الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ ثُمَّ بَعَثْنَا مِن بَعْدِهِ رُسُلاً إِلَىٰ قَوْمِهِمْ فَجَآءُوهُمْ بِٱلْبَيِّنَٰتِ فَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ بِمَا كَذَّبُواْ بِهِ مِن قَبْلُ كَذَٰلِكَ نَطْبَعُ عَلَىٰ قُلوبِ ٱلْمُعْتَدِينَ } * { ثُمَّ بَعَثْنَا مِن بَعْدِهِمْ مُّوسَىٰ وَهَـٰرُونَ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَمَلإِيْهِ بِآيَـٰتِنَا فَٱسْتَكْبَرُواْ وَكَانُواْ قَوْماً مُّجْرِمِينَ } * { فَلَمَّا جَآءَهُمُ ٱلْحَقُّ مِنْ عِندِنَا قَالُوۤاْ إِنَّ هَـٰذَا لَسِحْرٌ مُّبِينٌ } * { قَالَ مُوسَىٰ أَتقُولُونَ لِلْحَقِّ لَمَّا جَآءَكُمْ أَسِحْرٌ هَـٰذَا وَلاَ يُفْلِحُ ٱلسَّاحِرُونَ } * { قَالُوۤاْ أَجِئْتَنَا لِتَلْفِتَنَا عَمَّا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا وَتَكُونَ لَكُمَا ٱلْكِبْرِيَآءُ فِي ٱلأَرْضِ وَمَا نَحْنُ لَكُمَا بِمُؤْمِنِينَ }

{ ثُمَّ } لما ازداد الخلفاء الناجون، وتشعبوا أمماً وأحزاباً ودار عليم الأدوار فصاروا منصرفين عن طريق الحق، مائلين عن سبيل الرشاد { بَعَثْنَا } لإصلاح أحوالهم { مِن بَعْدِهِ } أي: بعد نوح { رُسُلاً } منهم كل واحد من الرسل { إِلَىٰ قَوْمِهِمْ فَجَآءُوهُمْ بِٱلْبَيِّنَٰتِ } الواضحة والمعجزات الساطعة القاطعة المثبتة لدعواهم { فَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ } أي: فما تيسر لهم وضح عندهم وثبت لديهم أن يؤمنوا ويصدقوا { بِمَا كَذَّبُواْ بِهِ مِن قَبْلُ } أي: قبل بعثة الرسل، بل أصروا على ما هوم عليه، واعتادوا له بلا تغيير وتبديل لتركيب جهلهم المركوز في جبلتهم وخباثة طينتهم { كَذَٰلِكَ نَطْبَعُ } ونخختم بختام الغفلة والنسيان { عَلَىٰ قُلوبِ ٱلْمُعْتَدِينَ } [يونس: 74] المجاوزين عن حدود الله، الراسخين على التجاوز والعدوان.

{ ثُمَّ } لما عتوا منهم من عتوا وأخذنا منهم من أخذنا { بَعَثْنَا مِن بَعْدِهِمْ } أي: بعد أولئك الرسل الماضين { مُّوسَىٰ وَهَـٰرُونَ } الذي هو أخوه وظهيره { إِلَىٰ فِرْعَوْنَ } المبالغ في العتو والعناد إلى حيث ادعى الربوبية لنفسه بقوله: أنا ربكم الأعلى { وَمَلإِيْهِ } المؤمنين له المعاونين لشأنه { بِآيَـٰتِنَا } الدالة على استقلالنا في الآثار وتفردنا في الألوهية والربوبية وعلى صدق رسولنا في جميع ما جاء به من عندنا { فَٱسْتَكْبَرُواْ } عن الانقياد، واستقبلوا بالتكذيب والعناد { وَ } هم في سابق علمنا: { كَانُواْ قَوْماً مُّجْرِمِينَ } [يونس: 75] بأعظم الجرائم مستحقين بأشد العذاب؛ لذلك أظهروا ما في استعداداهم وقابليتهم.

{ فَلَمَّا جَآءَهُمُ ٱلْحَقُّ } الحقيق بالاتباع والانقياد { مِنْ عِندِنَا } بعدما عارضوا معه وقابلوا بمعجزاته ما قابلوا { قَالُوۤاْ } من فرط عتوهم وعنادهم بدل ما صدقوه وآمنوا به بعد ظهور أمره وشأنه: { إِنَّ هَـٰذَا } الذي جاء به هذا الساحر الكذاب { لَسِحْرٌ مُّبِينٌ } [يونس: 76] عظيم ظاهر فائق على سحر جميع السحرة.

{ قَالَ مُوسَىٰ } بعدما سمع قولهم هذا يسأل عن إيمانهم، متحسراً متحزناً على متقضى شفقهة النبوة، موبخاً لهم على وجه الفطنة والتذكير: { أَتقُولُونَ } أيها الحمقى { لِلْحَقِّ } الصريح الثابت الصحيح { لَمَّا جَآءَكُمْ } لإصلاح حالكم ليورث في قلوبكم تصديقاً لوحدانية ربكم: إنه سحر باطل { أَ } ما تستحيون من الله ولا تنصفون وتقولون: { سِحْرٌ هَـٰذَا وَ } الحال أنه { لاَ يُفْلِحُ } ولا يفوز بالخير { ٱلسَّاحِرُونَ } [يونس: 77] وهذا خير كله عاجلاً وآجلاً، وفرز بالفلاح والنجاح.

{ قَالُوۤاْ } على سبيل المكابرة بعدما سمعوا من موسى قوله ونصحه: { أَجِئْتَنَا } أيها الساحر الكذاب { لِتَلْفِتَنَا } وتصرفنا { عَمَّا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا } وأسلافنا { وَ } اشتهيت أن { تَكُونَ لَكُمَا ٱلْكِبْرِيَآءُ } والعظمة { فِي ٱلأَرْضِ } التي كنا عليها مستقرين { وَ } اذهبا إلى حيث شئتما { مَا نَحْنُ لَكُمَا بِمُؤْمِنِينَ } [يونس: 78] مصدقين منقادين.