الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَىٰ بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُّبِينٍ } * { إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَٱتَّبَعُوۤاْ أَمْرَ فِرْعَوْنَ وَمَآ أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ } * { يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ ٱلنَّارَ وَبِئْسَ ٱلْوِرْدُ ٱلْمَوْرُودُ } * { وَأُتْبِعُواْ فِي هَـٰذِهِ لَعْنَةً وَيَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ بِئْسَ ٱلرِّفْدُ ٱلْمَرْفُودُ } * { ذَلِكَ مِنْ أَنْبَآءِ ٱلْقُرَىٰ نَقُصُّهُ عَلَيْكَ مِنْهَا قَآئِمٌ وَحَصِيدٌ } * { وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَـٰكِن ظَلَمُوۤاْ أَنفُسَهُمْ فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ ٱلَّتِي يَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مِن شَيْءٍ لَّمَّا جَآءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ }

وبعدما انقرض أولئك الطغاة الغواة المنهمكين في الغي والضلال، المفسدين في الأرض بأنواع الإفساد والإضلال { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا } حين حدث على الأرض أمثال أولئك الهالكين بل أسوأهم حالاً وأقبحهم شيمة وخصالاً وأشدهم بغضاً وشيكمة على الحق وأهله، عبدنا { مُوسَىٰ } المخصص من عندنا بتكليمنا { بِآيَاتِنَا } الدالة على توحيدنا واستقلالنا في ملكنا وملكوتنا { وَسُلْطَانٍ } أي: أبدناه من عندنا بحجة واضحة وبرهان { مُّبِينٍ } [هود: 96] ظاهر الدلالة على صدقه في دعواه عند من له أدنى مسكة.

{ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ } الذي هو رأس أهل الضلال ورئيسهم إلى حيث تبعوه بالألوهية من غاية عتوه واستكباره { وَمَلَئِهِ } المعاونين له في أمره وشأنه، ثم لما أملهنا زماناً على غروره ورفعنا قدره في هذه الدنيا مسروراً؛ تغريراً عليه { فَٱتَّبَعُوۤاْ } من على الأرض { أَمْرَ فِرْعَوْنَ } وامتثلوا بمقتضاه { وَ } الحال أنه { مَآ أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ } [هود: 97] هادٍ إلى الحق، موصل إلى مقصد التوحيد، بل هو غار موصل إلى نار الخذلان وسعير الحرمان.

إذ هو بنفسه { يَقْدُمُ قَوْمَهُ } أي: يتقدم عليهم { يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ } التي انكشفت فيها السرائر واضمحلت الأوهام { فَأَوْرَدَهُمُ ٱلنَّارَ } مثل إبراهيم على ماء نيل في دار الدنيا، شبه حالهم في النشاة الأخرى بحالهم في النشأة الأولى، لذلك عبر عنه بالإيراد { وَبِئْسَ ٱلْوِرْدُ ٱلْمَوْرُودُ } [هود: 98] ونار الخذلان وجحيم الحرمان.

{ وَ } هم من غاية خبثهم وفسادهم { أُتْبِعُواْ فِي هَـٰذِهِ } النشاة { لَعْنَةً } دائمة مستمرة { وَ } يلعنون أيضاً { يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ } بأضعاف هذه اللعنة، وبالجملة: { بِئْسَ ٱلرِّفْدُ } أي: العون والعطاء { ٱلْمَرْفُودُ } [هود: 99] أي: المعان والمعطى رفدهم التي هي طردهم في الدارين ولعنهم في النشأتين.

{ ذَلِكَ } المذكور { مِنْ أَنْبَآءِ ٱلْقُرَىٰ } وأخبارهم وما جرى عليهم { نَقُصُّهُ عَلَيْكَ } بالوحي يا أكمل الرسل ليكون عبرة لك ولمن تبعك مشاهدة وتذكيراً { مِنْهَا } أي: من تلك القرى { قَآئِمٌ } جدرانها بلا سقوف { وَ } منها ما هو { حَصِيدٌ } [هود: 100] مدروس مندك، كالزرع المحصود، عفت آثاره واندرست أطلاله.

{ وَ } بالجملة: { مَا ظَلَمْنَاهُمْ } بإهلاكهم وتخريب ديارهم { وَلَـٰكِن } هم { ظَلَمُوۤاْ أَنفُسَهُمْ } باتخاذ مصنوعاتنا آلهة أمثالنا مستحقة للعابدة، ظناً منهم أن آلهتهم تنفعهم لدى الحاجة وتشفعهم وقت الشفاعة { فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ } أي: كفت ودفعت عنهم { آلِهَتُهُمُ ٱلَّتِي يَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ } ظلماً وزرواً { مِن شَيْءٍ } أي: شيئاً قليلاً من القضاء { لَّمَّا جَآءَ } أي: حين جاء { أَمْرُ رَبِّكَ } يا أكمل الرسل، وحين نزل عذابه وحل عقابه إياه، بل { وَمَا زَادُوهُمْ } آلهتهم حين حلول العذاب عليهم { غَيْرَ تَتْبِيبٍ } [هود: 101] أي: هلاك وتخسير؛ لأنهم بسبب عبادة هؤلاء صاروا مطرودين عن سعة رحمة الله وجوده.