الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ الۤر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ } * { أَلاَّ تَعْبُدُوۤاْ إِلاَّ ٱللَّهَ إِنَّنِي لَكُمْ مِّنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ } * { وَأَنِ ٱسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوۤاْ إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَّتَاعاً حَسَناً إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنِّيۤ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ } * { إِلَى ٱللَّهِ مَرْجِعُكُمْ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } * { أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُواْ مِنْهُ أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ } * { وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي ٱلأَرْضِ إِلاَّ عَلَى ٱللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ }

{ الۤر } أيها الإنسان الأحق الأليق لإعلاء الواء لوازم الألوهية وارتفاع رايات رموز أسرار الربوبية بين الأنام بالبيان والتبيان هذا { كِتَابٌ } أنزل إليك لتأييدك في أمرك، مصدق لما في الكتب السالفة جامع لأحكامها { أُحْكِمَتْ } ونظمت { آيَاتُهُ } أشد تنظيم وأبلغ إحكام وإتقان بحيث لا يعرضه خلل واختلال لا في معناه ولا في لفظه؛ لذلك عجزت عن معارضته جميع أرباب اللسن والفصاحة مع وفور وعيهم { ثُمَّ } بعد إحكامه لفظاً ومعنى { فُصِّلَتْ } وأوضحت فيه من المعارف والحقائق والأحكام المتعلقة بالعقائد والعلوم اليقينية، والقصص المشيرة إلى العبر والمواعظ والأمثال المشعرة إلى الرموز والإشارات { مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ } متقن في أفعاله { خَبِيرٍ } [هود: 1] يصدر عنه الأفعال على وجه الخبرة والاعتبار.

وحكم فيه { أَلاَّ تَعْبُدُوۤاْ } أيها المجبولون على العبادة في الفطرة الأصلية { إِلاَّ ٱللَّهَ } الواحد الأحد الصمد، الذي أوجدكم من كتم العدم باستقلاله إيجاداً إبداعياً، وقل لهم يا أكمل الرسل تبشيراً وتنبيهاً { إِنَّنِي } مع كوني من جملتكم { لَكُمْ مِّنْهُ } أي: من الله المتوحد بذاته بأمره ووحيه { نَذِيرٌ } أنذركم عما يبعدكم عن الحق، حتى لا تستحقوا عذابه وعقابه { وَبَشِيرٌ } [هود: 2] أبشركم ما يقربكم إلى جنابه، حتى تستحقوا الفوز العظيم من عنده.

{ وَ } حكم فيه أيضاً { أَنِ ٱسْتَغْفِرُواْ } واسترجعوا في فرطاتكم { رَبَّكُمْ } الذي أوجدكم على فطرة المعرفة والتوحيد { ثُمَّ تُوبُوۤاْ إِلَيْهِ } وتوصلوا به بعد رفع حجب الأنانية عن البين، وكشف سدل التعينات الوهمية عن العين { يُمَتِّعْكُمْ } بعد اضمحلال رسومكم وتلاشي هوياتكم في هويته بالرزق المعنوي والغذاء الحقيقي من عنده { مَّتَاعاً حَسَناً } على مقتضى نشأته وأوصافه وأسمائه وتطورات تجلياته الجمالية والجلالية { إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى } هو الطامة الكبرى التي انقهرت دونها توهمات الأظلال وتخيلات السوى والأغيار.

{ وَ } بعد تسييركم وتنزيلكم من عالم الغيب متنازلين إلى عالم الشهادة لاقتراف الحقائق والمعارف، وترجيعكم منها إليها متصادعين إظهاراً لقدرته وبسطته { يُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ } أي: لؤت ويعط كلاً من ذوي العناية الموفقين على الهداية التي جبلوا لأجلها { فَضْلَهُ } أي: حقه وجزاءه، أي: قبل منهم ما اكتسبوا من الحقائق والمعارف والمكاشفات والمشاهدات وأقرهم في النهاية على مقر نزولا منه في الهداية { وَ } قل لهم يا أكمل الرسل إمحاضاً للنصح: { إِن تَوَلَّوْاْ } وتعرضوا وتنصرفوا أيها المجبولون على التكليف عن مقتضى إنذاري وتبشيري { فَإِنِّيۤ } في غاية إشفاقي لكم وتحنني نحوكم { أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ } [هود: 4] أي: نزول العذاب يوم العرض الأكبر الذي أشرقت فيه شمس الذات إلى حيث اضمحلت الأظلال والعكوس مطلقاً، ونودي من وراء سرادقات العز والجلال بلا تزاحكم الأظلال والأغيار:لِّمَنِ ٱلْمُلْكُ ٱلْيَوْمَ } واجباً أيضاً من ورائها:لِلَّهِ ٱلْوَاحِدِ ٱلْقَهَّارِ } [غافر: 16].

واعلموا أيها الأظلال المقهورة { إِلَى ٱللَّهِ } الواحد الأحد الصمد، المتجلي في الآفاق بالاستقلال والاستحقاق { مَرْجِعُكُمْ } ورجوعكم رجوع الظل إلى ذي الظل والعكوس إلى ما انعكس منها { وَهُوَ } سبحانه في ذاته قاهر فوق عباده { عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ } من صور العذاب والانتقام { قَدِيرٌ } [هود: 4] لا يخرج عن حيطة قدرته شيء، ولا يعزب عن علمه معلوم، مما جرى عليهم من الأحوال.

السابقالتالي
2