الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ إِن نَّقُولُ إِلاَّ ٱعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوۤءٍ قَالَ إِنِّيۤ أُشْهِدُ ٱللَّهَ وَٱشْهَدُوۤاْ أَنِّي بَرِيۤءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ } * { مِن دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعاً ثُمَّ لاَ تُنظِرُونِ } * { إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى ٱللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَّا مِن دَآبَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَآ إِنَّ رَبِّي عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } * { فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ مَّآ أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْماً غَيْرَكُمْ وَلاَ تَضُرُّونَهُ شَيْئاً إِنَّ رَبِّي عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ } * { وَلَمَّا جَآءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا هُوداً وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وَنَجَّيْنَاهُمْ مِّنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ }

بل { إِن نَّقُولُ } أي: ما تقول في حقك { إِلاَّ ٱعْتَرَاكَ } أي: سوى هذا القو وهو أنك أصابك ورماك { بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوۤءٍ } جنون وخفة عقل واختال حال، وكنت أنت تسيء الأدب معهم، وتذكرهم وتهيجهم بما لا يليق بجنابهم، ولذلك أصابوك واستخفوا عقلك، وبعدما سمع هود ما سمع، آيس من إيمانهم وهدايتهم { قَالَ } مبرئاً أولاً لنفسه من الشرك، إمحاضاً للنصح: { إِنِّيۤ أُشْهِدُ ٱللَّهَ } العالم بسري وإعلاني وخفيات إسراري { وَٱشْهَدُوۤاْ } أنتم أيضاً أيها الهالكون في تيه الغفلة والغرور علي { أَنِّي بَرِيۤءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ } [هود: 54] الله الواحد الأحد الصمد الذي ليس له شريك في الوجود أصلاً من الأظلال الهالكة والتماثيل الباطلة المتخذة { مِن دُونِهِ } آلهة سواه { فَكِيدُونِي } أي: فعليكم أيها الحمقى المنحطين عن زمرة الغقلاء بعدما سمعتم قولي وحققتم براءتي أن تمكروني وتصيبوني أنتم وشركاؤكم { جَمِيعاً ثُمَّ } بعد اليوم { لاَ تُنظِرُونِ } [هود: 55] أي: لا تمهلون في أمري ولا في مكري.

{ إِنِّي } بعدما { تَوَكَّلْتُ عَلَى ٱللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ } لا أبالي بكم وبشركائكم، ولا تحزن لمكرهم ومكركم بعدما أتمكن مقر التوحيد؛ إذ { مَّا مِن دَآبَّةٍ } يتحرك على الأرض { إِلاَّ هُوَ } سبحانه بذاته { آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَآ } أي: وجودها التي تلي الحق يقودها ويتصرف بها كيف يشاء حسب إرادته اختياراً { إِنَّ رَبِّي } في جميع شئونه وتطوراته { عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } [هود: 56] لا عوج له أصلاً.

{ فَإِن تَوَلَّوْاْ } أي: تتولوا وتعرضوا عما جئت به من ربي { فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ مَّآ أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ } واجتهدت في تبليغه وبذلت وسعي فيه، فاعلموا أنه لا يبالي الله في إعراضكم وإصراركم، بل إن شاء يستأصلكم { وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْماً غَيْرَكُمْ } ليتعظوا ويعتبروا منكم { وَ } أنتم بإعراضكم عنه سبحانه { لاَ تَضُرُّونَهُ شَيْئاً } من الأضرار، لا بالله ولا بي { إِنَّ رَبِّي } من كمال جوده وسعة رحمته { عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ } كائن في حيطة جوده ووجوده { حَفِيظٌ } [هود: 57] رقيب قريب.

{ وَلَمَّا } تمادوا في الغفلة والإعراض، وبالغوا في الإصرار والاستكبار { جَآءَ أَمْرُنَا } بالريح، فعصفت عليهم السموم، وكانت تدخل من أنوفهم وأفواههم فقطعت أمعاءهم فهلكوا، ولما أخذناهم بما أخذناهم { نَجَّيْنَا } من مقام جودنا { هُوداً } الداعي لهم إلى سبيل الحق { وَ } نجينا أيضاً { ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } منهم { مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا } تفضلاً عليهم وامتناناً { وَ } ما اقتصرنا على إنجائهم، بل { نَجَّيْنَاهُمْ } كرامة منا إياهم { مِّنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ } [هود: 58] معد لأولئك الكفرة في النشأة الأخرى.