الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ وَإِلَىٰ مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً قَالَ يٰقَوْمِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ وَلاَ تَنقُصُواْ ٱلْمِكْيَالَ وَٱلْمِيزَانَ إِنِّيۤ أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ وَإِنِّيۤ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُّحِيطٍ } * { وَيٰقَوْمِ أَوْفُواْ ٱلْمِكْيَالَ وَٱلْمِيزَانَ بِٱلْقِسْطِ وَلاَ تَبْخَسُواْ ٱلنَّاسَ أَشْيَآءَهُمْ وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي ٱلأَرْضِ مُفْسِدِينَ } * { بَقِيَّتُ ٱللَّهِ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ وَمَآ أَنَاْ عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ } * { قَالُواْ يٰشُعَيْبُ أَصَلَٰوتُكَ تَأْمُرُكَ أَن نَّتْرُكَ مَا يَعْبُدُ ءابَاؤُنَآ أَوْ أَن نَّفْعَلَ فِيۤ أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ إِنَّكَ لأَنتَ ٱلْحَلِيمُ ٱلرَّشِيدُ }

{ وَ } اذكر يا أكمل الرسل للمؤمنين المعتبرين من ذوي الاستبصار والاعتبار وقت؛ إذ أرسلنا { إِلَىٰ مَدْيَنَ } حين بالغوا التطفيف والتخسير في المكيلات والموزونات { أَخَاهُمْ } ومن شعيتهم { شُعَيْباً } المتشغب منهم، ليكون أدخل في نصحهم وأجهد في إهدائهم وإرشادهم { قَالَ يٰقَوْمِ } موصياً له، متحنناً على وجه الشفقة والنصيحة { ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ } الواحد الأحد الصمد الذي ليس له شريك في الوجود والألوهية والربوبية وتيقنوا أنه { مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ } مظهر لكم ولجميع ما ظهر وبطن غيباً وشهادة { غَيْرُهُ } بل الألوهية محصورة إليه، مقصورة له؛ إذ لا شيء سواه، ولا يستحق للعبادة إلا هو { وَ } عليكم أيها المأمورون من عنده بالاعتدال والاقتصاد في جميع الأخلاق والأفعال والأحوال أن { لاَ تَنقُصُواْ ٱلْمِكْيَالَ وَٱلْمِيزَانَ } لبني نوعكم { إِنِّيۤ أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ } أي: سعة ورفاهية غاية لكم وتفضلاً عليكم، فعليكم أن تزويدها وتديموها بالشكر والإنصاف والانتصاف على مقتضى ما أُمرتم به من عند ربكم، وإن لم تعلموا مني ونصحي ولم تقبلوا قولي { وَإِنِّيۤ أَخَافُ عَلَيْكُمْ } من غيرة الله وكمنال قهره وسطوته { عَذَابَ يَوْمٍ مُّحِيطٍ } [هود: 84] فيه عذابه على جميع أهل الزيغ والضلال، المنحرفين عن جادة الاعتدال.

{ وَ } بعدما قدم عليهم المنهي للعناية والاهتمام بشأنه، أردفه بالمأمور؛ للتأكيد والمبالغة وزيادة التقرير والإحكام، كأنه استدل عليه لمزيد إشفاقه وكمال مرحمته، فقال: { يٰقَوْمِ } إن أردتم خير الدارين ونفع النشأتين { أَوْفُواْ ٱلْمِكْيَالَ وَٱلْمِيزَانَ } على عباد الله؛ أي: لا تزيدا عليها ولا تنقصوا منها؛ إذ الطرفان كلاهما مذمومان، بل أوفوهما { بِٱلْقِسْطِ } والعدل { وَ } عليكم أن { لاَ تَبْخَسُواْ } ولا تنقضوا { ٱلنَّاسَ أَشْيَآءَهُمْ } في حال من الأحوال { وَ } بالجملة: { لاَ تَعْثَوْاْ فِي ٱلأَرْضِ مُفْسِدِينَ } [هود: 85] أي: لا تظهروا عليها بالخداع والحيف والبخس والتطفيف.

{ بَقِيَّتُ ٱللَّهِ } التي قدرها في سابق حضرة علمه { خَيْرٌ لَّكُمْ } ومزيد مما لكم من تطفيفكم وتنقيصكم { إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ } بالله وبتدبيراته وتقديراته { وَ } اعلموا يا قوم إني { مَآ أَنَاْ عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ } [هود: 86] يحفظكم عن جميع ما لا يعينكم، بل أنا مبلغ ما أُرسلت به إليكم، فلكم الامتثال والتوفيق من الله الكبير المتعالِ.

ثم لما سمعوا منه ما سمعوا { قَالُواْ } مستهزئين متهكيمن { يٰشُعَيْبُ } المدعي دعوة الخلق إلى الحق { أَصَلَٰوتُكَ } الكثيرة التي تصليها في خلواتك { تَأْمُرُكَ أَن نَّتْرُكَ مَا يَعْبُدُ ءابَاؤُنَآ } من الأصنام والأوثان { أَوْ أَن نَّفْعَلَ فِيۤ أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ } أي: تأمرك صلواتك أن نترك أفعالنا الت كنا كعلمنا بها في ازدياد أموالنا حسب إراداتنا واختيارنا { إِنَّكَ } أيها الداعي للخلق إلى الحق { لأَنتَ ٱلْحَلِيمُ } ذو الحلم والكرم، ولا تعجل في الانتقام { ٱلرَّشِيدُ } [هود: 87] العاقل، لا تتكدر بمثل هذه الأوهام، قالوا له هذا استهزاء وسخرية.