الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ قَالَ يٰقَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَىٰ بَيِّنَةً مِّن رَّبِّي وَآتَانِي مِنْهُ رَحْمَةً فَمَن يَنصُرُنِي مِنَ ٱللَّهِ إِنْ عَصَيْتُهُ فَمَا تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ } * { وَيٰقَوْمِ هَـٰذِهِ نَاقَةُ ٱللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِيۤ أَرْضِ ٱللَّهِ وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوۤءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ قَرِيبٌ } * { فَعَقَرُوهَا فَقَالَ تَمَتَّعُواْ فِي دَارِكُمْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ ذٰلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ } * { فَلَمَّا جَآءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا صَالِحاً وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ ٱلْقَوِيُّ ٱلْعَزِيزُ } * { وَأَخَذَ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ ٱلصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ } * { كَأَن لَّمْ يَغْنَوْاْ فِيهَآ أَلاَ إِنَّ ثَمُودَ كَفرُواْ رَبَّهُمْ أَلاَ بُعْداً لِّثَمُودَ }

{ قَالَ يٰقَوْمِ أَرَأَيْتُمْ } أي: أخبروني { إِن كُنتُ } جئت لكم ملتبساً { عَلَىٰ بَيِّنَةً } واضحةٍ دالة على صدق ما ادعيت نازلةٍ { مِّن } عند { رَّبِّي } لتصديقي وتأييدي { وَ } الحال أني قد { آتَانِي مِنْهُ رَحْمَةً } نبوة ورسالة تامة، مؤيدة بأنواع المعجزات { فَمَن يَنصُرُنِي } ويمنعني { مِنَ } عذاب { ٱللَّهِ إِنْ عَصَيْتُهُ } في تبليغ رسالته وإظهار ما أمرني بظهوره وأوصاني بنشره { فَمَا تَزِيدُونَنِي } حين ابتلائي وأخذ الله إياي بعصياني { غَيْرَ تَخْسِيرٍ } [هود: 63] على تخسير وتخذيل على تخذيل.

{ وَ } بعدما آيس عن إيمانهم قال: { يٰقَوْمِ هَـٰذِهِ نَاقَةُ ٱللَّهِ لَكُمْ آيَةً } دالة على صدقي في دعواي وتأييد الله إياي { فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِيۤ أَرْضِ ٱللَّهِ } مسلمة بلا منع وإباء { وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوۤءٍ } لأجل الماء والكلأ { فَيَأْخُذَكُمْ } ويلحقكم بعدما أصبتموها بسوء { عَذَابٌ قَرِيبٌ } [هود: 64] أجله وحلولهن، وبعدما ظهرت الناقة بين أظهرهم وأكلت كلأهم وشربت ماءهم فتضروا منها وشاوروا في أمرها وتقرر رأيهم إلى قتلها { فَعَقَرُوهَا } وهلوكها ظلماً وزوراً { فَقَالَ } صالح بعدما وقع الواقعة الهائلة: { تَمَتَّعُواْ فِي دَارِكُمْ } أي: عيشوا فيها بعدما خالقتم حكم الله وآتيتم بما نهيتم { ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ } الأربعاء والخميس والجمة، فوادعوا فيها وتوادعوا، واعلموا أن { ذٰلِكَ وَعْدٌ } أوحي إلى من ربي { غَيْرُ مَكْذُوبٍ } [هود: 65] أي: غير منسوب إلى الكذب، بل مصدق متيقن فلا تشكوا.

{ فَلَمَّا جَآءَ أَمْرُنَا } بالعذاب المهلك بعد انقضاء الأيام الثلاثة التي ظهرت فيها علاماته من اصفرار في وجوههم في اليوم الأول، واحمرارها في الثاني، واسودادها في الثالث { نَجَّيْنَا } من فضلنا وجودنا { صَالِحاً } الذي صلح نفسه وأصلح نفوسهم، فمل يقبلوا إصلاحه، بل أفسدوها بأنفهسم { وَ } نجينا أيضاً منهم { ٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ } وصلحوا بإصلاحه { بِرَحْمَةٍ } نازلة { مِّنَّا } على قلوبهم؛ ليوفقوا بها على قبول دعوته والإيمان به، وبسبب إيمانهم نجوا من خزي النشاة الأخرى { وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ } أيضاً { إِنَّ رَبَّكَ } يا أكمل الرسل الموفق لهم على الإيمان والإذعان { هُوَ ٱلْقَوِيُّ } المحصور على القوة والقدرة؛ إذ لا حول ولا وقة إلا به { ٱلْعَزِيزُ } [هود: 66] الغالب على إمضائه وإنفاذه حيث أراد وشاء.

{ وَ } بعدما أنجاهم الله بلطفه { أَخَذَ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ } أنفسهم بالعتو والفساد { ٱلصَّيْحَةُ } الهائلة التي وعدها الله لإهلاكهم { فَأَصْبَحُواْ } بعدما سمعوا الصيحة في أثناء الليل { فِي دِيَارِهِمْ } التي صاروا متمتعين فيها { جَاثِمِينَ } [هود: 67] جامدين ميتين.

{ كَأَن لَّمْ يَغْنَوْاْ } ولم يسكنوا { فِيهَآ } أصلاً، ونادى عند وقوع الواقعة الهائلة أصحاب الاعتبار والاستبصار: { أَلاَ إِنَّ ثَمُودَ كَفرُواْ رَبَّهُمْ } بكفران نعمه وتكذيب رسله { أَلاَ بُعْداً لِّثَمُودَ } [هود: 68] ع سعة رحمة الحق في النشأة الأولى والأخرى.

وبعدما انقرض أولئك الهالكون حدث بعدهم قوة لوط المبالغون في الغفلة القبيحة غقلاً ونقلاً، المصرون عليها إلى أن أخذناهم بما أخذناهم.