الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ وَقِيلَ يٰأَرْضُ ٱبْلَعِي مَآءَكِ وَيٰسَمَآءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ ٱلْمَآءُ وَقُضِيَ ٱلأَمْرُ وَٱسْتَوَتْ عَلَى ٱلْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْداً لِّلْقَوْمِ ٱلظَّالِمِينَ } * { وَنَادَى نُوحٌ رَّبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ٱبْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ ٱلْحَقُّ وَأَنتَ أَحْكَمُ ٱلْحَاكِمِينَ } * { قَالَ يٰنُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلاَ تَسْئَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّيۤ أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ ٱلْجَاهِلِينَ } * { قَالَ رَبِّ إِنِّيۤ أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلاَّ تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِيۤ أَكُن مِّنَ ٱلْخَاسِرِينَ } * { قِيلَ يٰنُوحُ ٱهْبِطْ بِسَلاَمٍ مِّنَّا وَبَركَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَىٰ أُمَمٍ مِّمَّن مَّعَكَ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ } * { تِلْكَ مِنْ أَنْبَآءِ ٱلْغَيْبِ نُوحِيهَآ إِلَيْكَ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَآ أَنتَ وَلاَ قَوْمُكَ مِن قَبْلِ هَـٰذَا فَٱصْبِرْ إِنَّ ٱلْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ }

{ وَ } بعدما انبسط الماء على وجه الأرض، وعلا على أعالي الجبال وأقلال الرواسي وهلك من عليها { قِيلَ } من وراء سرادقات العز والجلال منادياً آمراً على الأرض والسماء مثل النداء على ذوي العقول المكلفين المبادرين إلى امتثال الأوامر: { يٰأَرْضُ } النابعة للماء المخرجة له { ٱبْلَعِي مَآءَكِ } أي: انشقي ما نبع عنك من الماء { وَيٰسَمَآءُ } الماطرة الهامرة { أَقْلِعِي } وأمسكي ماءكم ولا تمطري؛ إذ يمطر لماء مثلما نبع من الأرض { وَ } بعد ورود الأمر الإلهي { غِيضَ ٱلْمَآءُ } ونقص بنشف الأرض وإمساك السماء { وَقُضِيَ ٱلأَمْرُ } الموعود الذي هو إهلاك الكفار وإنجاء المؤمنين { وَ } بعد انقضاء المأمور وإنجاز الموعود { ٱسْتَوَتْ } السفينة واستقرت { عَلَى ٱلْجُودِيِّ } جبل بالموصل، وقيل: بالشام، وقيل: أو آمل.

روي أنه عليه السلام ركب السفينة عاشر رجب، ونزل عليها عاشر المحرم، فصام ذلك اليوم، فصار سنة له على من بعده، وهو يوم عاشوراء { وَ } بعد إهلاك ألئك العصاة الغواة الكفرة { قِيلَ } من قبل الحق: { بُعْداً } أي: مقتاً وهلاكاً { لِّلْقَوْمِ ٱلظَّالِمِينَ } [هود: 44] الخارجين عن مقتضى الوحي الإلهي، المكذبين لرسله، وطرداً لهم عن ساحة الحضور بحيث لا يرجى قربهم أصلاً.

{ وَ } بعدما وقع ما وقع { نَادَى } وناجى { نُوحٌ رَّبَّهُ } باثاً له شكواه في حق ابنه { فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ٱبْنِي } أيضاً { مِنْ أَهْلِي } وأنتم بفضلك وعدتني بإنجاء أهلي { وَإِنَّ وَعْدَكَ } الذي به { ٱلْحَقُّ } الصدق لا خلف فيه { وَأَنتَ أَحْكَمُ ٱلْحَاكِمِينَ } [هود: 45] أي: أقسطهم وأعدلهم بأحكام جميع الحكام راجع إليك.

{ قَالَ } سبحانه مجيباً له مزيلاً لشكواه: { يٰنُوحُ إِنَّهُ } بسبب اعتزاله عنك ون دينك { لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ } إذ لا قرابة ولا ألفة بين المؤمن والكافر، وكيف يكون من أهلك { إِنَّهُ } من غابة فسقه وفساده { عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ } كأنه مغمور فيه مجسم منه لا يرجى صلاحه أصلاً { فَلاَ تَسْئَلْنِ } متعرضاً معترضاً على { مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ } لوروده علي { إِنِّيۤ أَعِظُكَ } وأذكر لك { أَن تَكُونَ مِنَ ٱلْجَاهِلِينَ } [هود: 46] أي: كونك بذهولك عما نبهت عليك بالاستثناء السابق؛ يعنيإِلاَّ مَن سَبَقَ عَلَيْهِ ٱلْقَوْلُ } [هود: 40].

{ قَالَ } نوح معتذراً إلى ربه، مستحيياً منه: { رَبِّ إِنِّيۤ } بعد ظهور خطئي وذلتي { أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ } بعد هذا { مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ } أي: { وَإِلاَّ تَغْفِرْ لِي } زلتي وسوء أدبي { وَ } لم { تَرْحَمْنِيۤ } بفضلك وجودك { أَكُن مِّنَ ٱلْخَاسِرِينَ } [هود: 47] خسراناً مبيناً.

{ قِيلَ } من بل الله بعدما غاض الماء واستوت السفينة وانكشفت الأرض ويبست: { يٰنُوحُ ٱهْبِطْ } انزل من السفينة أنت ومن معك وما معك مقروناً { بِسَلاَمٍ } أي: سلامة ونجاة وأمن ناشئ { مِّنَّا } عليك تفضلاً وامتناناً { وَبَركَاتٍ } أي: خيرات ومبرات كثيرة نازلةٍ منا { عَلَيْكَ } أصالة { وَعَلَىٰ أُمَمٍ مِّمَّن مَّعَكَ } تبعاً، سماهم أمماً باعتبار المآل { وَ } من ذرية من معك { أُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ } ونربيهم في النشأة الأولى بأنواع النعم { ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِّنَّا } في النشأة الأخرى بسبب كفرهم وفسقهم { عَذَابٌ أَلِيمٌ } [هود: 48] مؤلم بدل ما يتلذذون بنعم الدنيا، ويكفرون بها.

السابقالتالي
2