنْفَقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلاَنِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِٱلْحَسَنَةِ ٱلسَّيِّئَةَ أُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ عُقْبَىٰ ٱلدَّارِ }

{ لِلَّذِينَ ٱسْتَجَابُواْ لِرَبِّهِمُ } فطلبوا منه { ٱلْحُسْنَىٰ } أي: المثوبة العظمى والمرتبة العليا معتقدين إفاضتها وإعطاءها إياهم { وَٱلَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُواْ لَهُ } مثل ماس استجاب أهل الحق ولم يعتقدوا مثل ما اعتقد أولئك المحقون لم ينالوا نصيبهم وحظهم { لَوْ أَنَّ لَهُمْ } ملك { مَّا فِي ٱلأَرْضِ } من الزخارف والأموال { جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ } بل أضعافه وأمثاله { لاَفْتَدَوْاْ بِهِ } لنيبل ما نالوا لكن لم ينالوا، بل { أُوْلَـٰئِكَ } الأشقياء المردودون عن عز القبول { لَهُمْ سُوۤءُ ٱلْحِسَابِ } يحاسبون على جميع ما صدر عنهم من النقير والقمطرير ويؤاخذون عليها { وَ } بالجملة: { مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ } الخذلان والطرد والحرمان { وَبِئْسَ ٱلْمِهَادُ } [الرعد: 18] مهد أولئك الضالين عن منهج الرشاد.

أينكر المشرك المتمرد عن متابعتك وقبول دينك؟ { أَفَمَن يَعْلَمُ } ويصدق { أَنَّمَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَبِّكَ } لتأييدك من الكتاب الجامع لما في الكتب السالفة من الأوامر والنواهي و الأمثال والرموز والإشارات هو { ٱلْحَقُّ } المطابق للواقع بلا شك وارتياب فيه { كَمَنْ هُوَ أَعْمَىٰ } عن إبصار ما يرى في الآفاق من المبصرات، بل أشد عمى منه؛ لأنه فاقد البصيرة؛ إذ لا يمكن إدراك الأمور الدينية والمعارف اليقينية إلا بها { إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ } ويتفطن بسرائر كتاب الله { أُوْلُواْ ٱلأَلْبَابِ } [الرعد: 19] المستكشفون عن لب الأمور، المعرضون عن قشوره.

ولا يحصل ذلك إلا بالبصيرة وهم { ٱلَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ ٱللَّهِ } الذي عهدوا معه حين رش رشحات نور الوجود علىأراضي استعداداتهم { وَلاَ يَنقُضُونَ ٱلْمِيثَاقَ } [الرعد: 20] الوثيق، بل يحفظونه ويواظبون على حفظه دائماً.

{ وَٱلَّذِينَ يَصِلُونَ } ويتصفون بعموم { مَآ أَمَرَ ٱللَّهُ بِهِ } من المأمورات والمرضيات والمعارف والحقائق والخصائل الجميلة والأخلاق الحميدة { أَن يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ } عن ارتكاب المنهيات والمحظورات والذمائم من الأطوار والأخلاق { رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ } من الله وعن مخالفة أمره ومقتضى نهيه { سُوءَ الحِسَابِ } [الرعد: 21] ورداءة المنقلب والمآب.

{ وَالَّذِينَ صَبَرُواْ } إذا أصابتهم مصيبة وأحاطتهم بلية { ٱبْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ } وطلب مرضاته، مسترجعين إليه سبحانه، متضرعين نحوه { وَأَقَامُواْ ٱلصَّلاَةَ } أي: أداموا الميل والتوجه إليه في جميع الأحوال والأزمان { وَأَنْفَقُواْ } للفقراء المستحقين { مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ } ووفقناهم وأقدرناهم لكسبها وجمعها { سِرّاً } أي: على وجه لا يشعر الفقير منفعة؛ لئلا يتأذى بالمن والأذى { وَعَلاَنِيَةً } على وجه يعشر به؛ لكي يبالغ المنفق في التذلل والانكسار بحيث لا يتوهم المنة أصلاً { وَ } أيضاً الذين { يَدْرَءُونَ } أي: يدفعون ويسقطون { بِٱلْحَسَنَةِ } أي: بالخصلة الحميدة والخلق المرضي { ٱلسَّيِّئَةَ } أي: الذميمة من الخصائل والأخلاق { أُوْلَـٰئِكَ } السعداء الأولياء، ذوو العهد والوفاء والخوف والرجاء، الصابرون على البلاء، الراضون بما جرى عليهم من سوء القضاء، المتوجهون إلى المولى في السراء والضراء، المنفقون لرضاه من عندهم للفقراء، حصل { لَهُمْ } حين كانوا في النشأة الأولى { عُقْبَىٰ ٱلدَّارِ } [الرعد: 22] الأخرى، أي: ما يحصل فيها من اللذات والمثوبات ورفع الدرجات ونيل المرادات.